لقد قررتُ أخيرًا أن أثور

[[[[[

هذا الفأر الصغير في غرفتي المتواضعة..
قضم قطعة جديدة من لحافي.. وهرب..
هرب إلى جحره الصغير كالعادة..
إنه كائن ضعيف.. لا يدرك أن في إمكاني أن أسحبه بأناملي من جحره وأنكّل به..
أين قلمي؟
سأكتب كلّ شيء ولن أسكت.. فقد قررتُ أن أثور..سأفضح كلّ خائن..
سأفصح وأُبين..
سأنزل إلى كلّ وضع مُهين..
سأثور..
لن أستمر على هذا الخنوع..
وداعًا أيها الخضوع..
ليس معي أسلحة ولا رشاشات!
لا بأس..
لا نهاية لعدد الركلات التي يمكنني أن أركلها لكل فاسد..
ترى كم جالونًا سأستهلك إذا بصقتُ على كل زنديق؟!
هل ستتقطّع أحبالي الصوتية إذا صرختُ في وجه كل غانية؟!
لا يهم سأثور..

انتهى الأمر..

***

نزلتُ على الدَّرَج بهدوء.. فصاحب العقار يترصّد بي..
أخّرتُ عليه الإيجار كثيرًا..
ولا ينبغي أن يعطلني عن غرضي..
فالثورة أمر لازم..

***
في الشارع..
امرأة أمام بائع فول.. تصرخ في وجهه..
هذا القَدْر من الفول لا يمكن أن يكون بربع جنيه..
الوقح يعاملها بقسوة..
لا ينبغي معاملة الحريم بهذا الأسلوب مهما يكن..
إن حظه سيّء للغاية.. لقد لقيني في بداية ثورتي..
سألقنُه درسًا..

اقتربتُ منه وأنا مفعم بأحاسيس الثورة..

دنوت منه وعلى وجهي اقتضابة ثائر.. لابدّ أن أصفعه على وجهه..
أو أركله بقدمي..
سأمزّق حذائي عليه..

هاه!!
في الواقع لم يكن حجمه بهذه الضخامة من بعيد..
لن أصفعه..
فلن تؤثر فيه صفعة..
حذائي؟؟
ضعيف.. وليس معي ثمن حذاء جديد..

نظر إليّ وأنفه قد أحمر من جرّاء صياحه مع المرأة..

- ماذا تريد..
- شطيرتان من الفول..

آه.. تذكرت
أنا لم أفطر بعد..
وينبغي أن آكل..
فأمامي يوم من الثورة العارمة..
أكلتُ الشطيرتين وتركت البائع وانطلقتُ إلى محطّة الأوتوبيس..

***
نعم تأخرتُ عن العمل.. لا بأس..
لدي اليوم ما هو أهمّ..
فقد قررتُ أن أثور..
لن أترك كل هذه الأخطاء بلا حراك..
سأذهب فقط لتسجيل هذا اليوم في دفتر الإجازة..
وأحصل على مرتبي..
فاليوم هو أوّل الشهر..
وصلت بعد الموعد الرسمي بنصف ساعة..
لا يهم..
استقبلني زميل ودود بخبر تحويلي للتحقيق!
المدير العام بسلامته قرر أن يمر في هذا اليوم على وجه التحديد!
لم يجدني ولم يجد مبررًا لغيابي..
لا بأس هذا المدير العام مخالفاته كثيرة..
وأنا قررت أن أثور..

سأتوجه إلى مكتب الوزير رأسًا..
أنت من جنى على نفسه أيها المدير..
من قال لك أن تقسو عليّ يوم ثورتي؟
أخذت مرتبي وانصرفتُ..
وصلت إلى مكتب الوزير مع العاشرة..
موعد حضور سيادته..

بائع الفول ما الذي أتى به إلى هنا؟!
لا..
ليس بائع الفول..
لكنّه يصلح أن يكون بائع فول!
يشبهه كثيرًا لكن شارب هذا أضخم بكثير..
سحبني من ياقة القميص..
ولزقني في الحائط وأخذ يُعمل يده على جسدي..
آه..
إنه يفتش..
لا بأس..
أنا رجل ثائر شريف..

- ماذا تفعل هنا.

- وِجْهَتي مكتب الوزير.

- مالَكَ ومكتب الوزير.
- إنها الثورة يا محترم..
لقد قررتُ أن أثور..

أشعر بطعمٍ مالحٍ في فمي..
مالح أو حامض ليس يهم الآن..
أرى ألوان صفراء وحمراء..
أشياء تتحرّك..
وكأن بيومي صاحب العقار يجثو فوق جثتي مطالبًا بالإيجار..
لا أستطيع أن أتنفس!
ما هذا؟!
إن خالي مات منذ زمان بعيد..
فمن هذا الذي أراه أمامي؟
آه..
إنه دكتور..
أنا في المستشفى إذن..
ألم يكن يحسن بهذا الحارس أن يتصرّف بتحضر معي؟
الوغد لم يتوان في تسديد قبضته إليّ..
لم يفهم أنني ثائر شريف..

