بينما كان يقود سيارته في طريقٍ بريٍ في ساعة متأخرة من ليلٍ حالك الظلام والطريق مزدحم بالسيارات و فجأة و دون مقدمات انطفأ مصباح السيارة فساد الخوف والارتباك كل من بالسيارة ذُهل القائد و بلغ الخوف منه مبلغه فهو يحذر أن يصطدم بمن أمامه و يخشى أن يُصدم من خلفه وزاد من ارتباكه أن رفيقه النائم في المقعد الخلفي ظن أن السيارة واقفة ففتح الباب و خرج ليتدحرج على الأرض , حاول السائق إقاف سيرته و بعد عراكٍ مؤلم معها تمكن من إيقافها و هرع إلى صاحبه فإذا العناية الربانية قد أحاطته فهو سليم بحمد الله إلا من بعض الجراح الطفيفة .
تخيلت نفسي مكانه و قلت لنفسي ماذا لو انطفأ المصباح ؟ و أدركت حقيقةً نغفل عنها كثيراً وهي حاجتنا الماسة إلى النور فالنور مصدر للأمن و الراحة و الطمأنينة و السكون و الهناء, و الظلمة على النقيض من ذلك فهي مأوى الشرور فيها الضيق و الخوف و القلق تنتشر فيها دواب الأرض و هوامها ، وأنا أتأمل هذه المقارنة بين النور و الظلمة و أتذكر فرح الصغير الذي لا يعقل بالنور و خوفه و بكاءه من الظلمة و مبادرة كل الناس إلى التخلص من الظلمة كل حسب استطاعة ، حتى أن الذي لا يملك مصباحاً كهربائياً يبادر إلى إيقاد جذوة من النار يهتدي بها من الظلمات ، قلت في نفسي كم هي الظلمة مَبْغَضَةٌ مَكْرُوهَةٌ عند كل الناس و لكن مع كل هذا الكره لها إلا أن كثيراً من الناس قد رضي بظلمة هي في الحقيقة أشد وحشةً و ضيقاً و خوفاً و ذعراً من الظلمة الحسية إنها ظلمة القلب إي و ربي إنها لأعظم خطراً و أجل خطباً من ظلمة انطفاء المصباح ومن ظلمة الليل البهيم فما أحوجنا إخوتي الكرم إلى نور الإيمان ليبدد الظلمات من قلوبنا قال تعالى : {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } الأنعام (122) فهل يستوي من يعيش في ظلمات الذنوب و المعاصي بمن منّ الله عليه بالهدى و نّور قلبه بالإيمان كلا و ربي يقول الإمام ابن القيم رحمه الله [وإذا استنار القلب أقبلت وفود الخيرات إليه من كل جانب كما أنه إذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان ] الجواب الكافي (125) وقال رحمه الله : [أصل كل خير وسعادة للعبد بل لكل حي ناطق : كمال حياته ونوره فالحياة والنور مادة الخير كله قال الله تعالى : {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا } فجمع بين الأصلين : الحياة والنور فبالحياة تكون قوته وسمعه وبصره وحياؤه وعفته وشجاعته وصبره وسائر أخلاقه الفاضلة ومحبته للحسن وبغضه للقبيح فكلما قويت حياته قويت فيه هذه الصفات وإذا ضعفت حياته ضعفت فيه هذه الصفات ... وكذلك إذا قوى نوره وإشراقه انكشفت له صور المعلومات وحقائقها على ما هي عليه فاستبان حسن الحسن بنوره وآثره بحياته وكذلك قبح القبيح] إغاثة اللهفان ( 1/20 ) و قد بين الني صلى عليه و سلم حال القلوب مع نور الإيمان فعن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( القلوب أربعة : قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر وقلب أغلف مربوط على غلافه وقلب منكوس وقلب مصفح فأما القلب الأجرد : فقلب المؤمن سراجه فيه نوره وأما القلب الأغلف فقلب الكافر وأما القلب المنكوس فقلب المنافق عرف ثم أنكر وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق ومثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدها الماء الطيب ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها الدم و القيح فأي المدتين غلبت على الأخرى غلبت عليه ) رواه الإمام أحمد و قال ابن كثير : وهذا إسناد جيد حسن وهذا النور لا يُحصّل بالدرهم و الدينار و إنما هو هبة الله عز وجل فهو الذي يهب هذا النور لمن يشاء قال تعالى : (نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ) و قال تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) (النور:40)
و لكن هناك أسباب إذا بذلها العبد وهبه الله هذا النور و منها :
1/ محبة الله و طاعته و العبودية له سبحانه فإنه جل و علا نور السموات و الأرض يهدي لنوره من يشاء من عباده قال تعالى :( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (النور:35) عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله خلق خلقه في ظلمة فألقى عليهم من نوره فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضل فلذلك أقول : جف القلب على علم الله ) . رواه أحمد والترمذي و صححه الألباني .
