ودع الشاب أمه وذهب لكسب رزقه في بلد آخر.
دعت الأم لابنها كثيراً وهي غارقة في دموعها، وقد أوصته بالكسب الحلال.
في أحد الأيام أحضرت الأم رغيفاً من الخبز كي تبلّه بالزيت وتأكله، وما إن قطعت لقمة لتضعها في فمها، حتى دقّ الباب سائل جائع محتاج.
أخذت الأم اللقمة ووضعتها فوق الرغيف، وقدمته للسائل الجائع.
وجلست الأم والجوع يأكل معدتها.
في هذه الأثناء كان ابن هذه المرأة الشاب يسير في الغابة، وفجأة ظهر ذئب كبير، وانقض على الشاب يريد التهامه، والشاب عاجز عن الدفاع عن نفسه.
وإذا بفارس قادم على فرسه يركض من بعيد، وأخذ يدفع بقوة هذا الذئب عن الشاب المسكين، وهو يقول:
-لقمة بلقمة.
وفي لحظات تخلص الشاب من أنياب الذئب الحادة، وقد اختفى الفرس والفارس.
قرر الشاب العودة إلى بلده، وإلى أمه الحنون، ليقص عليها ما حدث معه، لعله يجد تفسيراً لما حدث.
وصل الشاب إلى أمه وقصّ عليها ما حصل معه في الطريق.
فقالت له الأم:
- اذكر لي وقت حدوث هذه الحادثة بالتحديد.
ولما ذكر الشاب الوقت بالتحديد اغرورقت عينا الأم بالدموع وشهقت وهي تصيح:
- يا إلهي.. إنه وقت إعطائي السائل المسكين الجائع طعامي، حتى اللقمة التي هيأتها لآكلها أعدتها إلى الرغيف، وأعطيتها السائل.
ضمّت الأم الفرحة ابنها إلى صدرها، وهي تتمتم بصوت حنون رائع:
- حقاً لقمة بلقمة، أعطيت لقمتي للجائع، فردها الله إلي، حيث كان ابني سيصبح لقمة بفم الذئب، فرده الله لي، لا بد أن هذا الفارس كان ملكاً من السماء أرسله الله لك لينقذك يا بني.
يا الله لقمة بلقمة، ما أعدلك وما أكرمك يا رب.