منتديات النورس
عزيزي الزائر مرحبا بكـ

يرجى الدخول أو التسجيل إذا كنت ترغب في الإنضمام إلينا

تذكر أن هذا المنتدى يحتاج لتفعيل تسجيلك من الإيميل

شكراً


منتديات النورس
عزيزي الزائر مرحبا بكـ

يرجى الدخول أو التسجيل إذا كنت ترغب في الإنضمام إلينا

تذكر أن هذا المنتدى يحتاج لتفعيل تسجيلك من الإيميل

شكراً


منتديات النورس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات النورس

أفضل منتدى عربي
 
الرئيسيةأفضل منتدى عربيأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:34 pm

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله




نزلت سورة البقرة
بعد الهجرة؛ ولذلك فهي مدنية؛ فإن كل ما نزل بعد الهجرة فهو مدني؛ وما
نزل قبلها فهو مكي؛ هذا هو الصحيح؛ لأن العبرة بالزمن . لا بالمكان..

وغالب السور المدنية يكون فيها تفصيل أكثر من السور المكية؛ ويكون التفصيل فيها في فروع الإسلام
دون أصوله؛ وتكون غالباً أقل شدة في الزجر، والوعظ، والوعيد؛ لأنها تخاطب
قوماً كانوا مؤمنين موحدين قائمين بأصول الدين، ولم يبق إلا أن تُبَيَّن
لهم فروع الدين ليعملوا بها؛ وتكون غالباً أطول آيات من السور المكية..




القــرآن

(بسم الله الرحمن الرحيم) )الم) (1))ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)

التفسير:.
قوله تعالى: { بسم الله الرحمن الرحيم }: قد تقدم الكلام عليها في سورة الفاتحة..
.{ 1 } قوله
تعالى: { الم } حروف هجائية: ثلاثة أحرف: ألِف، ولام، وميم؛ تقرأ لا على
حسب الكتابة: "أَلَمْ"؛ ولكن على حسب اسم الحرف: "ألِفْ لامْ ميمْ"..

هذه الحروف الهجائية اختلف العلماء فيها، وفي الحكمة منها على أقوال كثيرة يمكن حصرها في أربعة أقوال
القول
الأول: أن لها معنًى؛ واختلف أصحاب هذا القول في تعيينه: هل هو اسم لله
عزّ وجلّ؛ أو اسم للسورة؛ أو أنه إشارة إلى مدة هذه الأمة؛ أو نحو ذلك؟


القول الثاني: هي حروف هجائية ليس لها معنًى إطلاقاً..
القول الثالث: لها معنًى الله أعلم به؛ فنجزم بأن لها معنًى؛ ولكن الله أعلم به؛ لأنهم يقولون: إن القرآن لا يمكن أن ينزل إلا بمعنى..
القول الرابع: التوقف، وألا نزيد على تلاوتها؛ ونقول: الله أعلم: أَلَها معنًى، أم لا؛ وإذا كان لها معنًى فلا ندري ما هو..
وأصح
الأقوال فيها القول الثاني؛ وهو أنها حروف هجائية ليس لها معنًى على
الإطلاق؛ وهذا مروي عن مجاهد؛ وحجة هذا القول: أن القرآن نزل بلغة العرب؛
وهذه الحروف ليس لها معنًى في اللغة العربية، مثل ما تقول: ألِف؛ باء؛ تاء؛
ثاء؛ جيم؛ حاء...؛ فهي كذلك حروف هجائية..

أما كونه تعالى اختار هذا الحرف دون غيره، ورتبها هذا الترتيب فهذا ما لا علم لنا به..

هذا
بالنسبة لذات هذه الحروف؛ أما بالنسبة للحكمة منها فعلى قول من يعين لها
معنًى فإن الحكمة منها: الدلالة على ذلك المعنى . مثل غيرها مما في
القرآن..

وأما على قول من يقول: "ليس لها معنًى"؛ أو: "لها معنًى الله أعلم به"؛ أو: "يجب علينا أن نتوقف" فإن الحكمة عند هؤلاء على أرجح الأقوال . وهو الذي اختاره ابن القيم، وشيخ الإسلام
ابن تيمية، واختاره تلميذه الحافظ الذهبي، وجمع كثير من أهل العلم . هو
الإشارة إلى بيان إعجاز القرآن العظيم، وأن هذا القرآن لم يأتِ بكلمات، أو
بحروف خارجة عن نطاق البشر؛ وإنما هو من الحروف التي لا تعدو ما يتكلم به
البشر؛ ومع ذلك فقد أعجزهم..

فهذا
أبين في الإعجاز؛ لأنه لو كان في القرآن حروف أخرى لا يتكلم الناس بها لم
يكن الإعجاز في ذلك واقعاً؛ لكنه بنفس الحروف التي يتكلم بها الناس . ومع
هذا فقد أعجزهم .؛ فالحكمة منها ظهور إعجاز القرآن الكريم في أبلغ ما يكون
من العبارة؛ قالوا: ويدل على ذلك أنه ما من سورة افتتحت بهذه الحروف إلا وللقرآن فيها ذكر؛ إلا بعض السور القليلة لم يذكر فيها القرآن؛ لكن ذُكر ما كان من خصائص القرآن:.


فمثلاً
قوله تعالى: {كهيعص} [مريم: 1] ليس بعدها ذكر للقرآن؛ ولكن جاء في السورة
خاصية من خصائص القرآن . وهي ذِكر قصص من كان قبلنا .: {ذكر رحمت ربك عبده
زكريا...} (مريم: 2)

كذلك في سورة
الروم قال تعالى في أولها: {الم * غلبت الروم} [الروم: 1، 2] ؛ فهذا
الموضع أيضاً ليس فيه ذكر للقرآن؛ ولكن في السورة ذكر شيء من خصائص القرآن .
وهو الإخبار عن المستقبل .: {غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم
سيغلبون * في بضع سنين} [الروم: 2 . 4)


وكذلك
أيضاً قوله تعالى: {الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا
يفتنون} [العنكبوت: 1، 2] ليس فيها ذكر القرآن؛ ولكن فيها شيء من القصص
الذي هو أحد خصائص القرآن: {ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمنَّ الله الذين صدقوا...} (العنكبوت: 3)

فهذا القول الذي اختاره شيخ الإسلام
ابن تيمية، واختاره جمع من أهل العلم هو الراجح: أن الحكمة من هذا ظهور
إعجاز القرآن في أبلغ صوره، حيث إن القرآن لم يأتِ بجديد من الحروف؛ ومع
ذلك فإن أهل اللغة العربية عجزوا عن معارضته وهم البلغاء الفصحاء..

وقال
بعضهم: إن الحكمة منها تنشيط السامعين؛ فإذا تلي القرآن، وقرئ قوله تعالى:
{ الم } كأنه تعالى يقول: أنصتوا؛ وذلك لأجل المشركين . حتى ينصتوا له ...


ولكن
هذا القول فيه نظر؛ لأنه لو كان كذلك لكان هذا في كل السور؛ مع أن أكثر
السور غير مبتدئ بمثل هذه الحروف؛ وأيضاً لو كان كذلك ما صارت في السور
المدنية . مثل سورة البقرة .؛ لأن السور المدنية ليس فيها أحد يلغو في القرآن؛ فالصواب أن الحكمة من ذلك هو ظهور إعجاز القرآن..

.{ 2 } قوله
تعالى: { ذلك الكتاب }: "ذا" اسم إشارة؛ واللام للبعد؛ فإذا كان المشار
إليه بعيداً تأتي بهذه اللام التي نسميها "لام البعد"؛ أما الكاف فهي
للخطاب؛ وهذه الكاف فيها ثلاث لغات:.


الأولى:
مراعاة المخاطب؛ فإن كان مفرداً مذكراً فُتِحت؛ وإن كان مفرداً مؤنثاً
كُسِرت، وإن كان مثنى قرنت بالميم، والألف: "ذلكما" ؛ وإن كان جمعاً مذكراً
قرنت بالميم: "ذلكم"؛ وإن كان جمعاً مؤنثاً قرنت بالنون المشددة:
"ذلكنَّ"؛ وهذه هي اللغة الفصحى..

اللغة
الثانية: لزوم الفتح والإفراد مطلقاً، سواء خاطبت مذكراً، أو مؤنثاً، أو
مثنى، أو جمعاً؛ فتقول للرجل: "ذلكَ" ؛ وللمرأة: "ذلكَ"؛ وللاثنين: "ذلكَ"؛
وللجماعة: "ذلكَ"..


اللغة
الثالثة: أن تكون بالإفراد سواء كان المخاطب واحداً، أم أكثر . مفتوحة في
المذكر مكسورة في المؤنث.؛ فتقول: "ذلكَ" إذا كان المخاطب مذكراً؛ وتقول:
"ذلكِ" إذا كان مؤنثاً..