قال الإمام ابن القيم رحمه الله وهو يصف نور الإيمان في قلب المؤمن : [وهذا هو النور الذي أودعه في قلبه من معرفته ومحبته و الإيمان به وذكره وهو نوره الذي أنزله إليهم فأحياهم به وجعلهم يمشون به بين الناس وأصله في قلوبهم ثم تقوى مادته فتتزايد حتى يظهر على وجوههم وجوارحهم وأبدانهم بل ثيابهم ودورهم يبصره من هو من جنسهم وسائر الخلق له منكر فإذا كان يوم القيامة برز ذلك النور وصار بإيمانهم يسعى بين أيديهم في ظلمة الجسر حتى يقطعوه وهم فيه على حسب قوته وضعفه في قلوبهم في الدنيا فمنهم من نوره كالشمس وآخر كالقمر وآخر كالنجوم وآخر كالسراج وآخر يعطي نوراً على إبهام قدمه يضيء مرة ويطفأ أخرى إذ كانت هذه حال نوره في الدنيا فأعطى على الجسر بمقدار ذلك ] الوابل الصيب (72) .
فيا من يريد الفوز بنور الإيمان أقبل على الله و انطرح بين يديه و متع نفسك بمحبته و العبودية له قال ابن القيم رحمه الله : [وأما محبة الرب سبحانه فشأنها غير هذا الشأن فإنه لا شيء أحب إلى القلوب من خالقها وفاطرها فهو إلهها ومعبودها ووليها ومولاها وربها ومدبرها ورازقها ومميتها ومحييها فمحبته نعيم النفوس وحياة الأرواح وسرور النفوس وقوت القلوب ونور العقول وقرة العيون وعمارة الباطن فليس عند القلوب السليمة والأرواح الطيبة والعقول الزاكية أحلى ولا ألذ ولا أطيب ولا أسر ولا أنعم من محبته والأنس به والشوق إلى لقائه والحلاوة التي يجدها المؤمن في قلبه بذلك فوق كل حلاوة والنعيم الذي يحصل له بذلك أتم من كل نعيم واللذة التي تناله أعلى من كل لذة ] إغاثة اللهفان ( 2/ 197) .
2/ محبة النبي صلى الله عليه و سلم و متابعته فرسول الله نور أرسله لنستضيء بهديه فقال الله ) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً) (الأحزاب:45ـ 46) و قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الحديد:28) قال الطبري رحمه الله : [وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره وعد هؤلاء القوم أن يجعل لهم نورا يمشون به والقرآن مع أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم نوراً لمن آمن بهما وصدقهما وهدى لأن من آمن بذلك فقد اهتدى ].الطبري ( 11/693).
فهو صلى الله عليه و سلم السراج المنير فمن أراد أن ينير قلبه بنور الإيمان فعليه أن يهرع إلى هدي محمد صلى الله عليه و سلم و سنته ليقتبس من السراج المنير ما ينير به قلبه و جسده و روحه و وجهه و حياته .
يقول ابن القيم رحمه الله معلقاً عل الآية السابقة ::[ وفي قوله تمشون به إعلام بأن تصرفهم وتقلبهم الذي ينفعهم إنما هو النور وأن مشيهم بغير النور غير مجد عليهم ولا نافع لهم بل ضرره أكثر من نفعه وفيه أن أهل النور هم أهل المشي في الناس ومن سواهم أهل الزمانة والانقطاع فلا مشي لقلوبهم ولا لأحوالهم ولا لأقوالهم ولا لأقدامهم إلى الطاعات وكذلك لا تمشي على الصراط إذا مشت بأهل الأنوار أقدامهم وفي قوله تمشون به نكتة بديعة وهي أنهم يمشون على الصراط بأنوارهم كما يمشون بها بين الناس في الدنيا ومن لا نور له فإنه لا يستطيع أن ينقل قدما عن قدم على الصراط فلا يستطيع المشي أحوج ما يكون إليه] اجتماع (الجيوش (1/9 و صدق كعب بن زهير رضي الله عنه حين قال :
إن الرسول لنور يستضاء به ... مهند من سيوف الله مسلول
و صدق من قال :
بزغ الصباح بنور وجهك بعدما *** غشت البرية ظلمة سوداء
فتفتقت بالنور أركان الدجى *** و سعى على الكون الفسيح ضياء
و مضى السلام على البسيطة صافياً *** تروى به الفيحاء و الجرداء
حتى صفت للكون أعظم شرعة *** فاضت بجود سخائها الأنحاء
يا سيد الثقلين يا نبع الهدى *** يا خير من سعدت به الأرجاء
3/ تقوى الله :
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الحديد:28) قال الإمام ابن القيم رحمه الله : [ فضمن لهم سبحانه بالتقوى ثلاثة أمور : ( أحدها ) أعطاهم نصيبين من رحمته نصيبا في الدنيا ونصيبا في الآخرة وقد يضاعف لهم نصيب الآخرة فيصير نصيبين ( الثاني ) أعطاهم نورا يمشون به في الظلمات ( الثالث ) مغفرة ذنوبهم وهذا غاية التيسير فقد جعل سبحانه التقوى سببا لكل يسر وترك التقوى سببا لكل عسر ] التبيان في أقسام لقرآن (1/36 )
4/ الصلاة :
عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلآَنِ ، أَوْ تَمْلأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَالصَّلاةُ نُورٌ ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو ، فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا)) .(صحيح مسلم) قال الشيخ ابن عثيمين : "وَالصَّلاةُ نورٌ" أي صلاة الفريضة والنافلة نور، نور في القلب، ونور في الوجه، ونور في القبر، ونور في الحشر، لأن الحديث مطلق، وجرّب تجد.
