فلسفة الجمال ... بين الانسجام والتنافر

فلسفة الجمال ... بين الانسجام والتنافر

فلسفة الجمال تختلف عن الشعور بالجمال وما يصاحبه من بهجة . لانها عملية ايضاح له , ترتبط بالموقف الثقافي لمن يقوم بهذا الايضاح . ولما كانت الفلسفة في احدى اهم تعريفاتها سيرا في درب الحقيقة !!بشكل متصل لا سيرا في دروب منعزلة عن الحقيقة , بل بددرب الحقيقة ذاتها , فان مجرد ان نخطو الخطوة الاولى قي هذا الدرب نجد فيه الككثير من الحقائق المبهجة الجميلة .
يقول كارل جاسبر : ( اقد عرفت الفلسفة بالماضي حسب موضوعها , فكانت تعني بمعرفة الاشياء الالهية والانسانية , بمعرفة الوجود كما هو موجود , او عرفت باهدافها كبحث يؤدي الى السعادة باستخدام الفكر ...
وهي بمعناها العام الواسع , المعرفة التي تحوي كل المعرف والفن الذي يحوي كل الفنون ) .
في درب الحقيقة كثير من الحقائق المبهجة الجميلة والفلسفة في احدى تعريفاتها ( الفن الذي يحوي كل الفنون ) !!الفلسفة اذا تهتم بالجمال , بل اذا كانت تعبر عن انسجام فكري فهمي جميلة بحد ذاتها . خذ كل المعارف الانسانية تجد ان فيها فكرا اضافة لما تعبر عنه , وتريد ان توصله للانسان .
فالمعرفة العملية بالفكر تريد ان تكشف اسرار الفيزياء .
والمعرفة الدينية تستخدم الفكر للوصول الى الايمان , مع ما تسنخدم .
والمعرفة الفنية في كل فروعها , تعبر عن تجلي صور فكر جميل المطلق في كل شئ .
اما المعرفة الفلسفية فتختلف عن باقي المعلاف الانسانية السابق ذكرها , بان ليس فيها فكر فقط , بل كلها فكر . انها بعبارة اخرى : هي الفكر بارتداده على اي موضوع مدروس . لذلك تشترك مع كل المعارف الانسانية الاخرى بالفكر , وتنفرد بمحضية هذا الفكر .
الجمال في الفلسفة ليس جمال الكلمة التي تشترك مع الادب ( وهو فن ) فيها , بل جمال الانسجام الفكري فيها . الفلسفة جميلة اذا لانها مبهجة النتائج التي تقطفها من درب الحقيقة . وهذا الدرب الجميل , دلالة على ان كل حقيقة جميلة , والحق جميل . هذا التمثيل لجمال الفكر حكم فلسفي , تجريدي , وصلنا اليه من مشخصات حواسنا في شعورها بالجمال .
ولما كان الامر كذلك , فان لكل حاسة من حواسنا قدرتها على التقاط مدى الانسجام و التنافر , فيما هو مقدم لها . فالاذن بالاصوات , والعين بالالوان والاشكال , والانف والنفس بالذوق , لذلك افرز الجمال من هذه الحواس فنونا , ادركها الفكر , ووعاها .