والخطاب في قوله تعالى: { ذلك } لكل مخاطب يصح أن يوجه إليه الخطاب؛ والمعنى: ذلك أيها الإنسان المخاطَب..
والمراد
بـ{ الكتاب } القرآن؛ و{ الكتاب } بمعنى المكتوب؛ لأن "فِعال" كما تأتي
مصدراً . مثل: قتال، ونضال . تأتي كذلك بمعنى اسم مفعول، مثل: بناء بمعنى
مبني؛ وغراس بمعنى مغروس؛ فكذلك "كتاب" بمعنى مكتوب؛ فهو مكتوب عند الله؛
وهو أيضاً مكتوب بالصحف المكرمة، كما قال تعالى: {في صحف مكرمة * مرفوعة
مطهَّرة * بأيدي سفرة} [عبس: 13 . 15] ؛ وهو مكتوب في الصحف التي بين أيدي
الناس؛ وأشار إليه بأداة البعيد لعلوّ منزلته؛ لأنه أشرف كتاب، وأعظم
كتاب..


قوله
تعالى: { لا ريب فيه هدًى للمتقين }: أهل النحو يقولون: إنّ { لا } هنا
نافية للجنس؛ و{ ريب } اسمها مبني على الفتح؛ لأنه مركب معها؛ فهي في محل
نصب؛ ويقولون: إنّ { لا } النافية للجنس تفيد العموم في أقصى غايته . يعني
تدل على العموم المطلق .، فتشمل القليل، والكثير؛ فإذاً القرآن ليس فيه ريب
لا قليل، ولا كثير..

و
"الريب" هو الشك؛ ولكن ليس مطلق الشك؛ بل الشك المصحوب بقلق لقوة الداعي
الموجب للشك؛ أو لأن النفس لا تطمئن لهذا الشك؛ فهي قلقة منه . بخلاف مطلق
الشك .؛ ولهذا من فسّر الريب بالشك فهذا تفسير تقريبي؛ لأن بينهما فرقاً..


والنفي
هنا على بابه؛ فالجملة خبرية؛ هذا هو الراجح؛ وقيل: إنه بمعنى النهي . أي
لا ترتابوا فيه .؛ والأول أبلغ؛ فإن قال قائل: ما وجه رجحانه؟

فالجواب:
أن هذا ينبني على قاعدة هامة في فهم وتفسير القرآن: وهي أنه يجب علينا
إجراء القرآن على ظاهره، وأن لا نصرفه عن الظاهر إلا بدليل، مثل قوله
تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: 228] ، فهذه الآية
ظاهرها خبر؛ لكن المراد بها الأمر؛ لأنه قد لا تتربص المطلقة؛ فما دمت تريد
تفسير القرآن الكريم فيجب عليك أن تجريه على ظاهره إلا ما دلّ الدليل على خلافه؛ وذلك؛ لأن المفسر للقرآن شاهد على الله
بأنه أراد به كذا، وكذا؛ وأنت لو فسّرت كلام بشر على خلاف ظاهره لَلامَكَ
هذا المتكلم، وقال: "لماذا تحمل كلامي على خلاف ظاهره! ليس لك إلا
الظاهر"؛ مع أنك لو فسرت كلام هذا الرجل على خلاف ظاهره لكان أهون لوماً
مما لو فسرت كلام الله؛ لأن المتكلم . غير الله . ربما يخفى عليه المعنى، أو يعييه التعبير، أو يعبر بشيء ظاهره خلاف ما يريده، فتفسره أنت على ما تظن أنه يريده؛ أما كلام الله عزّ وجلّ فهو صادر عن علم، وبأبلغ كلام، وأفصحه؛ ولا يمكن أن يخفى على الله عزّ وجلّ ما يتضمنه كلامه؛ فيجب عليك أن تفسره بظاهره..


فقوله
تعالى: { لا ريب فيه }: ظاهرها أنها جملة خبرية تفيد النفي؛ والمعنى: ليس
فيه ريب أبداً؛ وقيل: إن الخبر هنا بمعنى النهي؛ فمعنى: { لا ريب فيه }: لا
ترتابوا فيه؛ والذي أوجب أن يفسروا النفي بمعنى النهي قالوا: لأنه قد حصل
فيه ريب من الكفار، والمنافقين؛ قال تعالى: {فهم في ريبهم يترددون}
[التوبة: 45] ؛ فلا يستقيم النفي حينئذ؛ وتكون هذه القرينة الواقعية من
ارتياب بعض الناس في القرآن قرينةً موجبة لصرف الخبر إلى النهي؛ ولكننا
نقول: إن الله
تعالى يتحدث عن القرآن من حيث هو قرآن . لا باعتبار من يتلى عليهم القرآن
.؛ والقرآن من حيث هو قرآن لا ريب فيه؛ عندما أقول لك: "هذا الماء عذب"
فهذا بحسب وصف الماء بقطع النظر عن كون هذا الماء في مذاق إنسان من الناس
ليس عذباً؛ كون مذاق الماء العذب مراً عند بعض الناس فهذا لا يؤثر على
طبيعة الماء العذب؛ وقد قال المتنبي:.


(ومن
يك ذا فمٍ مرٍّ مريضٍ، يجدْ مُرّاً به الماءَ الزُّلالا) فما علينا من
هؤلاء إذا كان القرآن عندهم محل ريبة؛ فإن القرآن في حد ذاته ليس محل ريبة؛
والله سبحانه وتعالى يصف القرآن من حيث هو قرآن؛ على أن كثيراً من الذين
ادّعوا الارتياب كاذبون يقولون ذلك جحوداً، كما قال تعالى: {فإنهم لا
يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله
يجحدون} [الأنعام: 33] ؛ فكثير منهم ربما لا يكون عنده ارتياب حقيقي في
القرآن؛ ويكون في داخل نفسه يعرف أن هذا ليس بقول الرسول صلى الله عليه وسلم وأن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يستطيع أن يأتي بمثله؛ ولكن مع ذلك يجحدون، وينكرون..


وعلى هذا فالوجه الأول هو الوجه القوي الذي لا انفصام عنه . وهو أن الله تعالى وصف القرآن من حيث هو قرآن بقطع النظر عمن يُتلى عليهم هذا القرآن: أيرتابون، أم لا يرتابون فيه..
وقوله
تعالى: { لا ريب فيه هدًى للمتقين }: وقف بعض القراء على قوله تعالى: { لا
ريب }؛ وعليه فيكون خبر { لا } محذوفاً؛ والتقدير: لا ريب في ذلك؛ ويكون
الجار والمجرور خبراً مقدماً، و{ هدًى } مبتدأً مؤخراً؛ ووقف بعضهم على
قوله تعالى: { فيه }؛ وعليه فيكون الجار والمجرور خبر { لا }؛ ويكون قوله
تعالى: { هدًى } خبر مبتدأ محذوف؛ والتقدير: هو هدًى للمتقين..

و"التقوى":اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره، واجتناب نواهيه..

الفوائد:
.1
من فوائد الآية: بيان علوّ القرآن؛ لقوله تعالى: { ذلك }؛ فالإشارة
بالبعد تفيد علوّ مرتبته؛ وإذا كان القرآن عالي المكانة والمنزلة، فلا بد
أن يعود ذلك على المتمسك به بالعلوّ والرفعة؛ لأن الله
سبحانه وتعالى يقول: {ليظهره على الدين كله} [التوبة: 33] ؛ وكذلك ما
وُصِف به القرآن من الكرم، والمدح، والعظمة فهو وصف أيضاً لمن تمسك به..

.2
ومنها: رفعة القرآن من جهة أنه قرآن مكتوب معتنىً به؛ لقوله تعالى: { ذلك
الكتاب }؛ وقد بيّنّا أنه مكتوب في ثلاثة مواضع: اللوح المحفوظ، والصحف
التي بأيدي الملائكة، والمصاحف التي بأيدي الناس..

.3 ومن فوائد الآية: أن هذا القرآن نزل من عند الله يقيناً؛ لقوله تعالى: ( لا ريب فيه )

.4
ومنها: أن المهتدي بهذا القرآن هم المتقون؛ فكل من كان أتقى لله كان أقوى
اهتداءً بالقرآن الكريم؛ لأنه عُلِّق الهدى بوصف؛ والحكم إذا عُلق بوصف
كانت قوة الحكم بحسب ذلك الوصف المعلَّق عليه؛ لأن الوصف عبارة عن علة؛
وكلما قويت العلة قوي المعلول..

.5
ومن فوائد الآية: فضيلة التقوى، وأنها من أسباب الاهتداء بالقرآن،
والاهتداء بالقرآن يشمل الهداية العلمية، والهداية العملية؛ أي هداية
الإرشاد، والتوفيق..

فإن
قيل: ما الجمع بين قوله تعالى: { هدًى للمتقين }، وقوله تعالى: {شهر رمضان
الذي أنزل فيه القرآن هدًى للناس وبينات من الهدى والفرقان}؟ (البقرة:
185) .


