من خلف مامات

موضوع: من خلف مامات الجمعة يوليو 06, 2012 10:36 pm

( من خلف ما مات )

هي عبارة يرددها أبناء بيئتنا,معزين من أصيب بفقد عزيز خطفه الموت من بينهم، هادفين من خلالها لتكريس مقولة قديمة مفادها :إن من يترك بعد وفاته ذرية، كأنه لم يمت لأن ذكره سيبقى محفوظاً ، خصوصاً إذا كانت هذه الذرية من الذكور , وما أراه في ذلك مختلف فالإنسان السوي لا يحفظ ذكره سوى أدائه المتزن مع معاصريه ومعاشريه أثناء حياته 0
أما ما يتعلق بالأولاد ، فلا يمكن التغاضي عنه ، فهم زينة الدنيا وكمالها، ولكنهم يقسمون إلى فئات ثلاث ، إحداها فئة صالحة نافعة رائدة تصنع في الأرض تقدماً وحضارة، فتنهض بذويها وتسمو بهم إلى المنزلة الرفيعة وتكسبهم العزة و الكرامة وتمدهم بالبحبوحة والجاه والثانية على العكس تماماًًًً ، فهي تعيش الفوضى والكسل والاندحار، وتحط بذويها انحداراً من المنزلة الأعلى إلى الدنيا،وتكسبهم فقراً وذلاً وانكساراً ، وتجعلهم لوكة مرة في أفواه الآخرين بسبب جرائرها التي يندى لها الجبين ، أما الثالثة فهي تشبه ذويها و تتقفى مسيرتهم، وأرى أنه لا لوم عليهم لأن0من شابه أباه ما ظلم وعلى رأي المثل الشعبي( ما تحطه بالقدر تلقاه بالمغرفة ) وعلى سيرة الأولاد، يخطر لذهني الآن حكاية كان ذوونا يتداو لونها أماننا أيام نشأتنا ليزرعوا بداخلنا بذور احترام الأهل وضرورة خدمتهم حينما تثقل عليهم أعباء السنين ، والحكاية تقول:
كان لرجل ثلاثة أولاد ذكوراً، قام بتربيتهم أحسن تربية وذاق في سبيلهم مرارة العيش وعصارة الشقاء ، وظل يتابعهم بجهده وحكمته حتى شقّ كل منهم طريقه وأصبح رباً لأسرة يعيلها ويقوم بأودها
ولما كان دستور الحياة يقضي بأن السنين ستزحف على الأب المسكين وتخسره عزيمته وتجعله ضعيفاً تحت وطأة أمراض الشيخوخة ومشاكلها حيث تراجعت قدرته عن إعالة نفسه (من جميع النواحي ) كان لابد له من أن يستعين بأولاده ، ويرجو منهم الخير والتعاطف والاهتمام، لكن الآخرين كانوا يفنون كلٌ على ليلاه ، غافلين عمّا يعانيه والدهم من صعوبات ، ولم يكن بمقدوره أن يذكـّر بنيه بما يتوجب عليهم تجاهه ، لذلك اضطر أن يبدع حيلهًًًًً تعيد المذكورين إلى جادة الصواب ،فجمعهم حوله وأشار إلى زاوية في البيت وقال :
_ انظروا يا شباب : هناك في تلك الزاوية فخاره دفينة فيها الكثير من الليرات الذهبية ،كنت قد ادخرتها لكم في أيام مقدرتي ، وبإمكاني الآن أن استخرجها وأفك ضيقتي بما فيها ، ولكني لست راغباً في مغادرة هذه الحياة دون أن اترك لكم شيئاًًً،فعليكم الآن إعالتي حتى إذا متّ ُ، تقتسمون محتوياتها فيما بينكم بالتساوي ، ورحب الأولاد بالفكرة وحـُلـّت المشكلة .
تغيّرت المعاملة وأصبح الأولاد يتسابقون على خدمة أبيهم ،ولأن الحياة لا تدوم لأحد،فقد زحفت المنية إلى الرجل واختطفته، وبعد مراسم الدفن ،أسرع الأولاد إلى الزاوية ، وحينما أخرجوا الفخـّارة ، لم يجدوا سوى قصاصة من الورق ُُُكتب عليها ( اسمعوا يا أولاد وافهموا.قوام الحياة:ثلاثة أرغفة ، رغيف نأكله،ورغيف نطعمه، ورغيف نسدده ,فعلـّموا أولادكم ألاّ يقصّروا بتسديد ما عليهم .
فوجئ الأولاد بما وجدوا فقال احدهم:
ماذا قصد والدنا بهذا ؟
قال الثاني:أراد أن يذكرنا بتقصيرنا ، فالرغيف الأول كان يأكله ليعيش، والثاني يطعمه لنا لنعيش، اما الثالث فقد كان يسدده لمن أطعمه إياه حينما كان صغيراً ، كان علينا نحن أن نسدّد له الرغيف الذي أطعمنا إياه حينما كنا صغاراً .
حينذاك قال الثالث:والدنا كان على حٌٌّقّّّّ ، فقد علمنا درساً لن ننساه أبدا . ، وكما ترون فقد قصّرنا بالتسديد،لذلك طلب منّا أن نعلم أولادنا ألاّ يقصروا.

موضوع: رد: من خلف مامات السبت يوليو 07, 2012 8:14 am

سلمت يمينك ع القصة المميزة

وجزيت كل خير

يسلمواا على المرور

//

ودي