,,,,, الركب المكي ,,,,,,
من حكايات رحلة اباآآءنا المكيين لزيارة المدينة المنورة ..الركائب و شيخ الركب:كان بمكة المكرمة العديد من الحارات وكان أشهرها على الإطلاق اثنتي عشرة حارة,
فكان منها مايجاور الحرم ومنها مايبعد قليلا وهذه الحارات هي:
القشاشية , سوق الليل , شعب علي , شعب عامر
المعابدة , أجياد , الشبيكة , الشامية , حارة الباب
جرول , الطندباوي {
وهو مايعرف بحارة التكارنة } وغيرها.
من كل حارة كان يخرج ركب لايقل عن ثلاثين شخص
’’
و يطلق عليهم العزبة ’’
وكان لكل ركب شيخ تختاره الحارة فشيخ الركب هو صاحب القرار الأول
بين أفراد الركب وهو الذي يأمر بالإستعداد والإنطلاق
وهو الذي يفصل بين الأفراد وهو الذي يأمر بالصلاة في أوقاتها .
وإذا لم يكن للركب واعظ كان شيخ الركب هو الذي يعظ
وإذا لم يكن للركب إمام كان شيخ الركب هو الإمام,
وشيخ الركب هو الذي يختار أفضل الطرق وهو الذي يتخير أيسر المسالك .
كان شيخ الركب يتمتع بشخصية مهابة يصدر أحكامه بالعقوبات
على الجناة إذا وقع أحدهم فيها وقد تصل العقوبة أحياناً الى الجلد
فيأمر به كما كان يأمر بدفن الموتى في الطريق
ويحرر محضراً بذلك بعد أن تؤدى الصلاة عليهم .
يوم الإنطلاق الى المدينة:
كانت الرحلة السنوية الأولى للركب المكي تنطلق مع اليوم الأول من ربيع الأول
وهو اليوم الذي بدأ فيه النبي صلى الله عليه وسلم هجرته
منطلقاً من غار ثور جنوب مكة الى المدينة
وقد كان اختيار هذا اليوم تأسياً بسيد البشر وتيمناً به.
أما الرحلة الثانية فغالباً ماتكون في الثامن أو السابع من شهر رجب.
كان يوم الرحيل دائماً ما يكون يوم جمعه
فبعد أن يصلي المسافر الجمعه في الحرم المكي ومن ثم يطوف بالكعبة مودعاً
ومن ثم يودع الأهل ويخرج من داره حاملاً الخرج
وقد وضع فيه الأكل الخفيف مثل اللوز البجلي والزبيب والشابورة
يتجه مع عزبته الى حي الشهداء وهو مايعرف اليوم بحي الزاهر
حيث يحفهم من استطاع من ذويهم للوداع
ومن لم يستطع جاء اليه المسافر لتوديعه
وكم كان هذا المشهد جميلاً بالنسبة لأهل مكة.
كان أفراد الركب يقضون يومهم كاملاً في حي الزاهر
يتفقدون أمتعة السفر ويتقبلون الهدايا والوصايا بالدعاء
فكانت تلك الأماكن تحتشد بالمودعين والبائعين
حيث باعة البليلة والمكسرات والخيار المشرش
يطوفون بالناس يعرضون بضائعهم بأصوات مسجوعه وأنغام مهزوجة
لإعلام الشارين بما يحملونه من طعام ومتاع
كما كانت رائحة الكباب الميرو المصنوع من اللحم المفروم والدخن المطحون المقلي
في الزيت المغلي تنبعث شهية فتلتقي برائحة الكبدة الجملي المشوح على الصاج
فيقبل عليها المسافرون والمودعون,
كما ترى أصحاب السوبيا وشراب الزبيب
وحملة الزمازم يضربون الطاسات ببعضها لينبئوا بها عن مالديهم من شراب
وتظل هذه الأصوات تتداخل حتى يبددها صوت الحدائين
مؤذناً بموعد الرحيل فيصطف الركب في اتجاه المدينه المنورة .
شارة الإنطلاق:
كنت تجد الشيخ عند الإنطلاق الى المدينة يقف شامخاً متقدماً للركب
ويقف على يمينه حامل الراية وعلى يساره يقف حادي الركب.
كان لكل ركب شارة تميزه عن غيره من الركائب
وكان يطلق عليها البيرق كما كانوا يتنافسون على تزويق الراية
وتجميلها وتطريزها بالخيوط الفضية والذهبية فتكسبها لمعاناً وبريقاً.
أما الحادي فإنه ينتظر أوامر شيخ الركب بالمسير
فإذا أمر أشرع الحادي صوته بالإنشاد بمديح الرسول صلى الله عليه وسلم
والدعوة الى الإلتزام بالآداب النبوية والحض على التقوى والعمل الصالح
والدعاء بالعودة السالمة والفوز بالمغفرة,
ثم ينطلق الركب بعد أن يقرأ دعاء السفر المأثور .
مما تصفحت