فالجواب:
أن
الهدى نوعان: عام، وخاص؛ أما العام فهو الشامل لجميع الناس وهو هداية
العلم، والإرشاد؛ ومثاله قوله تعالى عن القرآن: {هدًى للناس وبيّنات من
الهدى والفرقان} [البقرة: 185] ، وقوله تعالى عن ثمود: {وأما ثمود فهديناهم
فاستحبوا العمى على الهدى} [فصلت: 17] ؛ وأما الخاص فهو هداية التوفيق :
أي أن يوفق الله المرء للعمل بما علم؛ مثاله: قوله تعالى { هدًى للمتقين }، وقوله تعالى: {قل هو للذين آمنوا هدًى وشفاء} [فصلت: 44] ..


[/size]



القـرآن
(الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
يُنْفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا
أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ*

أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (البقرة: 3-5)

التفسير:
.{ 3 } بعد
أن ذكر الله عزّ وجلّ أن المتقين هم الذين ينتفعون ويهتدون بهذا الكتاب،
بيَّن لنا صفات هؤلاء المتقين؛ فذكر في هذه الآيات خمس صفات:.

الأولى:
الإيمان بالغيب في قوله تعالى: { الذين يؤمنون بالغيب }، أي يقرون بما غاب
عنهم مما أخبر الله به عن نفسه، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر،
والقدر خيره وشره، وغير ذلك مما أخبر الله به من أمور الغيب؛ وعلى هذا فـ{
الغيب } مصدر بمعنى اسم الفاعل: أي بمعنى: غائب..

الصفة
الثانية: إقامة الصلاة في قوله تعالى: { ويقيمون الصلاة }، أي يقومون بها
على وجه مستقيم، كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ والمراد بـ{
الصلاة } هنا الجنس؛ فتعم الفريضة، والنافلة..

الصفة
الثالثة: الإنفاق مما رزقهم الله في قوله تعالى: { ومما رزقناهم ينفقون }،
أي مما أعطيناهم من المال يخرجون؛ و "مِن" هنا يحتمل أن تكون للتبعيض، وأن
تكون للبيان؛ ويتفرع على ذلك ما سيُبَيَّن في الفوائد . إن شاء الله تعالى
...


.{ 4 } الصفة
الرابعة قوله تعالى: { والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك }،
أي يؤمنون بجميع الكتب المنزلة؛ وبدأ بالقرآن مع أنه آخرها زمناً؛ لأنه
مهيمن على الكتب السابقة ناسخ لها؛ والمراد بـ{ ما أنزل من قبلك } التوراة،
والإنجيل، والزبور، وصحف إبراهيم، وموسى، وغيرها..

الصفة
الخامسة: الإيقان بالآخرة في قوله تعالى: { وبالآخرة هم يوقنون }؛ والمراد
بذلك البعث بعد الموت، وما يتبعه مما يكون يوم القيامة من الثواب،
والعقاب، وغيرهما؛ وإنما نص على الإيقان بالآخرة مع دخوله في الإيمان
بالغيب لأهميته؛ لأن الإيمان بها يحمل على فعل المأمور، وترك المحظور؛ و
"الإيقان" هو الإيمان الذي لا يتطرق إليه شك..


.{ 5 } قوله
تعالى: { أولئك }: المشار إليه ما تقدم ممن اتصفوا بالصفات الخمس؛ وأشار
إليهم بصيغة البعد لعلوّ مرتبتهم؛ { على هدًى } أي على علم، وتوفيق؛ و{ على
} للاستعلاء؛ وتفيد علوهم على هذا الهدى، وسيرهم عليه، كأنهم يسيرون على
طريق واضح بيّن؛ فليس عندهم شك؛ تجدهم يُقبلون على الأعمال الصالحة وكأن
سراجاً أمامهم يهتدون به: تجدهم مثلاً ينظرون في أسرار شريعة الله،
وحِكَمها، فيعلمون منها ما يخفى على كثير من الناس؛ وتجدهم أيضاً عندما
ينظرون إلى القضاء والقدر كأنما يشاهدون الأمر في مصلحتهم حتى وإن أصيبوا
بما يضرهم أو يسوءهم، يرون أن ذلك من مصلحتهم؛ لأن الله قد أنار لهم
الطريق؛ فهم على هدًى من ربهم وكأن الهدى مركب ينجون به من الهلاك، أو
سفينة ينجون بها من الغرق؛ فهم متمكنون غاية التمكن من الهدى؛ لأنهم عليه؛
و{ من ربهم } أي خالقهم المدبر لأمورهم؛ والربوبية هنا خاصة متضمنة للتربية
الخاصة التي فيها سعادة الدنيا، والآخرة..


قوله
تعالى: { وأولئك هم المفلحون }: الجملة مبتدأ وخبر، بينهما ضمير الفصل
الدالّ على التوكيد، والحصر؛ وأعيد اسم الإشارة تأكيداً لما يفيده اسم
الإشارة الأول من علوّ المرتبة، والعناية التامة بهم كأنهم حضروا بين يدي
المتكلم؛ وفيه الفصل بين الغاية، والوسيلة؛ فالغاية: الفلاح؛ ووسيلته: ما
سبق؛ و "الفلاح" هو الفوز بالمطلوب، والنجاة من المرهوب؛ فهي كلمة جامعة
لانتفاء جميع الشرور، وحصول جميع الخير.


تنبــــيه:
من
المعروف عند أهل العلم أن العطف يقتضي المغايرة . أي أن المعطوف غير
المعطوف عليه .؛ وقد ذكرنا أن هذه المعطوفات أوصاف للمتقين وهو موصوف واحد؛
فكيف تكون المغايرة؟

والجواب:
أن التغاير يكون في الذوات كما لو قلت: "قدم زيد، وعمرو"؛ ويكون في الصفات
كما في هذه الآية، وكما في قوله تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى * الذي خلق
فسوى * والذي قدَّر فهدى * والذي أخرج المرعى} [الأعلى: 1 . 4] ؛ قالوا:
والفائدة من ذلك أن هذا يقتضي تقرير الوصف الأول . كأنه قال: "أتصف بهذا،
وزيادة ...


الفوائد:.
.1 من فوائد الآية: أن من أوصاف المتقين الإيمان بالغيب؛ لأن الإيمان بالمُشاهَد المحسوس ليس بإيمان؛ لأن المحسوس لا يمكن إنكاره..
.2 ومنها: أن من أوصاف المتقين إقامة الصلاة؛ وهو عام لفرضها، ونفلها..
ويتفرع
على ذلك: الترغيب في إقامة الصلاة؛ لأنها من صفات المتقين؛ وإقامتها أن
يأتي بها مستقيمة على الوجه المطلوب في خشوعها، وقيامها، وقعودها، وركوعها،
وسجودها، وغير ذلك..

.3
ومن فوائد الآيات: أن من أوصاف المتقين الإنفاق مما رزقهم الله؛ وهذا يشمل
الإنفاق الواجب كالزكاة، وإنفاقَ التطوع كالصدقات، والإنفاقِ في سبل
الخير..

.4 ومنها: أن صدقة الغاصب باطلة؛ لقوله تعالى: { ومما رزقناهم }؛ لأن الغاصب لا يملك المال الذي تصدق به، فلا تقبل صدقته..
.5 ومنها: أن الإنفاق غير الزكاة لا يتقدر بشيء معين؛ لإطلاق الآية، سواء قلنا: إن "مِن" للتبعيض؛ أو للبيان..

ويتفرع
على هذا جواز إنفاق جميع المال في طرق الخير، كما فعل أبو بكر رضي الله
عنه حين تصدق بجميع ماله(58) ؛ لكن هذا مشروط بما إذا لم يترتب عليه ترك
واجب من الإنفاق على الأهل، ونحوهم؛ فإن ترتب عليه ذلك فالواجب مقدم على
التطوع..

.6
ومن فوائد الآية: ذم البخل؛ ووجهه أن الله مدح المنفقين؛ فإذا لم يكن
إنفاق فلا مدح؛ والبخل خلق ذميم حذر الله سبحانه وتعالى منه في عدة آيات..



تنـــبيه:
لم
يذكر الله مصرف الإنفاق أين يكون؛ لكنه تعالى ذكر في آيات أخرى أن الإنفاق
الممدوح ما كان في سبيل الله من غير إسراف، ولا تقتير، كما قال تعالى في
وصف عباد الرحمن: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك
قواماً} [الفرقان: 67] ..

.7ومن فوائد الآية: أن من أوصاف المتقين الإيمان بما أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم وما أنزل من قبله.
.8 ومنها: أن من أوصاف المتقين الإيقان بالآخرة على ما سبق بيانه في التفسير..
.9
ومنها: أهمية الإيمان بالآخرة؛ لأن الإيمان بها هو الذي يبعث على العمل؛
ولهذا يقرن الله تعالى دائماً الإيمان به عزّ وجلّ، وباليوم الآخر؛ أما من
لم يؤمن بالآخرة فليس لديه باعث على العمل؛ إنما يعمل لدنياه فقط: يعتدي ما
دام يرى أن ذلك مصلحة في دنياه: يسرق مثلاً؛ يتمتع بشهوته؛ يكذب؛ يغش...؛
لأنه لا يؤمن بالآخرة؛ فالإيمان بالآخرة حقيقة هو الباعث على العمل..


