يقول
تشرشل في إحدى ملاحظاته الدقيقة: "نحن نشكّل مساكننا ثم تُشكّلُنا
مساكننا" و هذا بالفعل ما يحدث معنا فنحن نشيّد بيوتنا, و نختار طريقة
بنائها و مساحتها و نأثثها ثم نتأثر بما توحيه لنا من مشاعر و أحاسيس.
إن
المكان الواسع الفسيح المشرق, والنظيف, و المرتب, والبارد يجعل كل من يدخل
عليه يشعر بالراحة, و الاطمئنان, و السعادة على عكس المكان الضيق القذر
المزدحم والحار فإنه يشعر بالضيق و السأم و الملل و الاشمئزاز من رائحة
الناس، و يجعل كل من في المكان منزعجا و عدواني أيضاً.
هناك
بيئات جاذبة, و بيئات طاردة, فالبيئة الجاذبة هي التي تجذب المشاعر الجيدة
لكل من يعيش فيها, و البيئة الطاردة هي التي تنفر منها النفس و تكرهها, و
كذلك بيتك و مملكتك الخاصة تصنع مشاعرك، و توجه سلوكك فالبيت النظيف و
المرتب و المنظم بعناية يدخل مشاعر الراحة و السعادة على كل أفراد عائلتك,
أما القذارة, و الفوضى, و ازدحام المكان بالأثاث, وغيره... يدخل على أسرتك
مشاعر الملل و الضجر و تشجعهم على الخروج من المنزل و قضاء أوقات أطول
خارجه.
كما أن اختيار الأثاث المناسب و الألوان الزاهية و طلاء الجدران بلون جميل، له أثر كبير على مشاعر و سلوكيات أبنائك, فالأصفر
مثلاً يرمز للكرم و الدفء و النبل، و يوحي بالانطلاق و الرغبة و الشباب
لذا ينصح به في الأماكن التي تحتاج للتركيز مثل غرفة المكتب.
أما
الأحمر فإنه يحفز المشاعر و يبعث على الحركة و النشاط، و يرمز للقوة و
العنف و العدوانية؛ لذا فلا ينصح استخدامه في غرف الأطفال كما ينصح
استخدامه بمساحات كبيرة كي لا يحدث هذا التأثير المنشط للجسم.
أما الأزرق من أكثر الألوان التي تعطي بعدا للمكان، و يوحي بالنقاء
\
و الصفاء و الهدوء و يذكرنا بالسماء و الماء و الهواء. فالأزرق في غرفة
المكتب يساعدك على الاسترخاء و الإبداع، و في غرفة نوم الأطفال يساعد على
النوم و السكينة.
أما
الرمادي
فهو لون الحزن و الكآبة. وكما هي حال الألوان في التأثير على
مشاعر الإنسان فإن الإضاءة و مساحة المكان و نظافته و رائحته الجميلة تؤثر
بشكل كبير على مشاعر ساكنيه.
لذا فإن سعيك لجعل بيتك بيئة جاذبة لعائلتك, و محببة, و مناسبة هي جزء من مهامك كأم, و مربية وذلك ضمن الإمكانات الممكنة لذلك.
إن
الدراسة في غرفة مرتبة, و نظيفة, و مشمسة, و فيها تهوية جيدة تعطي نتائج
أفضل بكثير من الدراسة في غرفة متسخة, و مبعثرة الأشياء سيئة التهوية, لذلك
قبل أن ترتبي لأي مكان، خططي كيف تودين أن يشعر الجالس فيه سواء في مدرسة,
أو بيت, أو مكان عمل, أو احتفال ما، فهذا من تخطيطك أيضاً لأن المكان يصنع
المشاعر.