إذا صلّيت الصلاة الحقيقية التي يحضر بها قلبك وتخشع جوارحك تحس بأن قلبك استنار وتلتذّ بذلك غاية الالتذاذ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم :( جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ ) ] شرح الأربعين .
و قال صلى الله عليه و سلم " من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة ، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف عن أبي الدرداء : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد آتاه الله نورا يوم القيامة ) قال شعيب الأرنؤوط : صحيح بشواهده و قال صلى الله عليه و سلم " بشِّـر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة " رواه أبو داود والترمذي .
قال ابن القيم :[ فالصلاة من أكبر العون على تحصيل مصالح الدنيا والآخرة ودفع مفاسد الدنيا والآخرة وهي منهاة عن الإثم ودافعة لأدواء القلوب ومطردة للداء عن الجسد ومنورة للقلب ومبيضة للوجه ومنشطة للجوارح والنفس وجالبة للرزق ودافعة للظلم ومنزلة للرحمة وكاشفة للغمة ونافعة من كثير من أوجاع البطن ] زاد المعاد ( 4/185).
و قال رحمه الله : [ والصلاة مجلبة للرزق، حافظة للصحة، دافعة للأذى، مطردة للأدواء، مقوية للقلب، مبيضة للوجه، مفرحة للنفس، مذهبة للكسل، منشطة للجوارح، ممدة للقوى، شارحة للصدر مغذية للروح، منورة للقلب، حافظة للنعمة، دافعة للنقمة، جالبة للحركة، مبعدة من الشيطان، مقربة من الرحمن. وبالجملة فلها تأثير عجيب في حفظ صحة البدن والقلب، وقواهما ودفع المواد الرديئة عنهما، وما ابتلي رجلان بعاهة أو داء أو محنة أو بلية إلا كان حظ المصلي منهما أقل، وعاقبته أسلم. وللصلاة تأثير عجيب في دفع شرور الدنيا، ولا سيما إذا أعطيت حقها من التكميل ظاهرًا وباطنًا، فما استدفعت شرور الدنيا والآخرة، ولا استجلبت مصالحهما بمثل الصلاة، وسر ذلك أن الصلاة صلة بالله عز وجل، وعلى قدر صلة العبد بربه عز وجل تفتح عليه من الخيرات أبوابها، وتقطع عنه من الشرور أسبابها، وتفيض عليه مواد التوفيق من ربه عز وجل، والعافية والصحة، والغنيمة والغنى، والراحة والنعيم، والأفراح والمسرات، كلها محضرة لديه، ومسارعة إليه ] زاد المعاد (4/304) .
ما اجمل خطو المصلين إلى بيوت الله عز وجل ما أجمل الحياة بالصلاة وما أجمل قول الشاعر:
يمشون نحو بيوت الله إذ سمعوا *** "الله أكبر" في شوق وفي جذل
أرواحـــهم خشــعت لله في أدب *** قلوبهم من جلال الله في وجل
نجــواهم: ربنــا جئنــاك طائـعة *** نفوسنا، وعصينا خـادع الأمــل
إذا سجــى اللــيل قاموه وأعينهم *** من خشية الله مثل الجائد الهـطل
هـــم الرجــال فلا يلهيهم لـــعب *** عن الصلاة، ولا أكذوبة الكــسل
5/ بر الوالدين قال تعالى : (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ }يوسف4 و قال تعالى : ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً ...) فالأم و الأب على الحقيقة هم شمسك و قمرك يا عبد الله هم نورك الذي تبصر به في ظلمات الحياة كم بدد الله بدعائهما لك كثيراً من الظلمات فاحرص على برهما , و إياك و التقصير في ذلك , فمن قصّر في حقهما و حرم نورهما فهو في بحار الظلمات حُرم من أعظم الأنوار و لا حول و لا قوة إلا بالله .
