كشف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في مؤتمر صحافي عقده مساء الإثنين 9-8-2010، عن صور رصدتها طائرات استطلاع إسرائيلية لموقع اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، معتبراً أنها تمثل "قرائن ومعطيات (..) وليست أدلة قاطعة"، حول ضلوع إسرائيل في الجريمة.
وعلى مدى ساعتين ونصف، استعرض نصر الله صوراً التقطها الحزب من طائرات الاستطلاع الإسرائيلية، في أوقات مختلفة، ومن زوايا ومسافات متنوعة، ترصد الطريق الذي كان يسلكه موكب الحريري قبل اغتياله يوم 14 شباط (فبراير) 2005، في انفجار سيارة مفخخة.
بعدها تم عرض فيديو عن استطلاع إسرائيلي جوي لمدينة بيروت، وقصر الحريري في قريطم والسراي الحكومي في الصنائع ونقطة استهداف الحريري قرب السان جورج.
واعتبر نصر الله أن هذه "القرائن والمعطيات التي اُبرزت الليلة ممكن أن تفتح باب التحقيق مع الإسرائيليين".
كما تحدث عن تواجد من وصفه بـ"أحد العملاء التنفيذيين، وهو غسان جرجس الجدّ، الذي كان متواجداً في السان جورج قبل يوم واحد من الاغتيال، ولكن هذا العميل فر من لبنان قبل اعتقاله في العام 2009".
وتابع "لدينا معطيات مؤكدة ترتبط بحركة الجو للعدو الإسرائيلي في 13و14 شباط 2005، حيث سجل تحليق مكثف للطائرات الحربية وطائرات الاستطلاع".
واعتبر الأمين العام لحزب الله أن "التصوير من زوايا مختلفة ومن مواقع مختلفة وفي أوقات مختلفة هو دليل للإعداد" لعملية اغتيال، مشدداً رغم ذلك على أن هذه الصور تشكل "قرائن ظنية وليست أدلة قطعية، ويجب أن تفتح الباب أمام آفاق جديدة" في التحقيق الدولي في القضية.
وفي تعليق على المؤتمر الصحافي، قال المحلل السياسي اللبناني طوني فرنسيس، في اتصال مباشر مع "العربية"، إن "هذه المعطيات تصلح للبحث من قبل لجنة التحقيق، فهذا ليس فقط دفاعاً عن حزب الله، بل محاولة للتأكيد بوقوف إسرائيل حول الاغتيال"، معتبراً أن "ما قيل لا يرتفع إلى مستوى ما كان متوقعاً".
ولفت إلى أن "الجانب التحليلي كان طاغياً لأن الحزب يقود معركة الدفاع عن صورة حزب الله، فاتهام إسرائيل يتمد لمحاولتها اغتيال شخصيات أخرى، منها سمير جعجع، للقول إن إسرائيل تستهدف الجميع".
كشف "سرّ أنصارية"
وفي معرض عرض الصور التي قال إنها رصد إسرائيلي لأماكن تواجد الحريري، شرح أمين عام حزب الله كيفية نجاح عناصره، في العام 1997، من التقاط بث طائرة التجسس MK، خلال قيامها بعمليات تصوير في جنوب لبنان، وترسل الصور إلى إسرائيل.
وقال نصر الله "تمكنا من الدخول على خط هذا الإرسال، وأصبح هناك إمكانية أن تصل مباشرة إلى غرفة عملياتنا. وهذا كان إنجازاً فنياً".
وتابع "بعد حادثة أنصارية، اتخذ العدو إجراءات احتياطية فقام بتشفير البث. التقط الإخوة صوراً جوية لطائرة استطلاع إسرائيلية تصور من الشاطئ باتجاه البساتين، وتمشي لتصل إلى أنصارية. فتوقعنا نية إسرائيل القيام بعملية في المنطقة، ونصبنا كمائن في عدة أماكن. وفي 5 أيلول 1997 جاء كوماندوس إسرائيلي وسار في الطريق المستطلع، وصولاً إلى المكمن". علماً أن هذه العملية أسفرت عن مقتل كامل جنود وحدة الكوماندوس الإسرائيلي، البالغ عددهم 12 ضابطاً وجندياً.
