السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواتي الحبيبات—هذه فوائد ذكر الله
اللهم اجعلنا من الذاكرين كثيرا والذاكرات
فوائد ذكر الله
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام علي رسوله الكريم
* النفس البشرية تأنس بذكر محبوبها وهي مفطورة علي الفرح والسرور والإكثار من ذكر من تحب ، وما هو حال المؤمنين ؟ " والذين آمنوا أشد حبا لله
" فالله هو معبودهم الحق الواحد الأحد الفرد الصمد ، هو محبوبهم وغاية رغبتهم لا يتعلقون بغيره حبا وإنابة ودعاءا وخشية ورجاءا ، فلا عجب أن يجري ذكر الله علي لسانهم وفي قلوبهم مع كل نبضة قلب ، وإن غفل اللسان فقلوبهم ذاكرة خاشعة عابدة .
" يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا . وسبحوه بكرة وأصيلا " . ما الذي يفعله الذكر في القلوب والنفوس ؟ الذكر نور فيطرد من القلب ظلمة الباطل والغفلة ، وهو سياج يحفظ القلب من وسوسة الشيطان ، والصدأ والران والغفلة التي تتراكم علي القلب بسبب المعاصي فتحجب عنه الرؤية جلاؤه بذكر الله ، فهو الذي يجلو صدأ القلوب ، فالقلوب اليقظة الذاكرة لا سلطان للشيطان عليها ، لأنه يخنس ويفر من ذكر الله ولا يقترب من القلب إلا في حال غفلته ، وفي القلوب قسوة لا تذوب إلا بذكر الله ، فتطمئن القلوب بذكر ربها وتجد برد الأمان والعافية ، " الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب " ، قلوبهم لا تطمئن بذكر المال ولا بذكر الناس وإنما راحتها وسرورها فقط بذكر الله .
* القلوب تحيا وتموت ، وحياتها في ذكر الله ، روي البخاري عن أبي موسى قال: قال النبي : " مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت " ، والقلب الميت لا رحمة فيه ولا شفقة بمصاب الآخرين ، ولا يقظة له ليوم الحساب فعينه علي شهواته ودنياه ، فلا يعمل حسابا ليوم الحساب ، أما الذاكر لربه فهو علي نور من ربه ، يعلم لماذا جاء إلي هذه الدنيا ما هي الغاية وما هو المقصد من وجوده ، ويعرف إلي أين ستنتهي به خطاه ، وعن أي شيء سيُسأل ، وما هو الزاد الذي عليه أن يجمعه ، الذي قابلك اليوم فقال : فزت بجائزة أو صفقة أو علاوة ، فقل له : فزت اليوم بمجلس علم ، بعيادة مريض ، بصدقة خفية ، بدمعة في جوف الليل ، أرباح الدنيا كلها وهمية أما ثواب الطاعات فهو خير وأبقى .
* بشرى اليوم للذاكرين ، ترى ما هي أول بشرى يُبشر بها الذاكر لربه ؟
1- إنها معية الله له ، وذكره إياه في الملأ الأعلى ، وهل بعد ذلك شرف أن يكون العبد في معية ربه ، الذي في معية أبيه أو في معية كبير من الكبراء أو عظيم من العظماء كم تكون سعادته وفرحته بل ويباهي بهذه الصلة والمعرفة فيقول : أنا جليس فلان . فكيف بمن جليسه هو ربه كما أخبر بذلك نبينا ، أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : " يقول الله: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة". وأخرج الحاكم وصححه عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله يقول : إن الله يقول: " أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه " .
2- وإذا كان كل مجلس يأخذ قدره وقيمته بما يُذكر فيه وبالأمر الذي اجتمعوا عليه ، فهل هناك مجالس علي وجه الأرض مهما كان مجتمعوها وما اجتمعوا عليه مجلس تتحرك إليه الملائكة وتحفه بأجنحتها إلا مجالس يذكر الله فيه ويباهي بها ملائكته ؟ أخرج مسلم وأحمد والترمذي و النسائي عن معاوية " أن رسول الله خرج على حلقة من أصحابه فقال: ما أجلسكم ؟ قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا . قال آلله ما أجلسكم إلا ذلك ؟ قالوا: آلله ما أجلسنا إلا ذلك . قال : أما أني لم أستحلفكم تهمة لكم ، ولكن أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة " .
3- أيسر العبادة وأهونها علي البدن ذكر الله ، وهي في ظاهرها كلمات خفيفة علي اللسان ولكنها من أثقل العبادات في الميزان يوم القيامة ، روي البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي قال : " كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن : " سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم " .
4- الذكر ينعطف من اللسان حول العرش له دوي كدوي النحل يُذكر باسم صاحبه ، ألا نحب أن يكون لنا ما يُذكر بنا ؟ روي أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه عن النعمان بن بشير عن النبي قال : " إن الذين يذكرون من جلال الله وتسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله، يتعاطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل يُذكرن بصاحبهن أفلا يحب أحدكم أن لا يزال له عند الرحمن شيء يذكر به " .
5- كثرة ذكر الله أمان من الغفلة عنه ، ومن أكبر وأهم الأسباب لحسن الخاتمة ، وهذه وصية نبينا لأحد أصحابه ، روي الترمذي عن عبد اللَّه بن بسر أن رجلاً قال: يا رَسُول اللَّهِ إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ فأخبرني بشيء أتشبث به. قال : " لا يزال لسانك رطباً من ذكر اللَّه " .
6- ألا يكفي الذاكر أن عدوه إبليس بعيد عنه لا يقربه ويحترق من نور ذكره لله ، وأما إن غفل فالشيطان يتنبه فيأتي ويجلس ويعربد في القلب بإلقاء شبهة مع شهوة ، حتي يقع الإنسان في الحرام أو الشك والحيرة ، " ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين " .
* جئنا الآن لسؤال هام : كيف نذكر الله لنكون مع هؤلاء ؟ الذكر عبادة هامة ، والله لا يُعبد إلا بما شرع ، ولنا قدوة في خير الذاكرين وإمام المتقين نبينا الكريم حبيب الله وخليله ومصطفاه ، كانوا يصفونه أنه دائم الذكر لله علي جميع أحيانه في مدخله ومخرجه ومأكله ومنامه وسفره وحضره ، كما وصف الله حال المؤمنين بقوله تعالي " الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار " ، وهذه هي حالات الإنسان الثلاث ، وتقول عائشة كما روي عنها مسلم في هذه الآية : كان رسول الله يذكر الله علي كل أحيانه . وكان إذا ذكر الله خاليا أو في الصلاة فاضت عيناه ، وهذا هو فعل الذكر في القلوب لنزول السكينة فتهدأ وتطمئن بذكر ربها .
والذي يريد أن يتعلم عليه بالسيرة وأحاديث الفضائل ، كم ذكرت فضل التسبيح والتهليل والاستغفار والصلاة علي النبي في الصباح والمساء ، إضافة لذلك الأذكار المسنونة والأدعية المأثورة . وهنيئا لمن ذكر الله خاليا ففاضت عيناه من خشية الله ، فهذا من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلي ربهم يتوكلون " .
•
•
•
• • •