:###:
بزيه الزيتي القاتم وكوفيته الفلسطينية التي لم يتخلى عنها في أي
محفل من المحافل وبشخصيته الكاريزمية شكل
ياسر عرفات الذي أصبح رئيسا منتخبا للسلطة الفلسطينية رمزا للنضال
الفلسطيني منذ أكثر من أربعة عقود. وقد برهن عرفات الذي يبلغ من
العمر75 عاما على قدرة غير عادية للخروج من أشد الأوضاع خطورة ولأن
الجبل لا تهزه الرياح أعلنها أبو عمار مدوية ليسمعها القاصي قبل الداني
شهيداً..... شهيداً..... شهيداً....... هذا دربي واختياري منذ عقود طويلة.
ستمنعون الشمس والهواء عني لن أتنازل, ستحجبون عني الدواء
والغذاء, الله خلقني ولن ينساني, القدس مطلبي, وركعة في المسجد
الأقصى المبارك غايتي التي لا تناظرها غاية, الطريق طويل, لكن النفس
أطول والهجمة الشرسة تقابلها إرادة حديدية أنتجتها سنوات من اللجوء والتشرد.
المولد والنشأة.
ولد محمد عبد الرحمن عبد الرءوف عرفات القدوة الحسيني في الرابع
من شهر آب/أغسطس 1929 في القدس في فلسطين.
و محمد عبد الرحمن هو اسمه الأول وهو اسم مركب أما اسم أبيه فهو
عبد الرءوف، و عرفات هو اسم جده، القدوة هو اسم عائلته، والحسيني
هو اسم عشيرته. ومحمد عبد الرحمن هو واحد من سبعة إخوة ولدوا
للتاجر الفلسطيني عبد الرءوف.
تيقظ محمد عبد الرحمن ابن السابعة عشرة لخطورة الحركة الصهيونية
التي أخذت تستشري داخل المجتمع الفلسطيني لتنهب الأرض والبيت
وتقتل وتدمر وتنبه الشاب محمد إلى المخططات التي كانت تحاك لاقتلاع
أبناء الشعب الفلسطيني من أرضهم وتمكين اليهود منها الأمر الذي لم
يرق للفتى الثائر فعقد العزم على الانخراط في المجموعات المسلحة
التي كانت تناضل ضد إقامة دولة يهودية في فلسطين.
لم يكن ما يحدث في فلسطين في تلك الفترة أمراً عادياً بالنسبة لأبو
عمار ولم يتوقف الأمر عند الرغبة بالتخلص من هؤلاء الدخلاء فلم يعد امام
الشاب محمد مفراً من المشاركة في المعارك الأولى التي اندلعت بين
العرب واليهود في 1947 و1948 ثم في الحرب العربية الصهيونية الأولى
في 1948 بعد إعلان دولة الكيان الصهيوني وكان لاغتصاب فلسطين
التاريخية من أهلها عنوة الأثر الأكبر في تكوين شخصية أبو عمار.
سافر عرفات الذي أغضبه انتصار قوات الكيان الصهيوني المدعومة من
الغرب, إلى مصر حيث درس الهندسة المدنية فقد التحق بجامعة فؤاد
الأول بالقاهرة والتي تخرج منها كمهندس مدني.
أتاحت له دراسته في مصر الانخراط منذ شبابه في الحركة الوطنية
الفلسطينية من خلال الانضمام إلى اتحاد الطلاب الفلسطيني، والذي
تولى رئاسته فيما بعد من العام 1952 إلى العام 1956. و في القاهرة
طور علاقة وثيقة مع الحاج أمين الحسيني، الذي كان معروفا بمفتي القدس..
و بدأت في العام 1956 شخصية محمد عبد الرحمن القتالية والعسكرية
في الظهور عندما التحق بالضباط الاحتياط للجيش المصري وقاتل في
صفوفه منذ العدوان الثلاثي على مصر عام 1956بل وأبلى فيها بلاء
حسناً.