خرجت من المستشفى والحمد لله..
ركبتُ أول (أوتوبيس) متوجّه إلى الوزارة..
الأشياء الصغيرة لا ينبغي أن تعطل الثائرين الجادين..

***
في أوتوبيس (35 بشرطة) حيث الزحام..
رأيت ذلك اللصّ خفيف اليد يحرك أنامله بحنكة في جيب مواطن ما..
نحن في أول الشهر..
حيث ينشط النشالون..
الحمد لله لم يكن مثل بائع الفول..
التقيتُ اليوم بما يكفي منهم..
اقتربتُ من اللص..
وضعت يدي على كتفه بثقة..
ابتسمت ابتسامة ظافر..
اختل توازن اللص وأخرج يده بسرعة فشعر صاحب المحفظة..
نظر صاحبها إليّ مذعورًا..
صرخ اللص بأعلى صوته ناظرًا إليّ: حراااااااااااااااااامي!

لا أدري على وجه التحديد متى توقف السائق وأغلق الأبواب..
ثمّ...
تأكدتُ حينها أنني ألبس أضعف نعل بين الإخوة الركاب..
عبثًا حاولت أن أتكلم..
لم تترك النسوة مجالاً في المحيط الصوتي المسموح به..
فقد كان صراخهن عاليًا..
كنتُ سعيدًا على كل حال بكل هذه الحماسة من هؤلاء الثائرين الشرفاء!
الأمر لا يعدو أن يكون سوء تفاهم..
اللص الوقح يخرج لسانه لي في بلاهة..

انتهى الأمر أمام قسم الشرطة..
وتبرع راكب شريف لكي يوصلني بنفسه إلى الضابط..
لم يكن شكلي بعد موقعة الأوتوبيس يختلف عن أي مسجل خطر..
على عجلة قصصتُ على مرافقي الشريف حقيقة الوضع..
ظهر على وجهه التأثّر..
طيب هو للغاية..
توقف لحظة وسمح لي بالانصراف..
وقال متأثّرًا:

- بشرط..

- أنا تحت أمرك..
- ...
لا تكونوا فضوليين..
لن أخبركم بشرط الرجل لكي يتركني..
الجميع لديهم أسرارهم الخاصّة على كل حال..

***

أنا الآن أمام عمارتنا..
لا تسألوني لماذا جئتُ ماشيًا..
فالمشي رياضة..
وأنا كثائر عتيق ينبغي أن تكون لياقتي ممتازة..
بالطبع سأصعد السلّم بهدوء شديد..
لا أريد أن يشعر بي بيومي صاحب العقار..
فنحن في أول الشهر حيث يترصد بي..
وليس معي مليم واحد..

***
بهدوء فتحت غرفتي فوق السطح..
ودخلت..
أشعر بتعبٍ شديد..
لذلك سأنام فورًا..
الفأر المزعج يقضم من اللحاف مجدّدًا..
مع أنه يراني!
ياله من وغد..
متى تعلم الفئران كلَّ هذه الوقاحة؟
لقد جنى على نفسه..
وهذا آخر يوم له هنا..
دخل الفأر في جحر حائطي مذعورًا..
بكل شجاعةٍ دسستُ أصبعي في الجحر الحائطي الصغير
عجيب!
أين ذهب الفأر؟
هل الجحر بهذا الاتساع؟!
هذا الملمس هل هو لأسلاك ما؟!
آآآآآآآآآآآآآآآه
آآآه
آه

ينبغي أن أنام الآن..
الفأر ليس مزعجًا لتلك الدرجة..
ربما أثور غدًا..

ربما!

هههههههههه
الله يعينو على حالو

يسلمو كتير اسطوره
يعطيك العافيه

يسلموا الأسطوورة على هالموضوووع ... كتير رائع الصراحة

عجبني الطرح فيه والمعاني المتواجدة بين السطوور

تقبل مروري

بتشكرك الاسطورة..
كثيرة هي المعاني التي حملتها حروفكـ
ومتميز هو طرحكـ
لك مني كل الود والتقدير

زائر

يسلمو اسطورة بجد روعة موضوعة ..
كل الشكر لك حبيبي ...

وانشاء الله صاحبنا راح يثور بعد 100 عام ..

بعد ازنك راح انقل الموضوع لمنتدى القصة ..

لانو اشبه ما يكون بقصة ،،،

تقبل مروري ،،،

شكرا لمرورك العذب يا من انرتي متصفحي

:^^: :^^:

أنا الآن أمام عمارتنا..
لا تسألوني لماذا جئتُ ماشيًا..
فالمشي رياضة..
وأنا كثائر عتيق ينبغي أن تكون لياقتي ممتازة..
بالطبع سأصعد السلّم بهدوء شديد..
لا أريد أن يشعر بي بيومي صاحب العقار..
فنحن في أول الشهر حيث يترصد بي..
وليس معي مليم واحد..
يسلمواااا اسطورة ع الموضوع الرائع
تقبل تحياتي
يعطيك الف عافية