واصبروا إن الله مع الصابرين _الأنفال 46

الصبر لغة هو المنع و الحبس أما في مفهومه الإسلامي فهو أكثر إيجابية
و فعالية من مفهومه اللغوي و قد قيل أنه يعني حبس النفس عن الجزع و اللسان
عن الشكوى و قيل أيضا أنه الوقوف مع البلاء بحسن الأدب أي تلقي البلاء
بصدر رحب خال من الضيق و السخط و الشكوى

وفي هذه الآية الكريمة بشرى لفوز الصابرين بمعية الله في الدنيا و
الآخرة و ظفرهم بنعمه الظاهرة و الباطنة و تأييدهم بنصره و عونه ذلك لما
للصابرين من شأن عظيم و مكانة عند رب العزة بفضل إبصارهم الحق في لزوم
الصبر والتجمل به كخلق فاضل فالصبر فضيلة لا يقوى على إتيانها العامة وهو
سلاح للمؤمن الحق في دينه و دنياه و هو من دلائل قوة النفس البشرية و
هيمنتها على كل ما حولها بفضل ما أوتيت من عزم و همة فالبون شاسع بين من
تعرض لآلام الحياة يدافعها و تدافعه و بين من اتخذ ركنا منزويا لا يخشى
شيئا و لا يخشاه شيء والهوة شاهقة بين من كابد المصاعب و تحمل الأهوال
الجسام للوصول إلى مبتغاه دينيا كان أو دنيويا وبين من ركن إلى حياة الراحة
و الدعة و الخمول.

و الصبر أنواع فمنها الصبر على الطاعة و الصبر على المعصية و الصبر
على البلية. فأما الصبر على الطاعة فهو الإلتزام بالأوامر و كما هو معلوم
فالقيام باركان الاسلام على أكمل وجه يحتاج إلى قوة في التحمل {وَأْمُرْ
أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132] و الصبر على الطاعة
من أفضل أعمال البر فكم من صابر على المصائب و البلايا و لا يقوى على
الصبر على الإلتزام بالطاعات على أكمل وجه و أما النوع الثاني فهو الصبر
على المعصية وترك ما نهى الله عنه ابتغاء مرضاته و هو الصبر على ترك
المغويات و مقاومة الشهوات المذمومة المبثوثة في الطريق إلى الله و رضوانه و
قد قال صلى الله عليه وسلم ""حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ،
وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ". أما الصبر على البلية فهو الصبر على
ما يصيب المسلم في ماله و نفسه و أهله و أمور دنياه و التمنع عن الجزع و
التسخط عند حدوث الأقدار المؤلمة و صدق اللجوء إلى الله في المحن حتى لا
يضعف اليقين.

أما الباعث الاصلي لكل أنواع الصبر و مراتبه فيجب أن يكون ابتغاء
مرضاة الله " و لربّك فاصبر" و الصبر الذي لا يكون مبعثه ابتغاء وجه الله
لا خير فيه و هو صبر مذموم لا أجر من ورائه و هو لا يجب أن يخرج عن كونه
إظهار للعبودية لله و الرضا بأمره و نهيه و قدره خيره و شره.

و للمتمعن في أحوال الصابرين أن يبصر ما بلغه الأنبياء و الشهداء و
العلماء من مراتب علية بفضل الصبر وقد سئل صلى الله عليه وسلّم عن أشد
الناس بلاءا فقال :" الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الصَّالِحُونَ، ثُمَّ الأَمْثَلُ
فَالأَمْثَلُ مِنَ النَّاسِ" و اختلاف كل فئة و نصيبها من التعب و الجهد
الذي نالها يكون حسب طاقة التحمل و الثبات و الصبر على القضاء لذلك كانت
درجة الصابرين أرفع من غيرهم و شأنهم أعظم من غيرهم و كان الرسل رضوان الله
عليهم أشد عباد الله حاجة إلى الصبر لما نزل بهم من البلاء في سبيل نشر
الدعوة و تحقيق التغيير في الأمم و كان معظمهم فردا في مواجهة امة كاملة
تناصبه العداء و تعانده و تكذبه و قد جاء الخطاب القرآني حاثا على الصبر في
مواطن متعددة و متفرقة و كان نصيب رسولنا الأكرم من ذلك وافرا لما لاقاه
من صنوف الأذى البدني و المعنوي و الاجتماعي و كان من بين الآيات الموجهة
إليه صلى الله عليه و سلم :" واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا
تك في ضيق مما يمكرون". "واصبر لحكم ربك، فإنك بأعيننا، وسبح بحمد ربك حين
تقوم" و لقد أثنى رب العزة على الصابرين من عباده و أنبيائه :" إنا وجدناه
صابراً نعم العبد إنه أواب" و بشرهم بما لم يبشر به غيرهم : "إنما يوفى
الصابرون أجرهم بغير حساب" ذلك أنهم لم يتسخطوا أو يتذمروا على ما أصابهم
فكان الجزاء من جنس العمل.

و ختاما نقول : لو علم الناس ما للصبر من فوائد لما جزعوا فمشاعر
الجزع و الهلع تتعب صاحبها و تضنيه و لا تغير من الأحداث شيئا فمن ملك
زمام نفسه و حكّم عقله ابصر السعادة قائمة عند لزوم الصبر فمهما طال الكرب
فلا بد من يوم تهدأ فيه النفس و ينشرح الصدر و تنكشف الغمة و تنفرج
الأزمة..

أششكركـ على طرحكـ

دمتي بسسع’ــآدهـ

مع خالص التقدير

جزاك الله الخيــــــــــــــــــر

يسلمو لمروركم الطيب ^^

» سورة الأنفال للعجمي MP3
» أجر الصابرين في الدنيا والآخرة
» يامسلمين ها المقطع بكيت بسبه سبحان الله مااكرمه الله اكبر والعزه لله ولرسوله صلي الله عليه وسلم
» بابي انت وامي يارسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعائض القرني
» الماء ينبع من أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم