إن اعتقاد الإنسان وإيمانه بتقوية صلته بالله عزوجل لهي أهم الأسباب التي تجعل الجانب الروحي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى نجاحه في أعماله وحياته .. ويأتي ذلك على أساس ومنطلق أصيل من قوله تعالى ( وما توفيقي إلا بالله ) .. وعدم اقتران المرء بمسائل العقيدة والدين على مختلف الديانات والمذاهب ستترك فراغاً واضحاً في جوف الإنسان من عدم انتمائه لعقيدة يملأ حاجته الروحية ، والتي تعتبر متطلباً أساسياً في حياته..
وإن مثل هذه الجوانب لتعد من الأمور الأولية لتحقيق الرضا والشعور بالطمأنينة .. وأيضاً من فهم لماذا خلق الإنسان على وجه الأرض ؟ وما هي الحكمة من عيشه في الحياة ؟ .. ثمة وسائل وقناعات أساسية تجعل من الإنسان أن يدرك ويعي تماماً ما نقصده من سد الفراغ الروحاني … ومن هذه القناعات والوسائل :
كثيرة هي المهارات التي تناقش فنون التعامل مع الآخرين وبناء العلاقات معهم ، وتناول الكثير من المهتمين بعلم الاتصال هذه الأساسيات التي نجدها في معظم كتب علم الاجتماع والإدارة، وفي الحقيقة أن معظمها تصل إلى هدف الوصول إلى القبول الاجتماعي، وسر القبول الأول، فقد ورد في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله إذا أحب عبداً نادى جبريل ، فقال يا جبريل : إني أحب فلاناً فأحبه ، فيحبه جبريل ، ثم ينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض ) ، وهنا نصل بأن المحتوى الروحاني الذي يتطرق في مثل هذه المواضيع عندما تكون راسخة في ذهن المرء تحقق له القناعة التامة على ضرورة الاحتواء الروحاني الذي يوصلنا إلى التعامل مع الآخرين بالتعامل معهم بالقيم الإسلامية الحنيفة التي تدعو إلى أغلب المبادئ التي تطرق لها علماء الاجتماع كالابتسامة والنظافة والمظهر الخارجي واللباقة في الحديث والتي لسنا بصدد الحديث عنها الآن ..
عندما يجعل الإنسان نصب عينيه بأن الحكمة من خلقه هو إعمار الأرض ، وتيقنه الكامل بأنه سيبقى زائداً على الدنيا إن لم يزد عليها كما يقول الإمام الرافعي ، سيقوم بإدراكه اللاواعي وبجوارحه عامراً للأرض وواضحاً في تحقيق أهدافه ورسالته ، وستكون دائرة التأثير على الآخرين أكثر وضوحاً وتأثيراً , لأن الوصول إلى تقدير قيمة وجوده في الحياة وحمل رسالة واضحة تجعل منه أكثر تفاعلاً مع متغيرات البيئة التي يعيشها وأكثر تكيفاً مع العوائق التي تصادفه …( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً .. واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً )
الثواب .. دافع الانجازات نحو عطاء غير مشروط
إن من أهم العوامل التي تحقق النجاح في تحقيق الأبناء أو الموظفين أو فرق العمل على انجاز المهام بكفاءة عالية هو وجود الحوافز ، فوجودها يعتبر مكملاً ومتطلباً في بعض الأوقات والأعمال .. ولكن عندما نخرج عن إطار الحافز المادي أو المعنوي , نجد أن الثواب و ابتغاء الأجر من الله سبحانه وتعالى لهو سبيل كثير من الذين حققوا نجاحات في حياتهم لا يبغون فيها رضا الناس أو مديحهم ، وعند غرس هذا المفهوم لدى أبنائنا وطلابنا في المراحل الناشئة والتأسيسية سنلاحظ أن هذا المبدأ سيترسخ بشكل كبير في أذهانهم وعقولهم في حال ما إذا تم توصيل المبدأ بالشكل السليم ، فعلى سبيل المثال : عندما يأتي الأب ويلقن ابنه الأجر الكبير الذي يأتي من إماطة الأذى عن الطريق ، ويقوم بعدها الابن وبشكل تلقائي بتطبيق ذلك من مبدأ الحصول على الأجر والثواب .. سيترك للابن رسالة بتحقيق انجازات بدافع الأجر .. وتقديم المساعدة للآخرين بعمل الخير لهم بدون مقابل،وهكذا يكون باب الدافع مختلفاً ومتميزاً عن الآخرين .
أحسن وإن لم تجز حتى بالثناء .. أي الجزاء الغيث يبغي إن هما
من ذا يكافئ زهرة فواحة … أو من يثيب البلبل المترنما
أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا … لولا الشعور الناس كانوا كالدمى
أحبب فيغدو الكوخ كوناً نيرا .. أبغظ فيمسي الكون سجناً مظلما
اتفق المختصون بأنه كلما ابتعد الإنسان من الأعمال التي تولد الشحنات السلبية كالغضب والكراهية والحقد، كان قريباً جدا من تحقيق الاستقرار في المشاعر والانفعالات الغاضبة، و التسامح ركيزة أساسية من المبادئ والقيم التي تعطي الإنسان الاتزان الروحي، وجاء ذلك متمثلاً في قوله تعالى (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) .. وفي الهدي النبوي في جانب التحكم بانفعالات الغضب ( ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) ..
كيف تكون مسامحاً ؟؟
اكتب ثلاثة أسماء ممن تشعر أن في قلبك من ناحيتهم شئ وأنت لا تستطيع على مسامحتهم : اختر واحداً هذه الشخصيات الثلاثة والذي تعتبره الأقوى في ذلك ،
الموقف الذي جعلك تشعر بهذا الشعور : هل لهذه الشخصية وهذا الإنسان ايجابيات .. هل تتذكر شي منها ؟ اكتبه:أكثر هذه الايجابيات يعجبك :تخيله الآن يقوم بهذا الفعل الايجابي الذي يعجبك هل تراه ؟ ادخل معه في هذا الفعل الايجابي هل أنت الآن ترى نفسك بالمنظر ؟ لماذا لا تستطيع ان تسامحه ؟ تذكر الموقف الذي جعلك لا تسامحه .. ماذا كنت ستفعل لو كنت مكانه ؟ هل يوجد على وجه الأرض من لا يخطئ ؟ هل يمكن أن تقع في نفس ما وقع فيه وتتمنى أن يسامحك الآخرون ؟
أغمض عينك الآن .. خذ نفس عميق ثم اخرج هذا النفس تخيل أن غضبك وضيقك من هذا الشخص يخرج مع هذا النفس وتخيله يطير بعيدا بعيدا ادع الله الآن ” اللهم اجعل التسامح صفة لي واجعل حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم قدوة لي في التسامح والعفو واجعلني كمثل نبيك يوسف الصديق في تسامحه مع إخوانه وأهله ”
تخيل أن الله يناديك يقول لك “ فاصفح الصفح جميل “ وتذكر أن الصفح الجميل يكون بدون طلب الاعتذار .
قل لنفسك لقد سامحت فلانا من اجل أن يرضى الله عني