.10 ومنها: سلامة هؤلاء في منهجهم؛ لقوله تعالى: ( أولئك على هدًى من ربهم ).
.11ومنها:
أن ربوبية الله عزّ وجلّ تكون خاصة، وعامة؛ وقد اجتمعا في قوله تعالى عن
سحرة فرعون: {آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون} (الأعراف: 121، 122)

.12 ومنها: أن مآل هؤلاء هو الفلاح؛ لقوله تعالى: ( وأولئك هم المفلحون )
.13
ومنها: أن الفلاح مرتب على الاتصاف بما ذُكر؛ فإن اختلَّت صفة منها نقص من
الفلاح بقدر ما اختل من تلك الصفات؛ لأن الصحيح من قول أهل السنة
والجماعة، والذي دلّ عليه العقل والنقل، أن الإيمان يزيد، وينقص، ويتجزأ؛
ولولا ذلك ما كان في الجنات درجات: هناك رتب كما جاء في الحديث: "إن أهل
الجنة ليتراءون أصحاب الغرف كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق؛
قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال صلى الله
عليه وسلم لا؛ والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين"(59) ،
أي ليست خاصة بالأنبياء..





[center]



[center]القـرآن
)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (البقرة:6) )خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة:7)



التفسير:
ثم
ذكر الله قسماً آخر . وهم الكافرون الخلَّص .؛ ففي هذه السورة العظيمة
ابتدأ الله تعالى فيها بتقسيم الناس إلى ثلاثة أقسام: المؤمنون الخلَّص؛ ثم
الكافرون الخلَّص؛ ثم المؤمنون بألسنتهم دون قلوبهم؛ فبدأ بالطيب، ثم
الخبيث، ثم الأخبث؛ إذاً الطيب: هم المتقون المتصفون بهذه الصفات؛ والخبيث:
الكفار؛ والأخبث: المنافقون..


.{ 6 } قوله
تعالى: { سواء } أي مستوٍ؛ وهي إما أن تكون خبر { إن } في قوله تعالى: {
إن الذين كفروا }؛ ويكون قوله تعالى: { أأنذرتهم } فاعلاً بـ{ سواء }
مسبوكاً بمصدر؛ والتقدير: سواء عليهم إنذارُك، وعدمُه؛ وإما أن تكون { سواء
} خبراً مقدماً، و{ أأنذرتهم } مبتدأً مؤخراً؛ والجملة خبر { إن }؛ والأول
أولى؛ لأنه يجعل الجملة جملة واحدة؛ وهنا انسبك قوله تعالى: { أأنذرتهم }
بمصدر مع أنه ليس فيه حرف مصدري؛ لكنهم يقولون: إن همزة الاستفهام التي
للتسوية يجوز أن تسبك، ومدخولها بمصدر..


قوله تعالى: { إن الذين كفروا } أي بما يجب الإيمان به..
قوله
تعالى: { سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون }: هذا تسلية من
الله لرسوله صلى الله عليه وسلم. لا اعتذاراً للكفار .، ولا تيئيساً له صلى
الله عليه وسلم و "الإنذار" هو الإعلام المقرون بالتخويف؛ والرسول صلى
الله عليه وسلم بشير، ونذير؛ بشير معلم بما يسر بالنسبة للمؤمنين؛ نذير
معلم بما يسوء بالنسبة للكافرين؛ فإنذار النبي صلى الله عليه وسلم وعدمه
بالنسبة لهؤلاء الكفار المعاندين، والمخاصمين . الذين تبين لهم الحق، ولكن
جحدوه . مستوٍ عليهم..


وقوله
تعالى: { لا يؤمنون }: هذا محط الفائدة في نفي التساوي . أي إنهم أنذرتهم
أم لم تنذرهم . لا يؤمنون؛ وتعليل ذلك قوله تعالى: ( ختم الله على قلوبهم )

و
"الختم" : الطبع؛ و"الطبع" هو أن الإنسان إذا أغلق شيئاً ختم عليه من أجل
ألا يخرج منه شيء، ولا يدخل إليه شيء؛ وهكذا فهؤلاء . والعياذ بالله .
قلوبهم مختوم عليها لا يصدر منها خير، ولا يصل إليها خير..


.{ 7 } قوله
تعالى: { وعلى سمعهم } أي وختم على سمعهم، فهي معطوفة على قوله تعالى: {
على قلوبهم }؛ والختم على الأذن: أن لا تسمع خيراً تنتفع به..

قوله
تعالى: { وعلى أبصارهم غشاوة }: الواو للاستئناف؛ فالجملة مستقلة عما
قبلها؛ فهي مبتدأ، وخبر مقدم؛ ويحتمل أن تكون الواو عاطفة، لكن عطف جملة
على جملة؛ و{ غشاوة } أي غطاء يحول بينها وبين النظر إلى الحق؛ ولو نظرت لم
تنتفع..

قوله
تعالى: { ولهم } أي لهؤلاء الكفار الذين بقوا على كفرهم { عذاب عظيم }:
وهو عذاب النار؛ وعظمه الله تعالى؛ لأنه لا يوجد أشد من عذاب النار..

انتهى الكلام على الصنف الثاني من أصناف الخلق، وهم الكفار الخُلَّص الصرحاء..

الفوائد:
.1 من فوائد الآيتين: تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم حين يردُّه الكفار، ولا يَقبلون دعوته..
.2
ومنها: أن من حقت عليه كلمة العذاب فإنه لا يؤمن مهما كان المنذِر
والداعي؛ لأنه لا يستفيد . قد ختم الله على قلبه .، كما قال تعالى: {إن
الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون * ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب
الأليم} [يونس: 96، 97] ، وقال تعالى: {أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت
تنقذ من في النار} [الزمر: 19] يعني هؤلاء لهم النار؛ انتهى أمرهم، ولا
يمكن أن تنقذهم..

.3
ومنها: أن الإنسان إذا كان لا يشعر بالخوف عند الموعظة، ولا بالإقبال على
الله تعالى فإن فيه شبهاً من الكفار الذين لا يتعظون بالمواعظ، ولا يؤمنون
عند الدعوة إلى الله..

.4 ومنها: أن محل الوعي القلوب؛ لقوله تعالى: { ختم الله على قلوبهم } يعني لا يصل إليها الخير..

.5
ومنها: أن طرق الهدى إما بالسمع؛ وإما بالبصر: لأن الهدى قد يكون بالسمع،
وقد يكون بالبصر؛ بالسمع فيما يقال؛ وبالبصر فيما يشاهد؛ وهكذا آيات الله
عزّ وجلّ تكون مقروءة مسموعة؛ وتكون بيّنة مشهودة..

.6 ومنها: وعيد هؤلاء الكفار بالعذاب العظيم..

مسألة:.
إذا قال قائل: هل هذا الختم له سبب من عند أنفسهم، أو مجرد ابتلاء وامتحان من الله عزّ وجلّ؟
فالجواب:
أن له سبباً؛ كما قال تعالى: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} [الصف: 5] ،
وقال تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية(المائدة: 13)


يتبع
[/center]




[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:35 pm





[b]القـرآن[/b]
[b])وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (البقرة:8)[/b]

التفسير:


.{ 8 } قوله
تعالى: { ومن الناس }: { من } للتبعيض؛ أي: وبعض الناس؛ ولم يصفهم الله
تعالى بوصف . لا بإيمان، ولا بكفر .؛ لأنهم كما وصفهم الله تعالى في سورة
النساء: {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء} [النساء: 143] ؛ و{
الناس } أصلها الأناس؛ لكن لكثرة الاستعمال حذفت الهمزة تخفيفاً، كما قالوا
في "خير"، و"شر": إن أصلهما: "أخير"، و"أشر"؛ لكن حذفت الهمزة تخفيفاً
لكثرة الاستعمال؛ وسُموا أناساً: من الأُنس؛ لأن بعضهم يأنس بعضاً، ويركن
إليه؛ ولهذا يقولون: "الإنسان مدني بالطبع"؛ بمعنى: أنه يحب المدنية . يعني
الاجتماع، وعدم التفرق ...

قوله
تعالى: { من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر } أي يقول بلسانه . بدليل قوله
تعالى: { وما هم بمؤمنين } أي بقلوبهم .؛ وسبق معنى الإيمان بالله،
وباليوم الآخر..


الفوائد:
.1
من فوائد الآية: بلاغة القرآن؛ بل فصاحة القرآن في التقسيم؛ لأن الله
سبحانه وتعالى ابتدأ هذه السورة بالمؤمنين الخلَّص، ثم الكفار الخلَّص، ثم
بالمنافقين؛ وذلك؛ لأن التقسيم مما يزيد الإنسان معرفة، وفهماً..

