سـر ســـقراط

يقول الأستاذ (( أوفر ستريت )) في كتابه (( التأثير في الطبيعة الإنسانية )) : (( إن الرد بكلمة لا من أكثر العقبات ))
فإذا ماقال شخص ((لا) فإن كل كبرياء الشخص يحفزه على أن يظل ثابتاً على المبدأ الذي تفوه به ،
ربما يشعر فيما بعد أنه أخطأ في إصراره على ((لا)) ورغم ذلك فهناك كبرياؤه الذي وضع في الإعتبار ،
وتعذر الرجوع فيما قاله ، ومن ثم كان الأجدى أن تبدأ بالناحية الإيجيابية .

فالمتحدث اللبق هو الذي يحصل على عدد من الردود بنعم في البداية ، وحينئذ يكون قد جعل نفسية مستمعه تتحرك في الإتجاه الإيجابي ،
إنها أشبه بحركة كرة البلياردو ،
ادفع بها إلي أحد الإتجاهات ستحصل على قوة تجلعها تنحرف عنه ، لكنها تحتاج لقوة أكبر كي تعود في الأتجاه العكسي .

الأحمال النفسية هنا وضاحة تماماً ، فعندما يقول شخص ما (( لا)) يقصد ذلك تماماً ، فإنه يفعل أكثر من التفوه بكلمة مكونة من حرفين ، فإن أعضاءه الحيوية وكيانه كله العصبي والعضلي والنفسي يتجه به إلي الرفض خلال وقت قصير ، على عكس مايقول الشخص نعم فلن يحدث أي نشاط ارتدادي ، وعلى هذا فكون الأعضاء في حالة قبول في الإتجاه الآخر ، وعلى ذلك فإنه كلما أمكننا عند الإستقلال أن نتتبع الجزئيات للتوصل منها إلي حكم كلي بقول (( نعم )) كلما كان من المحتمل أن تنجح في جذب الأنتباه واستبقاء محدثك معك .

فلتجعل تلميذك ، عميلكـ ، طفلكـ ، زوجكـ يقول (( لا )) في البداية ، فإن ذلك يتطلب صبر وحكمة الملائكة لو أردت تحويله عن موقفه العدواني السلبي إلي موقف إيجابي .


كـان سقـراط متقد الذكاء بالرغم أنه كان يسير حافي القدمين ، وكان متزوجاً من فتاة تبلغ التاسعة عشر في حين أنه كان في الأربعين ، وكان أصلع ، وقد استطاع أن يفعل مالم يفعلة غيره ، أنه غير مسار التفكير الإنساني بأكمله ، والآن وبعد ثلاثة وعشرين قرناً من وفاته يكرم كواحد من أحكم الفلاسفة والمناطقة في هذا العالم المتصارع .

ولكن ماذا كانت طريقته ؟ هـل قال الناس أنهم مخطئون ،

كلا ، لقد برع سقراط في ألا يفعل ،أن براعته الفنية بأكملها والتي يطلق عليها الآن سر (( سقراط )) كانت مبينة على الحصول على إجابة بنعم ،
وتوجيه الأسئلة التي يمكن لمجادلة أن يوافق عليها ، ويظل سقراط يكسب رداً تلو الرد حتى يحصل على قدر كبير من تغن ويستمر في توجيه الأسئلة وفي نهاية الأمر ينظر مجادله فيرى أنه انتهى إلي مبدأ كـان يرفضه منذ دقائق قليلة مضت .

عندما تحاول أن تكسب شخصاً في المرة التالية لاتقل لأحد أنه مخطئ ،
وتذكر سقراط العجوز حافي القدمين واسأل أسئلة لطيفة تحصل من خلالها على الرد بـ نـعم .

إن الصينيين لهم مثل تجلله الحكمة عن الشرق العريق :
( إن من يمشي الهويني يصل أبعد )

إذا أردت ان تكسب الناس لطريقتك في التفكير :

أسأل أسئلة تجعل الشخص الآخر يجيب بنعم .