عاشقة الزهور *****
المشاركات : 75737
العمـر : 41
المزاج :
الدولة :
المهنة :
الهواية :
التسجيل : 09/03/2009
النقاط : 101796
التقييم : 846
| موضوع: اللِّين والرِّفق الإثنين سبتمبر 21, 2009 9:43 pm | |
| اللِّين والرِّفق
إن التوازن في شخصية المسلم ليجمع الشدة والرحمة ، وإن من الحكمة مراعاة كل ظرف بما يناسبه، والتعامل مع كل حالة بما تقتضيه؛ من الأخذ بقوة أو الرفق واللين ، غير أنه يبقى أن الأصل في التعامل الاجتماعي اللين والرقة ، ما لم يقم ما يقتضي خلاف ذلك . أما حين تنضب ينابيع العاطفة ، فلابد من تطهير القلب من عوامل القسوة ؛ لتنعكس صورة اللين على المعاملة والسلوك . إنطول الزمن قد يخفف من رقة الشعور ، وتطاول الأيام قد ينسي بعض القيم ،وتقادم العهد قد يغير المشاعر القلبية ، ما لم يتعهد المرء نفسه ويجلوقلبه ، ليبقى حاضر الفكر ، واعي القلب ، يقظ الإحساس ، ولأن اللين ظاهرةسلوكية تنبع عن قلب لين ، فقد عاتب ربنا وعز وجل الصحابة الكرام رضوانالله عليهم حين رأى منهم تغيرا في القلوب ، يقول الله تعالى :(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِاللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُواالْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْقُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) [الحديد:16]. وحدث ابنمسعود فقال : ( ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية ...إلا أربع سنين ) وزاد في رواية ( فجعل ينظر بعضنا إلى بعض ويقول : ماأحدثنا ؟ ) فإن كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم قد احتاجوا إلى تلكاللفتة القلبية بعد أربع سنوات من إسلامهم ، فكم تحتاج قلوبنا إلى تعهدوتزكية ؟! وقسوةالقلب قد تكون أحيانا نتيجة المعاصي ، ومظهراً من مظاهر غضب الله سبحانهوتعالى على العبد ، ولذلك يقول مالك بن دينار : ( ما ضُرب عبد بعقوبة أعظممن قسوة قلب ، وما غضب الله على قوم إلا نزع الرحمة من قلوبهم . ) . وإنالعيش في أعطاف النعمة ليجعل على القلب غشاوة ، تشغل المرء بذاته ، منهمته ، ولذلك رأى محمد بن كعب في الآية السابقة توجيها آخر فقال : (كانت الصحابة بمكة مجدبين ،فلما هاجروا أصابوا الريف والنعمة ففتروا عماكانوا فيه فقست قلوبهم فوعظهم الله فأفاقوا ) ، ألا فلنتواص حتى نفيق ..إنالانشغال بلغو الكلام وتتبع الهفوات يجفف منابع اللين في القلب ، وتنعكسالآثار على صورة حدة في التعامل . جاء في موطأ الإمام مالك قوله : ( بلغنيأن عيسى عليه السلام قال لقومه : لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله تعالى ؛فتقسو قلوبكم ؛ فإن القلب القاسي بعيد من الله ، ولكن لا تعلمون ، ولاتنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب ، و انظروا فيها كأنكم عبيد ، فإنماالناس رجلان : معافى ومبتلى .فارحموا أهل البلاء ، واحمدوا الله على العافية ).إنشخصية الداعية لتقتضي القدرة على التعامل مع الناس باللين . وقد تعجبتالسيدة عائشة من موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استأذن رجلبالدخول عليه ، فنعته بقوله : (( بئس أخو العشيرة )) ( فلما دخل ألان لهالكلام) صحيح البخاري . وليس عجيبا أن يكون هذا شأن نبينا صلى الله عليهوسلم وهو القائل : [size=12]( ما كان الرفق في شيء إلا زانه ...الحديث )[/size] ولما سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال، أوجزها له في صفات ذكر منها : ( لين الكلام وبذل الطعام ... ) ( مسند أحمد ) .وإذا كان قصدنا الفوز برضا الله عز وجل ، والنجاة من النار ، فإن المسلم لينال باللين ما لا يناله بالغلظة والشدة ، كما في الحديث : ( حُرِّم على النار : كل هيّن ليّن سهل ، قريب من الناس ) صححه الألباني : صحيح الجامع 3135).ويمكن أن يكون تكلف السلوكيات اللينة مدخلا إلى اكتساب اللين القلبي ، فقد شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال له : ( إن أردت أن يلين قلبك ، فأطعم المسكين ، وامسح رأس اليتيم ) حسنه الألباني : صحيح الجامع 1410) .وكثيراما يحرش الشيطان في الصدور ، حتى في لحظة القيام للصلاة ، وتسوية الإمامللصفوف ، بتأخير هذا وتقديم ذاك إلى أن يستقيم الصف ، وقد كان من وصيتهصلى الله عليه وسلم قبل الدخول في الصلاة : ( ... ولينوا في أيدي إخوانكم ... ) صححه الألباني ) (صحيح الجامع 1187ورواه أبو داود). لأن إقامة الصفوف وسد الخلل تقتضيان الاستجابة وعدم المعاندة .