.2 . ومنها: أن القول باللسان لا ينفع الإنسان؛ لقوله تعالى: ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين)
.3 ومنها: أن المنافقين ليسوا بمؤمنين . وإن قالوا: إنهم مؤمنون .؛ لقوله تعالى: { وما هم بمؤمنين }؛ ولكن هل هم مسلمون؟ إن أريد بالإسلام الاستسلام الظاهر فهم مسلمون؛ وإن أريد بالإسلام إسلام القلب والبدن فليسوا بمسلمين..
.4 ومنها: أن الإيمان لا بد أن يتطابق عليه القلب، واللسان..
ووجه الدلالة: أن هؤلاء قالوا: "آمنا" بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم؛ فصح نفي الإيمان عنهم؛ لأن الإيمان باللسان ليس بشيء..


القـرآن
)يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) (البقرة:9)

التفسير:
.{ 9 } قوله تعالى: { يخادعون الله } أي بإظهار إسلامهم الذي يعصمون به دماءهم، وأموالهم..
قوله تعالى: { والذين آمنوا } معطوف على لفظ الجلالة؛ والمعنى: ويخدعون الذين آمنوا بإظهار الإسلام، وإبطان الكفر، فيظن المؤمنون أنهم صادقون..
قوله تعالى: { وما يخدعون إلا أنفسهم } أي ما يخدع هؤلاء المنافقون إلا أنفسهم، حيث منَّوها الأماني الكاذبة..
قوله
تعالى: { وما يشعرون } أي ما يشعر هؤلاء أن خداعهم على أنفسهم مع أنهم
يباشرونه؛ ولكن لا يُحِسُّون به، كما تقول: "مَرَّ بي فلان ولم أشعر به"..


الفوائد:
.1
من فوائد الآية: مكر المنافقين، وأنهم أهل مكر، وخديعة؛ لقوله تعالى: {
يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم }؛ ولهذا قال الله تعالى
في سورة المنافقين: {هم العدو فاحذرهم} [المنافقون: 4] ؛ فحصر العداوة
فيهم؛ لأنهم مخادعون..

.2
ومنها: التحفظ من المنافقين؛ لأنه إذا قيل لك: "فلان يخدع" فإنك تزداد
تحفظاً منها؛ وأنه ينبغي للمؤمن أن يكون يقظاً حذراً، فلا ينخدع بمثل
هؤلاء..


فإن قال قائل: كيف نعرف المنافق حتى نكون حذرين منه؟
فالجواب: نعرفه بأن نتتبع أقواله، وأفعاله: هل هي متطابقة، أو متناقضة؟ فإذا علمنا أن هذا الرجل يتملق لنا، ويظهر أنه يحب الإسلام، ويحب الدين، لكن إذا غاب عنا نسمع عنه بتأكد أنه يحارب الدين عرفنا أنه منافق؛ فيجب علينا أن نحذر منه..

.3
ومن فوائد الآية: أن المكر السيئ لا يحيق إلّا بأهله؛ فهم يخادعون الله،
ويظنون أنهم قد نجحوا، أو غلبوا؛ ولكن في الحقيقة أن الخداع عائد عليهم؛
لقوله تعالى: { وما يخدعون إلا أنفسهم }: فالحصر هنا يدل على أن خداعهم هذا
لا يضر الله تعالى شيئاً، ولا رسوله، ولا المؤمنين..


.4
ومنها: أن العمل السيئ قد يُعمي البصيرة؛ فلا يشعر الإنسان بالأمور
الظاهرة؛ لقوله تعالى: { وما يشعرون } أي ما يشعرون أنهم يخدعون أنفسهم؛ و
"الشعور" أخص من العلم؛ فهو العلم بأمور دقيقة خفية؛ ولهذا قيل: إنه مأخوذ
من الشَّعر؛ والشعر دقيق؛ فهؤلاء الذين يخادعون الله، والرسول، والمؤمنين
لو أنهم تأملوا حق التأمل لعرفوا أنهم يخدعون أنفسهم، لكن لا شعور عندهم في
ذلك؛ لأن الله تعالى قد أعمى بصائرهم . والعياذ بالله .، فلا يشعرون بهذا
الأمر..



[center]

القـرآن


)فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) (البقرة:10)



التفسير:
.{ 10 } قوله
تعالى: { في قلوبهم مرض }: هذه الجملة جملة اسمية تدل على مكث وتمكن هذا
المرض في قلوبهم؛ ولكنه مرض على وجه قليل أثّر بهم حتى بلغوا النفاق؛ ومن
أجل هذا المرض قال سبحانه وتعالى: { فزادهم الله مرضاً }: الفاء هنا عاطفة؛
ولكنها تفيد معنى السببية: زادهم الله مرضاً على مرضهم؛ لأنهم . والعياذ
بالله . يريدون الكفر؛ وهذه الإرادة مرض أدى بهم إلى زيادة المرض؛ لأن
الإرادات التي في القلوب عبارة عن صلاح القلوب، أو فسادها؛ فإذا كان القلب
يريد خيراً فهو دليل على سلامته، وصحته؛ وإذا كان يريد الشر فهو دليل على
مرضه، وعلته..


وهؤلاء
قلوبهم تريد الكفر؛ لأنهم يقولون لشياطينهم إذا خلوا إليهم: {إنا معكم
إنما نحن مستهزئون} [البقرة: 14] ، أي بهؤلاء المؤمنين السذج . على زعمهم .
ويرون أن المؤمنين ليسوا بشيء، وأن العِلْية من القوم هم الكفار؛ ولهذا
جاء التعبير بـ {إنا معكم} [البقرة: 14] الذي يفيد المصاحبة، والملازمة..


فهذا مرض زادهم الله به مرضاً إلى مرضهم حتى بلغوا إلى موت القلوب، وعدم إحساسها، وشعورها..
قوله
تعالى في مجازاتهم: { ولهم عذاب } أي عقوبة؛ { أليم } أي مؤلم؛ فهو شديد،
وعظيم، وكثير؛ لأن الأليم قد يكون مؤلماً لقوته، وشدته: فضربة واحدة بقوة
تؤلم الإنسان؛ وقد يكون مؤلماً لكثرته: فقد يكون ضرباً خفيفاً؛ ولكن إذا
كثر، وتوالى آلَم؛ وقد اجتمع في هؤلاء المنافقين الأمران؛ لأنهم في الدرك
الأسفل من النار . وهذا ألم حسي .؛ وقال تعالى في أهل النار: {كلما أرادوا
أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به
تكذبون} [السجدة: 20] ، وهذا ألم قلبي يحصل بتوبيخهم..


قوله
تعالى: { بما كانوا يكذبون }: الباء للسببية . أي بسبب كذبهم .، أو
تكذيبهم؛ و "ما" مصدرية تؤول وما بعدها بمصدر؛ فيكون التقدير: بكونهم
كاذبين؛ أو: بكونهم مكذبين؛ لأن في الآية قراءتين؛ الأولى: بفتح الياء،
وسكون الكاف، وكسر الذال مخففة؛ ومعناها: يَكْذِبون بقولهم: آمنا بالله،
وباليوم الآخر . وما هم بمؤمنين .؛ والقراءة الثانية: بضم الياء، وفتح
الكاف، وكسر الذال مشددة؛ ومعناها: يُكَذِّبون الله، ورسوله؛ وقد اجتمع
الوصفان في المنافقين؛ فهم كاذبون مكذبون..



الفوائد:
.1
من فوائد الآية: أن الإنسان إذا لم يكن له إقبال على الحق، وكان قلبه
مريضاً فإنه يعاقب بزيادة المرض؛ لقوله تعالى: { في قلوبهم مرض فزادهم الله
مرضاً }؛ وهذا المرض الذي في قلوب المنافقين: شبهات، وشهوات؛ فمنهم من علم
الحق، لكن لم يُرِده؛ ومنهم من اشتبه عليه؛ وقد قال الله تعالى في سورة
النساء: {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم
يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلًا} [النساء: 137] ، وقال تعالى في
سورة المنافقين: {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون}
[المنافقون: 3] ..



.2
ومن فوائد الآية: أن أسباب إضلال اللَّهِ العبدَ هو من العبد؛ لقوله
تعالى: { في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً }؛ ومثل ذلك قوله تعالى: {فلما
زاغوا أزاغ الله قلوبهم} [الصف: 5] ، وقوله تعالى: {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم
كما لم يؤمنوا به أول مرة} [الأنعام: 110] ، وقوله تعالى: {فإن تولوا
فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم} [المائدة: 49] ..

.3
ومنها: أن المعاصي والفسوق، تزيد وتنقص، كما أن الإيمان يزيد وينقص؛ لقوله
تعالى: { فزادهم الله مرضاً }؛ والزيادة لا تُعقل إلا في مقابلة النقص؛
فكما أن الإيمان يزيد وينقص، كذلك الفسق يزيد، وينقص؛ والمرض يزيد، وينقص..


