الشرق الأوسط - ديلي بزنس -
البلدان الخليجية من الأكثر استهلاكاً للطاقة. ومع تفضيل تصدير النفط نظراً إلى
ارتفاع أسعاره، خيارها الوحيد هو تطوير مصادر الطاقة المتجددة لتلبية
احتياجاتها. لكن هل ستتمكن من تذليل العقبات القانونية، التقنية والمالية
وتنويع مصادر الطاقة، وأن تغيّر عقلية الاستهلاك المفرط للنفط قبل أن يفوت
الأوان وينفد الذهب الأسود؟
ارتفاع الطلب على الطاقة في أسواق الشرق الأوسط
إن اقتصادات الشرق الأوسط هي اليوم من الأكثر نمواً في العالم، إلى جانب
آسيا. وإن هذا النمو الاقتصادي المرفق بالنمو السكاني المرتقب من 200 إلى
300 مليون نسمة سيرفع الطلب على الطاقة ليكون أسرع حتى من آسيا بحلول العام
2035 حسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة الصادر في نوفمبر 2011 بعنوان
"آفاق الطاقة العالمية".
كما أن تقرير آخر لمعهد اقتصادات الطاقة
الياباني يظهر أن الطلب على النفط في الشرق الأوسط سيكون الأكثر ارتفاعاً
في العراق حيث سينمو بـ 2.4 أضعاف، والسعودية (2 أضعاف)، تليهما الكويت
(1.9 أضعاف)، والإمارات (1.8 أضعاف).
البلدان الخليجية تشعر اليوم بضرورة تطوير موارد الطاقة المتجددة قبل أن ينفد النفط
نظراً إلى أن هذه البلدان هي أيضاً الأكثر إنتاجاً للنفط في الخليج، من المنطقي
أن تقوم بتصديره بدلاً من إحراقه في محطات توليد الكهرباء، لاسيما مع
استمرار ارتفاع أسعار النفط مع تهديد إيران بإقفال مضيق هرمز. لذلك، يبقى
السؤال: كيف تلبي حاجات صناعاتها وسكانها إلى الطاقة الكهربائية، لاسيما في
أشهر الصيف الحارة حين تعمل مكيفات الهواء بكامل قوتها على مدار الساعة؟
كانت البلدان الخليجية تعي هذه المشكلة منذ عقود لكنها بقيت مكتوفة اليدين
معتمدة على مواردها النفطية الهائلة. لكن اليوم، ومع تنبيه وكالة الطاقة
الدولية أن إنتاج النفط قد بلغ حدّه الأقصى في 2006، بدأت البلدان الخليجية
تشعر بالحاجة الملحّة إلى تطوير موارد الطاقة المتجددة.
البلدان الخليجية تتمتع بطاقات هائلة لتطوير الطاقة الشمسية
من أهمّ مصادر الطاقة المتجددة التي تنظر إليها بلدان الخليج هي الطاقة
الشمسية. فوفقاً لدراسة للمبادرة الصناعية ديزرتيك الهادفة إلى إنشاء شبكة
من محطات توليد الطاقة الشمسية والهوائية عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال
إفريقيا لتصدير الطاقة إلى أوروبا، إن المناطق الصحراوية تحظى خلال ست
ساعات من الإشعاع الشمسي على طاقة تفوق ما يستهلكه العالم في عام كامل.
وبدأت السعودية تنظر جدياً في تطوير مشاريع الطاقة الشمسية مع الإعلان عن
استثمار 100 مليار دولار في مشاريع الطاقة المتجددة، مع إطلاق شركة أرامكو
محطات للطاقة الشمسية بقيمة 3 مليارات دولار في منطقتي ينبع وجبيل.
كذلك في الإمارات، تعمل مبادرة مصدر على إنشاء محطة شمس 1، وهي الأكبر في
العالم، بقدرة 100 ميغاواط، وأخرى باسم نور بطاقة . وحتى في دبي، بدأت هذه
المشاريع بالظهور. فقد صرّح نجيب زعفراني، الأمين العام والرئيس التنفيذي
للمجلس الأعلى للطاقة في دبي: "لقد أجرى المجلس إحصاءً كشف أن قدرة توليد
مشاريع الطاقة الشمسية القائمة في دبي قد بلغت 4.5 ميغاواط". ويُضاف إلى
هذه المشاريع اليوم مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية على مساحة
48 كلم مربع، وبقدرة 1000 ميغاواط بحلول العام 2030.
العوائق المالية قد تعطّل مشاريع الطاقة الشمسية
لكن في بلاد بدأت للتو في البحث في موارد الطاقة الشمسية، لا بدّ من البحث في
العوائق المالية، التقنية والقانونية التي تواجه أي مشروع للطاقة
المستدامة.
من الناحية المالية، ساهم تحوّل الصين إلى أكبر منتج
للخلايا الفوتوشمسية، بفضل الحوافز المقدّمة للمصنعين، ترقباً لارتفاع
الطلب على الطاقة الشمسية لاسيما بعد تسليط كارثة فوكوشيما الضوء على مخاطر
الطاقة النووية، ومع استمرار المخاوف من برنامج إيران النووي، إلى خفض
كلفة الإنتاج. وهذا يجعل بناء محطات الطاقة الشمسية اليوم أقلّ كلفة من
السابق، فتكاد تساوي كلفة مشاريع التنقيب عن النفط، مع العلم أنه يُقدّر
أنه إذا أرادت السعودية أن تلبي حاجات الطاقة المحلية من النفط على المدا
السنوات القادمة، فهي تحتاج إلى 100 مليار دولار لتمويل مشاريع التنقيب عن
النفط.
لكن هذا لا ينفي أن المشاريع ما تزال مكلفة، فعلى سبيل
المثال لن يتمكن المجلس الأعلى للطاقة في دبي إلا من تغطية كلفة المرحلة
الأولى من مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية البالغة 120 مليون
درهم، وذلك من أصل 12 مليار درهم للمشروع الكامل. فلدى طرح السؤال حول
وسائل التمويل، أجاب المجلس أنه يبحث في التوصل إلى وسائل مختلفة مثل إيجاد
صندوق لمشاريع الطاقة النظيفة.