أبو عمار وفتح.
بعد حرب السويس غادر عرفات إلى الكويت وهناك أدرك أبو عمار حقيقة
مفادها أن أبناء الشعب الفلسطيني هم وحدهم من يستطيعوا إعادة
الحق المغتصب وتحرير الأرض والإنسان الفلسطيني الذي كان قد فقد
في تلك الفترة أي أمل في العودة في ظل الترهل والتفكك العربي
والمراهنة على حكومات عربية لا حول لها ولا قوة وبدأ هو ومجموعة من
رفاقه المناضلين لملمة الجرح الفلسطيني وبث روح الأمل والتفاؤل في
نفوس كسرها التشرد وأعياها الصمت وأضعفها التشرد واللجوء ليأتي
عرفات ورفاقه ويحيوا الأمل في هذه النفوس من خلال أنبل ظاهرة
عرفها التاريخ لتخرج على الناس حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح
كحركة تحرر أصبح لها احترامها بين شعوب العالم الحر كان ذلك في العام 1959.
نجحت فتح بقيادة أبو عمار في جذب الأنظار إليها والتف الناس حولها
باعتبارها المخرج الوحيد ونجحت فتح في لفظ غبار الكسل واليأس التي
انتابت المواطن العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص لا سيما
بعد نكسة حزيران 1967 وهزيمة الجيوش العربية وضياع الجزء المتبقي
من فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة) لم تعرف فتح ومن انضموا إليها
ثقافة الهزيمة هذه ولم تدخل ضمن مفردات قاموسها وبدأت فتح تخرج
من نطاق السرية لتبهر الجميع بعملياتها النوعية ضد عدو متغطرس لا
يعرف إلى الرحمة سبيل ومنذ تلك اللحظات تحولت إسرائيل بأنظارها إلى
المنظمات الفلسطينية وقيادتها ولم تتوانى للحظة عن ملاحقتهم لا
سيما الرجال الذين كونوا النواة الأولى للثورة الفلسطينية وعلى رأسهم
أبو عمار الذي تعرض لمحاولات اغتيال عدة من قبل الحكومات الإسرائيلية المتتالية.
وبعد أن أمضى سنوات في العمل السري باسمه الحركي أبو عمار
انتخب عرفات رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في
شباط/فبراير 1969 وبدأ يعرف على الساحة الدولية بزيه الزيتي القاتم
وكوفيته الفلسطينية اللذين لم يتخل عنهما يوما.
وبفضل شخصيته القوية وحدسه تمكن من تعزيز سلطته السياسية
والنجاة من المؤامرات السياسية. وانتخب في 1973 قائدا عاما لقوات
الثورة الفلسطينية وفي العام 1974 ألقى أبو عمار كلمة باسم الشعب
الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك
أبو عمار في تونس.
وقادته مسيرته إلى تونس بعد أن طرد أول مرة من الأردن من قبل قوات
الملك حسين عام 1970 ثم من لبنان من قبل الجيش الإسرائيلي عام
1982
في ختام حصار طويل ضرب فيه أبو عمار ورفاقه المقاتلين
الفلسطينيين أروع آيات الصمود والتحدي في حصار استهدف أبو عمار
قائد المعركة شخصياً.
ونظراً لحنكته السياسية أعيد انتخابه رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة
التحرير الفلسطينية في نوفمبر 1984 ونيسان 1987 من قبل الدورات 17
و 18 و 19 للمجلس الوطني الفلسطيني
وفي خطوة جريئة قام بها أبو عمار في15/11/1988عندما تلا إعلان
الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وانتخب بعد ذلك رئيسا لدولة فلسطين.
13/3/1989 كان يوم اختياره رئيساً لدولة فلسطين،من قبل المجلس المركزي الفلسطيني وقد تم
اختياره لهذا المنصب من قبل المجلس الوطني الفلسطيني مباشرة .
يتبع