.4 ومنها: الوعيد الشديد للمنافقين؛ لقوله تعالى: ( ولهم عذاب أليم )
.5 ومنها: أن العقوبات لا تكون إلا بأسباب . أي أن الله لا يعذب أحداً إلا بذنب .؛ لقوله تعالى:
( بما كانوا يكذبون )
.6 ومنها: أن هؤلاء المنافقين جمعوا بين الكذب، والتكذيب؛ وهذا شر الأحوال..
.7
ومنها: ذم الكذب، وأنه سبب للعقوبة؛ فإن الكذب من أقبح الخصال؛ وقد بين
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الكذب من خصال المنافقين، فقال صلى الله
عليه وسلم "آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب..."(60) الحديث؛ والكذب مذموم
شرعاً، ومذموم عادة، ومذموم فطرة أيضاً..


مسألة :-
إن قيل: كيف يكون خداعهم لله وهو يعلم ما في قلوبهم؟
فالجواب: أنهم إذا أظهروا إسلامهم فكأنما خادعوا الله؛ لأنهم حينئذ تُجرى عليهم أحكام الإسلام، فيلوذون بحكم الله . تبارك وتعالى . حيث عصموا دماءهم وأموالهم بذلك..









[center]
القـرآن


)وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) (البقرة:11)
)أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ) (البقرة:12)
التفسير:
.{ 11 } قوله
تعالى: { وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض }: القائل هنا مبهم للعموم . أي
ليعم أيَّ قائل كان؛ و "الإفساد في الأرض" هو أن يسعى الإنسان فيها
بالمعاصي . كما فسره بذلك السلف؛ لقوله تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر
بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون} [الروم: 41]

وقوله
تعالى: { في الأرض }: المراد الأرض نفسها؛ أو أهلها؛ أو كلاهما . وهو
الأولى؛ أما إفساد الأرض نفسها: فإن المعاصي سبب للقحط، ونزع البركات،
وحلول الآفات في الثمار، وغيرها، كما قال تعالى عن آل فرعون لما عصوا رسوله
موسى عليه السلام: {ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم
يذكرون} [الأعراف: 130] ، فهذا فساد في الأرض..


وأما
الفساد في أهلها: فإن هؤلاء المنافقين يأتوا إلى اليهود، ويقولون لهم:
{لئن أخرجتم لنخرجنَّ معكم ولا نطيع فيكم أحداً أبداً وإن قوتلتم لننصرنكم}
[الحشر: 11] : فيزدادوا استعداءً للرسول صلى الله عليه وسلم ومحاربة له؛
كذلك أيضاً من فسادهم في أهل الأرض: أنهم يعيشون بين المسلمين، ويأخذون
أسرارهم، ويفشونها إلى أعدائهم؛ ومن فسادهم في أهل الأرض: أنهم يفتحون
للناس باب الخيانة والتَقِيَّة، بحيث لا يكون الإنسان صريحاً واضحاً، وهذا
من أخطر ما يكون في المجتمع..


قوله
تعالى: { قالوا إنما نحن مصلحون }؛ { إنما }: أداة حصر؛ و{ نحن }: مبتدأ؛
و{ مصلحون }: خبر؛ والجملة اسمية؛ والجملة الاسمية تفيد الثبوت،
والاستمرار؛ فكأنهم يقولون: ما حالنا إلا الإصلاح؛ يعني: أنه ليس فيهم
إفساد مطلقاً..

ومن
توفيق الله أنه لم يلهمهم، فيقولوا: إنما نحن المصلحون؛ فلو أنهم قالوا:
"نحن المصلحون" كان مقتضاه أن لا مصلح غيرهم؛ لكنهم قالوا: { إنما نحن
مصلحون } أي ما حالنا إلا إصلاح؛ ولم يدَّعوا أنهم المصلحون وحدهم..

.{ 12 } قوله
تعالى: { ألا إنهم هم المفسدون }؛ { ألا }: أداة تفيد التنبيه، والتأكيد؛
و{ إنهم }: توكيد أيضاً؛ و{ هم }: ضمير فصل يفيد التوكيد أيضاً؛ فالجملة
مؤكدة بثلاثة مؤكدات: { ألا }، و "إن" ، و{ هم } وهذا من أبلغ صيغ التوكيد؛
وأتى بـ "أل" الدالة على حقيقة الإفساد، وأنهم هم المفسدون حقاً؛ ووجه حصر
الإفساد فيهم أن { هم } ضمير فصل يفيد الحصر . أي هم لا غيرهم المفسدون؛
وهذا كقوله تعالى: {هم العدو فاحذرهم} [المنافقون: 4] أي هم لا غيرهم؛ فلا
عداء أبلغ من عداء المنافقين للمؤمنين؛ ولا فساد أعظم من فساد المنافقين في
الأرض..


قوله
تعالى: { ولكن لا يشعرون } أي لا يشعرون أنهم مفسدون؛ لأن الفساد أمر حسي
يدرك بالشعور والإحساس؛ فلبلادتهم وعدم فهمهم للأمور، لا يشعرون بأنهم هم
المفسدون دون غيرهم..

الفوائد:
.1 من فوائد الآيتين: أن النفاق الذي هو إظهار الإسلام، وإبطان الكفر من الفساد في الأرض؛ لقوله تعالى: { وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض }؛ والنفاق من أعظم الفساد في الأرض..
.2 ومنها: أن من أعظم البلوى أن يُزَيَّن للإنسان الفساد حتى يَرى أنه مصلح؛ لقولهم: ( إنما نحن مصلحون )

.3 ومنها: أن غير المؤمن نظره قاصر، حيث يرى الإصلاح في الأمر المعيشي فقط؛ بل الإصلاح حقيقة أن يسير على شريعة الله واضحاً صريحاً..
.4
ومنها: أنه ليس كل من ادعى شيئاً يصدق في دعواه؛ لأنهم قالوا: { إنما نحن
مصلحون }؛ فقال الله تعالى: { ألا إنهم هم المفسدون }؛ وليس كل ما زينته
النفس يكون حسناً، كما قال تعالى: {أفمن زُين له سوء عمله فرآه حسناً فإن
الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء} [فاطر: 8] ..

.5 ومنها: أن الإنسان قد يبتلى بالإفساد في الأرض، ويخفى عليه فساده؛ لقوله تعالى: { ولكن لا يشعرون
.6
ومنها: قوة الرد على هؤلاء الذين ادعوا أنهم مصلحون، حيث قال الله عزّ
وجلّ: { ألا إنهم هم المفسدون }؛ فأكد إفسادهم بثلاثة مؤكدات؛ وهي { ألا } و
"إن" ، و{ هم }؛ بل حصر الإفساد فيهم عن طريق ضمير الفصل..



القـرآن


)وَإِذَا
قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا
آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا
يَعْلَمُونَ) (البقرة:13)
التفسير:.
.{ 13 } قوله
تعالى: { وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس }: القائل هنا مبهم للعموم .
أي ليعم أيَّ قائل كان؛ والكاف للتشبيه، و "ما" مصدرية . أي كإيمان الناس؛
والمراد بـ{ الناس } هنا الصحابة الذين كانوا في المدينة، وإمامهم النبي
صلى الله عليه وسلم

قوله
تعالى: { قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء }؛ الاستفهام هنا للنفي، والتحقير؛
والمعنى: لا نؤمن كما آمن السفهاء؛ وربما يكون أيضاً مضمناً معنى الإنكار .
أي أنهم ينكرون على من قال: { آمنوا كما آمن الناس }؛ وهذا أبلغ من النفي
المحض؛ و{ السفهاء }: الذين ليس لهم رشد، وعقل؛ والمراد بهم هنا أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم . على حدّ زعم هؤلاء المنافقين؛ فقال الله تعالى
. وهو العليم بما في القلوب . رداً على هؤلاء: { ألا إنهم هم السفهاء }:
وهذه الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: { ألا }، و "إن" ، وضمير الفصل: { هم }،
وهو أيضاً مفيد للحصر؛ وهذه الجملة كالتي قبلها في قوله تعالى: { ألا إنهم
هم المفسدون }..


قوله
تعالى: { ولكن لا يعلمون } أي لا يعلمون سفههم؛ فإن قيل: ما الفرق بين
قوله تعالى هنا: { ولكن لا يعلمون }، وقوله تعالى فيما سبق: { ولكن لا
يشعرون }؟

فالجواب: أن الإفساد في الأرض أمر حسي يدركه الإنسان بإحساسه، وشعوره؛ وأما السفه فأمر معنوي يدرك بآثاره، ولا يُحَسُّ به نفسِه..

الفوائد:
.1
من فوائد الآية: أن المنافق لا تنفعه الدعوة إلى الخير؛ لقوله تعالى: {
وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء }؛ فهم لا
ينتفعون إذا دعوا إلى الحق؛ بل يقولون: { أنؤمن كما آمن السفهاء)

.2 ومنها: إعجاب المنافقين بأنفسهم؛ لقولهم: ( أنؤمن كما آمن السفهاء )
.3
ومنها: شدة طغيان المنافقين؛ لأنهم أنكروا على الذين عرضوا عليهم
الإيمان: { قالوا أنؤمن }؛ وهذا غاية ما يكون من الطغيان؛ ولهذا قال الله
تعالى في آخر الآية: {في طغيانهم يعمهون} [البقرة: 15] ..