وليسالمقصود باللين عدم إنكار المنكر ، وإنما اللين في الأسلوب حيث يغني اللينويحقق الغرض ، وذلك باستنفاذ جميع الوسائل الممكنة التي تضمن الاستجابة ،ولا تستعدي الآخرين ، وراجع ـ إن شئت ـ حديث البخاري في قصة الرجل الذيجامع أهله في نهار رمضان ، كيف عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلمعدداً من الخيارات للتكفير عن ذنبه فقال له : (هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال لا ، قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟قال :لا قال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا ) فجاء النبي صلىالله عليه وسلم تمر ، فأعطاه للرجل ، وقال له : ( خذ هذا فتصدق به فقالالرجل : على أفقر مني يا رسول الله ، والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقرمن أهل بيتي ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ، ثم قال :أطعمه أهلك . ) ( البخاري ) .فاللين صورة من صور الرحمة يضعها الله في قلب العبد ، قال تعالى ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل: عمران:159]. والرفيق الرحيم أحق الناس برحمة الله عز وجل كما في الحديث : " الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى . ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ".( صحيح الجامع 3522). ولذلكفإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كان أرحم الناس بالصبيان والعيال ) (صحيح الجامع 4797) ونفى كمال الإيمان عمن لا يرحم ، حيث قال عليه الصلاةوالسلام : ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ، ويعرف شرف كبيرنا ) ( صحيح الجامع 5444) . وحتى الرحمة بالمخلوقات من أسباب استحقاق رحمة الله في الآخرة ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ( من رحم ولو ذبيحة عصفور ، رحمه الله يوم القيامة) (حسنه الألباني ) .والعلاقاتالأسرية مع الأهل وذوي الرحم ، ينبغي أن يسودها الرفق واللين ؛ للمحافظةعلى تماسك بنيان الأسرة المسلمة وصفاء أجوائها ، كما في الحديث :( إذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق ) . رواه أحمدوالهيناللين ينسحب رفقه على كل صور حياته ، التي تقتضي السماحة واللين فيالتعامل مع المؤمنين ، حتى يحظى بمحبة الله سبحانه وتعالى ( إن الله تعالىيحب الرفق في الأمر كله ) رواه البخاري. كما نحظى بعون الله عز وجل يقولرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن الله رفيق يحب الرفق ، ويرضاه ، ويعين عليه ما لا يعين على العنف ... ) .وصورةالشديد الغليظ ، الغاضب العنيف ، صورة مشينة معيبة تنفر منها الطباعالبشرية ، بينما صورة السهل الرفيق ، اللين اللطيف، صورة تزين صاحبها ،وترتاح إليها النفوس ، وتأنس إليها القلوب ، وقد قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم : ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، ولا نزع من شيء إلا شانه ) ( صحيح الجامع 5654).ولا ينفي كل ما مضى أن المؤمنين أشداء على الكفار رحماء بينهم، ولا أنهم يغضبون لله ، كما أنهم يلينون لوجه الله عز وجل.ا
عدل سابقا من قبل عاشقة الزهور في الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 8:44 am عدل 1 مرات | |
|
???? زائر
| موضوع: رد: اللِّين والرِّفق الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 5:11 am | |
| بارك الله فيكي عاشقة الزهور
يعطيكي الف عافية يااارب
/
تقبلي مروري
|
|
الجوهرة المصونة *****
المشاركات : 17164
العمـر : 36
تعاليق : مشرفة الطب والصحة
المزاج :
الدولة :
المهنة :
الهواية :
التسجيل : 10/10/2008
النقاط : 18248
التقييم : 501
توفيقك يارب
| موضوع: رد: اللِّين والرِّفق الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 8:04 am | |
| جزاكي الله خيرا
وربي يجعله في ميزان حسناتك
مودتي | |
|
عاشقة الزهور *****
المشاركات : 75737
العمـر : 41
المزاج :
الدولة :
المهنة :
الهواية :
التسجيل : 09/03/2009
النقاط : 101796
التقييم : 846
| موضوع: رد: اللِّين والرِّفق الثلاثاء سبتمبر 22, 2009 8:45 am | |
| بارك اله بمروركم الكريم مساافر وجوهرة
| |
|
الأسطورة *****
المشاركات : 21139
العمـر : 31
تعاليق : مصمـــم المنتدى
المزاج :
الدولة :
المهنة :
الهواية :
التسجيل : 10/10/2008
النقاط : 19722
التقييم : 378
| موضوع: رد: اللِّين والرِّفق الإثنين نوفمبر 16, 2009 1:36 pm | |
| جزاكـ الله خيرا عاشقة
شكرا لكـ
ودمت في حفظ الرحمن
| |
|
عاشقة الزهور *****
المشاركات : 75737
العمـر : 41
المزاج :
الدولة :
المهنة :
الهواية :
التسجيل : 09/03/2009
النقاط : 101796
التقييم : 846
| موضوع: رد: اللِّين والرِّفق الإثنين نوفمبر 16, 2009 6:35 pm | |
| | |
|