يُشترط في الداعية : الأول : الإخلاص ، وذلك بأن تكون دعوته وقصده
وجه الله ، وأن يكون هدفه في ذلك نيل رضا الله ، وتعبيد الخلق للخالق ، وأن
يكون الدين كله لله .
فإن الله عز وجل يُبارك في العمل اليسير إذا حُـفّ بالإخلاص ، ويكون له
الأثر العظيم .
الثاني : العِلم بما
يدعو إليه ؛ لأن من يدعو على غير علم وبصيرة يكون ضرره أكثر من نفعه ، ولذا
قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : (
قُلْ
هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ
اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ )
ولا يُشترط في العلم أن تكوني عالمة بل العلم بالأمر الذي تريدين الدعوة
إليه ، لقوله عليه الصلاة والسلام : بلغوا عني ولو آية . رواه البخاري .
الثالث : الصبر على ما يلقاه المسلم من أذى
في سبيل دعوته ، وقد أوصى لقمان ابنه فقال : (
يَا
بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ
الأُمُورِ)
فإن لم يصبر على ما يلقاه من أذى رجع من أول الطريق ، وتنازل عن دعوته ،
ولو سلِم أحد من الأذى لسلِم من الأنبياء والرسل .
الرابع : حسن الأسوة ، وذلك بأن يكون الداعي إلى الله –
رجلا كان أو امرأة – قدوة في أفعاله وأقواله ، فلا يقول قولا يُخالفه
بفعله ، بل هو كما قيل :
وإذا بحثت عن التقيّ
وجدته *** رجلا يُصدّق قوله بفِعالِ ولأن الناس ينظرون في أخطاء من يتصدّى لدعوتهم فينظرون إلى أخطائه بالمجهر –
كما يُقال – .
فعليه أن يكون أسوة حسنة ، وقدوة في دعوته .
فالمرأة التي تريد أن تدعو إلى التمسّك بدين الله عز وجل – مثلا – وهي لم
تتمسّك أصلا بدِين الله ، كيف يُقبل منها .
يقول الناس : لو كان فيما يدعو إليه خير لتمسّك به هو !
أو يقولون : لو كان مُقتنعا بما يدعو إليه لأخذ به ، ونحو ذلك .
الخامس : الحِكمة والاتصاف بها ، وهي وضع الشيء في
موضعه ، أو هي فعل ما ينبغي ، في الوقت الذي ينبغي ، كما ينبغي .
فربما كان القول هو المؤثر في ذلك الموقف ، وربما كان الوعظ والزجر ، وربما
كان في الدعوة الفردية لشخص بعينه على حِدة ، وربما كانت الحكمة في الصمت
في ذلك الموقف ... إلى غير ذلك مما تقتضيه الحكمة في الدعوة إلى الله عز
وجل .
السادس : البدء بالأهم فالمهم
فلا يبدأ بتصحيح الآداب والعقائد لم تصح .
وهكذا تكون نظرة الداعية فاحصة لمجتمعه ومكانه وزمانه ، فليس كل مكان يُقال
فيه ما يُقال في مكان آخر ، ولا الزمان أيضا .
بل لكل مقام مقال .
والله تعالى أعلى وأعلم .
المجيب الشيخ/
عبدالرحمن السحيم عضو مكتب الدعوة والإرشاد