.4
ومنها: أن أعداء الله يصفون أولياءه بما يوجب التنفير عنهم لقولهم: {
أنؤمن كما آمن السفهاء }؛ فأعداء الله في كل زمان، وفي كل مكان يصفون
أولياء الله بما يوجب التنفير عنهم؛ فالرسل وصفهم قومهم بالجنون، والسحر،
والكهانة، والشعر تنفيراً عنهم، كما قال تعالى: {كذلك ما أتى الذين من
قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون} [الذاريات: 52] ، وقال تعالى:
{وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين} [الفرقان: 31] وورثة الأنبياء
مثلهم يجعل الله لهم أعداء من المجرمين، ولكن {وكفى بربك هادياً ونصيراً}
[الفرقان: 31] ؛ فمهما بلغوا من الأساليب فإن الله تعالى إذا أراد هداية
أحد فلا يمنعه إضلال هؤلاء؛ لأن أعداء الأنبياء يسلكون في إبطال دعوة
الأنبياء مَسْلكين؛ مسلك الإضلال، والدعاية الباطلة في كل زمان، ومكان؛ ثم
مسلك السلاح . أي المجابهة المسلحة؛ ولهذا قال تعالى: {هادياً} [الفرقان:
31] في مقابل المسلك الأول الذي هو الإضلال . وهو الذي نسميه الآن بالأفكار
المنحرفة، وتضليل الأمة، والتلبيس على عقول أبنائها؛ وقال تعالى:
{ونصيراً} [الفرقان: 31] في مقابل المسلك الثاني . وهو المجابهة المسلحة..


.5 ومن فوائد الآية: أن كل من لم يؤمن فهو سفيه، كما قال الله تعالى: {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه} [البقرة: 130] ..
.6
ومنها: أن الحكمة كل الحكمة إنما هي الإيمان بالله، واتباع شريعته؛ لأن
الكافر المخالف للشريعة سفيه؛ فيقتضي أن ضده يكون حكيماً رشيداً..

.7ومنها:
تحقيق ما وعد الله به من الدفاع عن المؤمنين، كما قال تعالى: {إن الله
يدافع عن الذين آمنوا} [الحج: 38] ؛ فإذا ذموا بالقول دافع الله عنهم
بالقول؛ فهؤلاء قالوا: { أنؤمن كما آمن السفهاء }، والله عزّ وجلّ هو الذي
جادل عن المؤمنين، فقال: { ألا إنهم هم السفهاء } يعني هم السفهاء لا أنتم؛
فهذا من تحقيق دفاع الله تعالى عن المؤمنين؛ أما دفاعه عن المؤمنين إذا
اعتُدي عليهم بالفعل فاستمع إلى قول الله تعالى: {إذ يوحي ربك إلى الملائكة
أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق
الأعناق واضربوا منهم كل بنان} [الأنفال: 12] : هذه مدافعة فعلية، حيث
تنْزل جنود الله تعالى من السماء لتقتل أعداء المؤمنين؛ فهذا تحقيق لقول
الله تعالى: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا} [الحج: 38] ؛ ولكن الحقيقة أن
هذا الوعد العظيم من القادر جل وعلا الصادق في وعده يحتاج إلى إيمان حتى
نؤمن بالله عزّ وجلّ، ولا نخشى أحداً سواه، فإذا ضعف الإيمان أصبحنا نخشى
الناس كخشية الله، أو أشد خشية؛ لأننا إذا كنا نراعيهم دون أوامر الله
فسنخشاهم أشد من خشية الله عزّ وجلّ؛ وإلا لكنا ننفذ أمر الله عزّ وجلّ،
ولا نخشى إلا الله سبحانه وتعالى..


فنحن
لو آمنا حقيقة الإيمان بهذا الوعد الصادق الذي لا يُخلَف لكنا منصورين في
كل حال؛ لكن الإيمان ضعيف؛ ولهذا صرنا نخشى الناس أكثر مما نخشى الله عزّ
وجلّ؛ وهذه هي المصيبة، والطامة العظيمة التي أصابت المسلمين اليوم؛ ولذلك
تجد كثيراً من ولاة المسلمين . مع الأسف . لا يهتمون بأمر الله، ولا بشريعة
الله؛ لكن يهتمون بمراعاة فلان، وفلان؛ أو الدولة الفلانية، والفلانية .
ولو على حساب الشريعة الإسلامية
التي من تمسك بها فهو المنصور، ومن خالفها فهو المخذول؛ وهم لا يعرفون أن
هذا هو الذي يبعدهم من نصر الله؛ فبدلاً من أن يكونوا عبيداً لله أعزة
صاروا عبيداً للمخلوقين أذلة؛ لأن الأمم الكافرة الكبرى لا ترحم أحداً في
سبيل مصلحتها؛ لكن لو أننا ضربنا بذلك عُرض الحائط، وقلنا: لا نريد إلا رضى
الله، ونريد أن نطبق شريعة الله سبحانه وتعالى على أنفسنا، وعلى أمتنا؛
لكانت تلك الأمم العظمى تهابنا؛ ولهذا يقال: من خاف الله خافه كل شيء، ومن
خاف غير الله خاف من كل شيء..


.8
. ومن فوائد الآية: الدلالة على جهل المنافقين؛ لأن الله عزّ وجلّ نفى
العلم عنهم؛ لقوله تعالى: { ولكن لا يعلمون }؛ فالحقيقة أنهم من أجهل الناس
. إن لم يكونوا أجهل الناس؛ لأن طريقهم إنما هو خداع، وانخداع، وتضليل؛
وهؤلاء المنافقون من أجهل الناس؛ لأنهم لم يعلموا حقيقة أنفسهم، وأنهم هم
السفهاء..

يتبع







[/center] [/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:36 pm





القـرآن

)وَإِذَا
لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى
شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)
(البقرة:14)
)اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (البقرة:15)

التفسير:
.{ 14 } قوله تعالى: { وإذا لقوا الذين آمنوا } أي قابلوهم، أو جلسوا إليهم؛ { قالوا } أي للمؤمنين الذين لقوهم؛ { آمنا } أي كإيمانكم..
قوله
تعالى: { وإذا خلوا إلى شياطينهم }؛ ضُمِّن الفعل هنا معنى "رجعوا"؛ ولذلك
عُدِّي بـ{ إلى }، لكن عُدِّي بالفعل { خلوا } ليكون المعنى: رجعوا خالِين
بهم؛ والمراد بـ{ شياطينهم } كبراؤهم؛ وسمي كبراؤهم بـ "الشياطين" لظهور
تمردهم؛ وقد قيل: إن "الشيطان" كل مارد؛ أي كل عاتٍ من الجن، أو الإنس، أو
غيرهما: شيطان؛ وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الكلب الأسود بأنه شيطان؛
وليس معناه شيطان الجن؛ بل معناه: الشيطان في جنسه: لأن أعتى الكلاب،
وأشدها قبحاً هي الكلاب السود؛ فلذلك قال صلى الله عليه وسلم: "الكلب
الأسود شيطان"(61) ؛ ويقال للرجل العاتي: هذا شيطان بني فلان . أي مَريدهم،
وعاتيهم..


وكلمة:
"شيطان" : النون فيها أصلية من "شطن" بمعنى بعُد؛ ولكونها أصلية صُرف
الاسم بتنوين، كما في قوله تعالى: { ويتبع كل شيطان مريد } [الحج: 3] ؛ ولو
كانت النون والألف زائدتان منعت من الصرف؛ لأن الألف والنون إذا كانتا
زائدتين في عَلَم؛ أو وصف فإنه يُمنع من الصرف؛ وأما إذا كانتا زائدتين في
غير علم، ولا وصف فإنه لا يمنع من الصرف..

قوله
تعالى: { إنا معكم } أي صحب مقارنون لكم تابعون لكم؛ { إنما نحن مستهزئون }
أي ما نحن إلا ساخرون بالمؤمنين: نظهر لهم أنا مسلمون لنخادعهم..


.{ 15 } قوله
تعالى: { الله يستهزئ بهم } أي يسخر تبارك وتعالى بهم بما أملى لهم، وكفّ
أيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه عن قتلهم . مع أنهم في الآخرة
في الدرك الأسفل من النار..

قوله
تعالى: { ويمدهم في طغيانهم يعمهون }؛ الطغيان مجاوزة الحد، كقوله تعالى:
{إنا لما طغا الماء حملناكم في الجارية} [الحاقة: 11] ؛ و "العَمَه"
الضلال؛ والمعنى أن الله يبقيهم ضالين في طغيانهم؛ واعلم أن بين "يَمد"
الثلاثي، و"يُمد" الرباعي فرقاً؛ فالغالب أن الرباعي يستعمل في الخير،
والثلاثي في الشر؛ قال الله تعالى: {ونمد له من العذاب مداً} [مريم: 79] :
وهذا في الشر؛ وقال تعالى: {وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون} [الطور: 22]
: وهذا في الخير؛ وهنا قال تعالى: { ويَمدهم }: فهو في الشر..


