متفائله في زمن اليأس

في العام الماضي ذهبت ابنة جارنا للسوق عشر مرات فقط ومع هذا فقد فاقتني في عدد المرات فأتمنى ألا تتفوق عليّ هذا العام .. أريد أن أشتري لهذا العيد ما لا عين ـ من أقاربنا ـ رأت .. أريد أن ألبس حذاء مع شروق شمس العيد وحذاء مع الغروب , وحذاء مع الظهيرة ومع نجوم الليل حذاء .. فلكل طيف ما يناسبه!! ..وجوارب للزائرات وأخرى للزيارات وثالثة للملاهي والحدائق ورابعة مع الألعاب النارية .. !! ..

والدي الحبيب : أريد أن أشتري في هذا العيد ست نظارات وعشر عدسات .. نظارة في فناء البيت وأخرى مع توزيع الحلوى والثالثة مع شرب الشاي والرابعة أضعها على صدري معلقة .. ولاتسلني عن الخامسة فهي التي أقلبها بين أصابعي .. وأما السادسة فسأعفيك منها هذه المرة .. أما العدسات فحسب ألوان ملابسي بلا شك .. وربما لبست بعضها تناسقاً مع ملابس صويحباتي .. !! ..

هذا العام يا والدي أريد ملابساً لوداع رمضان وملابساً لاستقبال العيد وملابساً للعيد وبلا شك ملابس لليوم الثاني وأخرى للثالث .. أما الأحذية فأرجو منك يا والدي ألا تحرجني مع زميلاتي الأطول مني فلهن أريد كعباً عالياً وزميلاتي القصيرات أريد حذاءً واطياً , حتى لا أجرح شعورهن!! .. وكيف أخفف عنك أحضر لي حذاءً إلكترونياً يتحرك بالتحكم عن بعد .. !! ..

أما ساعات اليد فتكفيني هذا العيد ثلاث ساعات .. ساعة لفرح الفطر والثانية للتغيير .. والأخيرة للتحدي والتباهي!! .. وكثيراً ما احترت يا أبي في قضية هدايا العيد فأنا أريد أن أتميز فيها فما أدري ما أنا صانعة!! .. لكن أريد ممن تهديني هدية هديتين وممن تهديني ثلاثاً هدايا أربعاً .. ولا أعني بذلك عماتي وخالاتي فقد ذهبت موضة إهدائهن فهذا زمن الصداقة .. !! ..

ولقد سمعت أن هناك حلوى ألمانية تشعر بحلاوتها من رؤيتها وتدوم طويلاً طويلاً!! .. أريد منها في غرفتي الخاصة للخاصيين والخاصات .. واحذر يا غالي من التقليد فقد رأيت دعاية لشركة مقلدة لها في إحدى القنوات!! .. أما الحلوى اليابانية فلغرفة الضيوف .. ولا أريد حلوى شوهدت قبل رمضان , فقد ولى زمن حلوى الجدات التي يضعنها في جيوبهن ويزرعنها في أيدي الأطفال .. أما اليوم فأريد أطباقاً من الحلوى يكتب عليها عبارات الأفراح والتهاني والمقصود أن يؤخذ من كل طبق نهسة وعيب عظيم أن يزاد عليها .. وكذا العصير أريد منه ألواناً وأشكالاً .. تفوق أنواع الفواكه إن اندمجت أو انفردت بل تفوق ألوان الألوان .. وعليك بالأكواب الصغيرة الرشيقة (لعلمك أنه من العيب شرب أكثر من ربع الكوب) .. !! ..

ثم يجيء دور الملاهي .. أريد في عيد هذه السنة أن أطوف بملاهي المنطقة كلها .. فلا أريد أن ألعب لعبتين في سور واحد!! .. أريد أن أقلع في هذا العيد أعظم التقليعات وأخرج من البيت أكثر من خرجات أمريكا الجوية لضرب العراق وأكثر من إخلاف اليهود للعهود!! .. لا تحرمني يا والدي بقولك كل سنة : " تذكري أطفال المسملين في العراق وعند الأفغان وفي الشيشان وفلسطين " .. !! ..

يا والدي تذكرت أو لم أتذكر لن يتغير شيء .. وغداً لو جاءنا ما جاءهم فلن يتذكرنا أحد , ذلك أن الإعتذار جاهز فهم لا يضربون الأطفال أو المدنيين إلا عن طريق الخطأ !! .. فأخطاؤهم لا تأتي إلا على رؤوسنا .. فمن سيسمع صوتنا!! .. لذا يا والدي في عيدنا يجب أن نغيركل شيء سنقطع عنّا أخبار الأخبار .. وسنملأ الدنيا بالغناء والرقص فهي أفراح العيد .. يا والدي العيد لمن لبس الجديد ونسي البعيد .. !! ..

ثم أوصيك يا قرة العين ألا تخبر بطلباتي هذه أحداً أبداً حتى لا يضحك مني لقلة استعدادي لأفراحي ويقول : " كيف تتجهزين هذا التجهز لفرح لا يأتي في العام إلا مرة " .. !! ..

.
.
.

ولكنني أفشيتها لكم .. فلا تضحكوا مني وعليّ ..

.
..
...

أحبكم جميعاً في الله .. والسلام على من اتبع الهدى