وبالطريقة نفسها، استعرض نصر الله عمليات رصد إسرائيلية نموذجين عن عمليتي استطلاع جوي، حيث تم لاحقاً وضع عبوات لعلميتي اغتيال تم بالفعل تنفيذهما. إذ أظهر النموذج الأول رصد أبو حسن سلامة (علي ديب)، ثم عملية اغتيال محمود المجذوب.
عملاء ومهام
كما تخلل المؤتمر الصحافي عرض لمجموعة من العملاء الذين اعترفوا بالتعامل مع إسرائيل، والذين تم اعتقال أغلبهم بين عامي 2009 و2010.
وفي شريط مصوّر، ظهر "فيليبوس حنا صادر وكان يستطلع حركة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وقائد الجيش، ودوره جمع معلومات حول مواقع عسكرية لبنانية، ومعلومات حول شخصيات وقيادات لبنانية وعسكرية، ومعلومات حول منزل الرئيس سليمان في عمشيت، ومعلومات حول اليخت الخاص بقائد الجيش".
وتم عرض فيديو عن العميل سعيد العلم الذي كان مكلفاً برصد حركة رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، والرئيس سعد الحريري، وتحديد مواعيد حضور الرئيس سعد الحريري إلى منزل جعجع، ومراقبة تحركات الأخير في الأرز، وتحديد تردد بعض السياسيين إلى مقاهي جبيل.
بعدها عُرض فيديو عن العميل محمود رافع، "الذي تضمنت اعترافاته المشاركة في 4 عمليات اغتيال، وزرع عدد من العبوات الناسفة، واستقبال وإيواء ومساعدة عدد من المجموعات الإسرائيلية داخل لبنان".
وهنا أشار نصر الله إلى أن رافع كان وراء زرع عبوة في منطقة الزهراني، أواخر عام 2005، "كانت تستهدف رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهي إسرائيلية 100%".
ثم بُث فيديو عن العميل ناصر نادر الذي شارك في اغتيال غالب عوالي، والعميل فيصل مقلد "الذي نقل عناصر تنفيذية للعدو الإسرائيلي عبر البحر، وحقائب سوداء كبيرة إضافة إلى أسلحة".
أما الفيديو الأخير عن العملاء فكان لأديب العلم، "الذي قام بتصوير ومسح العديد من الطرقات والمناطق، وشارك في عملية استطلاع لاغتيال الأخوين المجذوب، وتم تزويده بمجموعة هواتف خليوية".
وكرر نصر الله عدم ثقته بلجنة التحقيق الدولية، التي وصفها بأنها "مسيسة وغير مؤتمنة على التحقيق في اغتيال الحريري".
وقال نصر الله "للأسف نحن لا نثق بهذا التحقيق (الدولي). لكن إذا قررت الحكومة اللبنانية أن تكلف جهة لبنانية موثوقة فنحن حاضرون للتعاون". وأضاف "أنا لا أعتبر أن لجنة التحقيق هي لجنة مؤتمنة على ذلك، ولدي أدلتي على ذلك، وما قدمته وقلته هو قرائن ظنية وليست أدلة قطعية، وإنه يجب أن يفتح الباب لفرضية إسرائيلية، لأنه على مدى خمس سنوات لا المحكمة الدولية ولا التحقيق الدولي ولا أحد حتى في لبنان عمل خطوة واحدة باتجاه أن يذهب التحقيق إلى الفرضية الإسرائيلية".
ومضى يقول "هذه أسئلة تفتح آفاقاً جدية للتحقيق، ولأول مرة يفتح الباب للتحقيق مع الإسرائيلي".
وبدأت المحكمة الدولية عملها رسمياً أول مارس (آذار) عام 2009 بعد أربع سنوات
من مقتل الحريري، ولم تحدد المحكمة موعداً لبدء توجيه الاتهام أو إعلان النتائج.
وأشارت تقارير إعلامية إلى أن المحكمة ستصدر أول لائحة اتهام في الأشهر القليلة المقبلة، وأشار البعض إلى أنها ستشير بأصبع الاتهام إلى أعضاء في حزب الله.