واصلت هيئة الدواء والغذاء السعودية حالة من عدم الوضوح حول نتائج فحص لقاح أنفلونزا الخنازير بعدما أخضعته طيلة الفترة السابقة للفحص من قبَل 17 خبيرا، كل في مجاله. وكان من المفترض أن تعلن خلال الأيام الماضية عن تلك النتائج، وتطمئن الناس إما عن سلامة اللقاح، أو توضح لهم جوانب سلبية أخرى محتملة له. إلا أنها ومنذ أيام تتكتم على نتائج الاختبارات، ورفضت أن تفتح أبوابها للصحفيين مؤكدة أنها ستصرح بالتفاصيل قريباً.
الهيئة اكتفت بتصريح مقتضب لصحيفة الرياض السعودية بأنها ستقوم بتسجيل لقاح أنفلونزا الخنازير في مطلع الأسبوع المقبل وأن ذلك في "مراحله النهائية". ووفقا للدكتور هاجد بن محمد بن هاجد مدير إدارة التراخيص في قطاع الدواء بالهيئة العامة للدواء والغذاء فإن "تسجيل لقاح الأنفلونزا المستجدة A-H1N1 "الخنازير" في مراحله النهائية الروتينية، وصدور شهادة تسجيله بالمملكة ستتم مطلع الأسبوع المقبل بعد أن تم الانتهاء من عمليات التقييم.
وتقدمت الشركة الخاصة بتوريد اللقاح أخيرا بملف خاص شمل عددا من البيانات والدراسات العلمية تثبت سلامة اللقاح، وقد عرضت على لجان علمية لتقييمها والتأكد من صحتها بعد الرجوع للمراجع العلمية الموثوقة. وأكد أن "الفحوصات المخبرية للقاح والتي شملت اختبارات العقامة والسمية والخلو من مسببات الحرارة قد انتهت بدون أي مشاكل ولله الحمد". وفيما يرى المتابعون أن حديث "الهاجد" يعني أن اللقاح قد تجاوز أهم الاختبارات إلا أنه لم يطلق إعلان سلامته بشكل تام مما يبقيه في دائرة "المقلق".
من جهة أخرى يستعد عدد من قيادات "الصحة" السعودية يتقدمهم الوزير عبد الله الربيعة وعدد من الشخصيات الصحية لتدشين حملة التطعـــيم بلقاح أنفلونزا الخنازير، وذلك فور وصول الدفعة الأولى من لقاحات التطعيم، والتي ستكون فيها الأولوية للحجاج والمعتمرين والعاملين في القطاع الصحي والأطفال، حيث تريد الوزارة بهذا التحرك التأكيد على عدم الالتفات للشائعات وتشجيع الشارع السعودي على تقبل تناول اللقاح. وأكد المسؤول "أن الامتناع عن أخذ اللقاح سيساعد على انتشار هذا الوباء ولن يحد منه"، لافتا إلى أن "التطعيم اختياري ولن يكون إجباريا".
يأتي ذلك في الوقت الذي تصاعدت فيه نسب ظهور فيروس الوباء في العديد من مدارس التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية، وكان آخرها قيام وزارة التربية والتعليم بتعليق الدراسة لمدة أسبوع في مدرسة ابتدائية للبنات بشرق الرياض، حيث ظهرت حالات إصابة بفيروس "الخنازير". كما تم رصد إصابة طالبين في مدرستين في منطقة المدينة المنورة. وأوضحت الوزارة أن ذلك في إطار الجهود المبذولة من وزارتي الصحة والتربية والتعليم، وأكدت وزارة التربية على اندراج ذلك ضمن الضوابط والإجراءات التي تنص عليه خطتها لمواجهة الوباء وفق المنهج العام للخطة الوطنية المعدة لذلك، مشيرة إلى أن الحالات لا تشكل حتى الآن أي هاجس مقلق ، وهي في حدود المتوقع ، وظهرت حالات مماثلة في دول أخرى.
وتفيد تقارير صحفية أن التطعيم المنتظر لا يحظى بالقبول المأمول لدى أولياء أمور طلاب وطالبات المدارس، وهو بحاجة لتطمينات قوية من منسوبي الصحة السعودية وصل بعضها لدرجة مطالبة وزير الصحة بأن يكون أول من يأخذ اللقاح. هذا في الوقت الذي تزداد فيه نسب اكتشاف حالات جديدة في المدارس، ومع قرب موسم الحج. هذه المخاوف رفعت للمقام السامي لتأتي بادرة جديدة من العاهل السعودي بشراء ستة ملايين جرعة إضافية للقاح الطلبة والطالبات والفئات الأكثر عرضة للمرض.
وفيما اتضح تأخر وصول الجرعات الأولى أكد الدكتور خالد مرغلاني المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة أمس الأول، أن أول دفعة من لقاح أنفلونزا الخنازير ستصل خلال الأيام القليلة المقبلة، مؤكداً "أن المملكة لن تبدأ في التطعيم إلا بعد التأكد من مأمونية وسلامة اللقاح، وأنه تمت الموافقة عليه من قبَل منظمة الصحة العالمية، وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية، وهيئة الدواء والغذاء السعودية"، وأن "هناك كميات وصلت للمملكة لغرض الفحص والتحليل، وهو ما سيطبق على أي جرعات تصل لاحقا"ً.
المؤكد أن ازدياد المخاوف خلال فترات سابقة بعد تناقل معلومات كثيرة عبر الانترنت والبريد الالكتروني عن أعراض جانبية قاتلة للقاح الخنازير، ومن بينها أنه يؤدي إلى الإصابة بمرض التوحد، اثرت على قبوله. وهذه الشائعات نفاها الدكتور خالد بن عبد الله المنيع. كما أكد أنه "من خلال دراسة أجريت على 2000 سيدة حامل لم يكن هناك تأثير سلبي على الأم أو الجنين بعد تلقي لقاح الأنفلونزا. ولأن الحامل قد تكون عرضة أكثر من غيرها لمضاعفات الأنفلونزا فإن فوائد إعطائها اللقاح تفوق أضرار كمية الثيميروزال القليلة إذا افترضنا أن لها ضرراً بهذا المقدار".
يذكر أن التضارب في نفي الآثار الجانبية للقاح، والتأكيد على وجودها والتحذير منها، جعلت المتابعين في حيرة من اختيار الأمثل والأحوط . وتشير بعض الاستبيانات والتصريحات إلى أن نسبة الرافضين حتى الآن تفوق نسبة المتحمسين للقاح. إلا أن تسجيل اللقاح رسميا لدى هيئة الدواء والغذاء من المتوقع أن يكون له تأثير إيجابي في زيادة نسبة المتقدمين لطلب اللقاح.