6/ تلاوة القرآن :
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) النساء:174) قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الشورى:52) عن عبد الله بن بريدة الأسلمي عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من قرأ القرآن و تعلمه و عمل به ألبس يوم القيامة تاجا من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس و يكسى و الديه حلتان لا يقوم بهما الدنيا فيقولان بما كسينا فيقال بأخذ ولدكما القرآن) رواه الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه و حسنه الألباني .
عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ ما أصاب عبدا هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك : أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحا) رواه أحمد قال ابن القيم رحمه الله : [ (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا) الشورى52 فلا روح إلا فيما جاء به ولا نور إلا في الاستضاءة به فهو الحياة والنور والعصمة والشفاء والنجاة والأمن ] الصواعق المرسلة ( 1/ 152 ) .
و قال رحمه الله : [فجمع بين الروح الذي يحصل به الحياة والنور الذي يحصل به الإضاءة والإشراق وأخبر أن كتابه الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم متضمن للأمرين فهو روح تحيا به القلوب ونور تستضىء وتشرق به ] إغاثة اللهفان ( 1/21 )
7 / ذكر الله قال تعالى : ( أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الزمر:22) وقال ذو النون :- من شغل قلبه ولسانه بالذكر قذف الله في قلبه نور الشوق اليه قال ابن القيم : [ إن الذكر نور للذاكر في الدنيا و نور له في قبره و نور له في معاده يسعى بين يديه على الصراط فما استنارت القلوب و القبور بمثل ذكر الله ]و قال رحمه الله : [ إن الذكر ينور القلب و الوجه و الأعضاء و هو نور العبد في دنياه و في البرزخ و في القيامة ] . الوابل الصيب .
8/ قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه و بين الجمعتين ) رواه الحاكم و صححه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) : من قرأ سورة الكهف كانت له نورا يوم القيامة من مقامه إلى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضره ومن توضأ فقال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتب في رق ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة ) رواه الطبراني في الأوسط و صححه الألباني
9/ الإكثار من النوافل و اكتساب الحسنات :
قال ابن عباس : [ إن للحسنة نوراً في القلب و ضياء في الوجه و قوة في البدن و زيادة في الرزق و محبة في قلوب الخلق . و إن للسيئة سواداً في الوجه و ظلمة في القلب و وهناً في البدن و نقصاً في الرزق و بغضة في قلوب الخلق ] و قال عثمان رضي الله : [ ما عمل رجل عملاً إلا ألبسه الله لباسه إن خيراً فخير و إن شراً فشراً ] .
قال ابن القيم رحمه الله : [من ثواب الحسنة الحسنة بعدها فالعبد إذا عمل حسنة قالت أخرى الى جنبها أعملني أيضا فاذا عملها قالت الثانية كذلك وهلم جرا فيتضاعف الربح وتزايدت الحسنات ... ولايزال العبد يعاني الطاعة ويألفها ويحبها ويؤثرها حتى يرسل الله سبحانه برحمته عليه الملائكة تأزه اليها أزا وتحرضه عليها وتزعجه عن فراشه ومجلسه اليها ] الجواب الكافي (36)
10/ الصبر :
قال صلى الله عليه و سلم : ( و الصبر ضياء ) قال النووي رحمه الله : [الصبر محمود ولا يزال صاحبه مستضيئا مهتديا مستمرا على الصواب ] شرح مسلم (3/101).
قال السندي رحمه الله : [والصبر ضياء أي نور قوي فقد قال تعالى هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا ].
قال الألوسي رحمه الله : [والذي يميل القلب إليه أن الضياء يطلق على النور القوي وعلى شعاع النور المنبسط ] روح المعاني (1/166) .
و الصبر من أعظم الأعمال الصالحة بل هو من أبرز صفات الأنبياء و المرسلين و الأتقياء و الصالحين و قد توافرت نصوص الوحيين في الحث على الصبر و بيان فضائله قال تعالى : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } و عنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ) ... وَمَا أَعْطَى اللَّهُ أَحَدًا مِنْ عَطَاءٍ أَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ ) رواه البخاري .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : وجدنا خير عيشنا بالصبر.
قال سليمان بن القاسم: