(بعد أن أنهيت الثانوية، جاءني أحد رفقاء السوء، فقال لي: يا فلان، أتحب السفر معنا؟ قلت: إلى أين؟ قال: إلى تلك البلاد، بلاد آسيوية، فيها المنكر والفساد جهارًا نهارًا بأبخس الأثمان، فقلت: كيف؟ قالوا: اطلب من أبيك المال وسافر معنا، والأمر بسيط، أيامًا معدودات ثم نرجع.
قال: فجئت إلى أبي، فقلت: يا أبي، قد نجحت في الثانوية، وحصلت على التقدير العالي، وأريد مكافأة؟ قال: ماذا تريد؟ قال: أريد مالًا؛ لأذهب وأسافر مع أصحابي، فقال الأب: إلى أين؟ قال: إلى تلك البلاد، قال: لا بأس، فأعطاه المال، قال: فسافرت لأول مرة، فذهبنا إلى تلك البلاد.
والغريب أنني رأيت شبابًا من أبناء بلادنا، دخلوا أماكن حمراء، أماكن مظلمة، أماكن فيها الفساد والشهوات، يفعلون الفواحش والمنكرات، فدخلت معهم، وفعلت ما لم أظن أنني أفعله في حياتي يومًا من الأيام، صنعت المنكرات، وفعلت الفواحش، وأتيت الشهوات.
يقول: فتلذذت مرة بعد الأخرى، حتى رجعت إلى بلادي، فاشتقت إلى الرجوع، فأخذت من أبي مالًا مرة أخرى، وهكذا توالت الأسفار بعد الأسفار، حتى وقعت في وكر المخدرات، يقول: فلما نفذت الأموال، بدأت أسرق لأسافر إلى تلك البلاد، السفر صار في دمي، والمخدرات تجري في عروقي، ومرت الأيام والسنون.
حتى جاء ذلك اليوم، أحسست بإعياء شديد، فسقطت على الفراش، فذهب بي أصحابي إلى الطبيب، وبعد التحاليل والفحوصات، جاءني الطبيب يفاجئني، وقال: يا فلان! إن الأمر صعب، قال: أخبرني يا طبيب، قال: بعد التحاليل اكتشفنا أنك مصاب بفيروس الإيدز.
يقول: فكأن الدنيا قد أظلمت أمامي، أحلامي تبددت، وضاقت عليَّ الأرض بما رحبت، أيها الطبيب، ربما أخطأتم! قال: سنعيد الكَرَّة، فأعادوا التحليل مرة أخرى، لكن النتيجة هي النتيجة، يقول: ذهبت إلى طبيب آخر، وإلى مستشفى آخر، ولكن النتيجة هي النتيجة، ثم رجعت إلى بلادي مسودُّ الوجه، قد أظلمت الدنيا أمامي، يقول: وأنا الآن أكتب إليكم قصتي، وأنا على فراش الموت، أنتظر الموت) [من محاضرة للشيخ نبيل العوضي، بعنوان: (قصص واقعية)].