الفوائد:
.1
من فوائد الآيتين: ذلّ المنافق؛ فالمنافق ذليل؛ لأنه خائن؛ فهم { إذا لقوا
الذين آمنوا قالوا آمنا } خوفاً من المؤمنين؛ و{ إذا خلوا إلى شياطينهم
قالوا إنا معكم } خوفاً منهم؛ فهم أذلاء عند هؤلاء، وهؤلاء؛ لأن كون
الإنسان يتخذ من دينه تَقيَّة فهذا دليل على ذله؛ وهذا نوع من النفاق؛ لأنه
تستر بما يُظَن أنه خير وهو شر..

.2 ومنها: أن الله يستهزئ بمن يستهزئ به، أو برسله، أو بشرعه جزاءً وفاقاً؛ واعلم أن ها هنا أربعة أقسام:
قسم
هو صفة كمال لكن قد ينتج عنه نقص: هذا لا يسمى الله تعالى به؛ ولكن يوصف
الله به، مثل "المتكلم"، و"المريد"؛ فـ"المتكلم"، و"المريد" ليسا من أسماء
الله؛ لكن يصح أن يوصف الله بأنه متكلم، ومريد على سبيل الإطلاق؛ ولم تكن
من أسمائه؛ لأن الكلام قد يكون بخير، وقد يكون بشر؛ وقد يكون بصدق، وقد
يكون بكذب؛ وقد يكون بعدل، وقد يكون بظلم؛ وكذلك الإرادة..


القسم
الثاني: ما هو كمال على الإطلاق، ولا ينقسم: فهذا يسمى الله به، مثل:
الرحمن، الرحيم، الغفور، السميع، البصير... وما أشبه ذلك؛ وهو متضمن للصفة؛
وليس معنى قولنا: "يسمى الله به" أن نُحْدِث له اسماً بذلك؛ لأن الأسماء
توقيفية؛ لكن معناه أن الله سبحانه وتعالى تَسَمَّى به..

القسم
الثالث: ما لا يكون كمالاً عند الإطلاق؛ ولكن هو كمال عند التقييد ؛ فهذا
لا يجوز أن يوصف به إلا مقيداً، مثل: الخداع، والمكر، والاستهزاء، والكيد.
فلا يصح أن تقول: إن الله ماكر على سبيل الإطلاق، ولكن قل: إن الله ماكر
بمن يمكر به، وبرسله، ونحو ذلك..


مسألة :-
هل "المنتقم" من جنس الماكر، والمستهزئ؟
الجواب:
مسألة "المنتقم" اختلف فيها العلماء؛ منهم من يقول: إن الله لا يوصف به
على سبيل الإفراد، وإنما يوصف به إذا اقترن بـ"العفوّ"؛ فيقال: "العفوُّ
المنتقم"؛ لأن "المنتقم" على سبيل الإطلاق ليس صفة مدح إلا إذا قُرِن
بـ"العفوّ"؛ ومثله أيضاً المُذِل: قالوا: لا يوصف الله سبحانه وتعالى به
على سبيل الإفراد إلا إذا قُرِن بـ"المُعِز"؛ فيقال: "المعزُّ المُذل"؛
ومثله أيضاً "الضار": قالوا: لا يوصف الله سبحانه وتعالى به على سبيل
الإفراد إلا إذا قُرِن "بالنافع"؛ فيقال: "النافع الضار"؛ ويسمون هذه:
الأسماء المزدوجة..


ويرى
بعض العلماء أنه لا يوصف به على وجه الإطلاق . ولو مقروناً بما يقابله .
أي إنك لا تقول: العفوّ المنتقم؛ لأنه لم يرد من أوصاف الله سبحانه وتعالى
"المنتقم"؛ وليست صفة كمال بذاتها إلا إذا كانت مقيدة بمن يستحق الانتقام؛
ولهذا يقول عزّ وجلّ: {إنا من المجرمين منتقمون} [السجدة: 22] ، وقال عزّ
وجلّ: {والله عزيز ذو انتقام} [آل عمران: 4] ؛ وهذا هو الذي يرجحه شيخ الإسلام
ابن تيمية؛ والحديث الذي ورد في سرد أسماء الله الحسنى، وذُكر فيه المنتقم
غير صحيح؛ بل هو مدرج؛ لأن هذا الحديث فيه أشياء لم تصح من أسماء الله؛
وحذف منها أشياء هي من أسماء الله . مما يدل على أنه ليس من كلام الرسول
صلى الله عليه وسلم..


القسم
الرابع: ما يتضمن النقص على سبيل الإطلاق: فهذا لا يوصف الله سبحانه
وتعالى به أبداً، ولا يسمى به، مثل: العاجز؛ الضعيف؛ الأعور.... وما أشبه
ذلك؛ فلا يجوز أن يوصف الله سبحانه وتعالى بصفة عيب مطلقاً..

والاستهزاء
هنا في الآية على حقيقته؛ لأن استهزاء الله بهؤلاء المستهزئين دال على
كماله، وقوته، وعدم عجزه عن مقابلتهم؛ فهو صفة كمال هنا في مقابل
المستهزئين مثل قوله تعالى: {إنهم يكيدون كيداً * وأكيد كيداً}
[الطارق:15-16} أي أعظمَ منه كيداً؛ فالاستهزاء من الله تعالى حق على
حقيقته، ولا يجوز أن يفسر بغير ظاهره؛ فتفسيره بغير ظاهره محرم؛ وكل من فسر
شيئاً من القرآن على غير ظاهره بلا دليل صحيح فقد قال على الله ما لم
يعلم؛ والقول على الله بلا علم حرام، كما قال تعالى: {قل إنما حرم ربي
الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما
لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} [الأعراف: 33] ؛ فكل
قول على الله بلا علم في شرعه، أو في فعله، أو في وصفه غير جائز؛ بل نحن
نؤمن بأن الله جل وعلا يستهزئ بالمنافقين استهزاءً حقيقياً؛ لكن ليس
كاستهزائنا؛ بل أعظم من استهزائنا، وأكبر، وليس كمثله شيء..


وهذه
القاعدة يجب أن يسار عليها في كل ما وصف الله به نفسه؛ فكما أنك لا تتجاوز
حكم الله فلا تقول لما حرم: "إنه حلال"، فكذلك لا تقول لما وصف به نفسه أن
هذا ليس المراد؛ فكل ما وصف الله به نفسه يجب عليك أن تبقيه على ظاهره،
لكن تعلم أن ظاهره ليس كالذي ينسب لك؛ فاستهزاء الله ليس كاستهزائنا؛ وقرب
الله ليس كقربنا؛ واستواء الله على عرشه ليس كاستوائنا على السرير؛ وهكذا
بقية الصفات نجريها على ظاهرها، ولا نقول على الله ما لا نعلم؛ ولكن ننزه
ربنا عما نزَّه نفسه عنه من مماثلة المخلوقين؛ لأن الله تعالى يقول: {ليس
كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11] ..


أما
الخيانة فلا يوصف بها الله مطلقاً؛ لأن الخيانة صفة نقص مطلق؛ و"الخيانة"
معناها: الخديعة في موضع الائتمان . وهذا نقص؛ ولهذا قال الله عزّ وجلّ:
{وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم} [الأنفال: 71] ، ولم
يقل: فخانهم؛ لكن لما قال تعالى: {يخادعون الله} [النساء: 142] قال: {وهو
خادعهم} [النساء: 142] ؛ لأن الخديعة صفة مدح مقيدة؛ ولهذا قال الرسول صلى
الله عليه وسلم: "الحرب خدعة"(62) ، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تخن من
خانك"(63) ؛ لأن الخيانة تكون في موضع الائتمان؛ أما الخداع فيكون في موضع
ليس فيه ائتمان؛ والخيانة صفة نقص مطلق..

.3 ومن فوائد الآيتين: أن الله سبحانه وتعالى قد يُملي للظالم حتى يستمر في طغيانه..
فيستفاد
من هذه الفائدة فائدة أخرى: وهي تحذير الإنسان الطاغي أن يغتر بنعم الله
عزّ وجلّ؛ فهذه النعم قد تكون استدراجاً من الله؛ فالله سبحانه وتعالى
يملي، كما قال تعالى: { ويمدهم في طغيانهم يعمهون }؛ ولو شاء لأخذهم، ولكنه
سبحانه وتعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته . كما جاء في الحديث(64)
..

فإن قال قائل: كيف يعرف الفرق بين النعم التي يجازى بها العبد، والنعم التي يستدرج بها العبد؟

فالجواب:
أن الإنسان إذا كان مستقيماً على شرع الله فالنعم من باب الجزاء؛ وإذا كان مقيماً على معصية الله مع توالي النعم فهي استدراج..
.4
ومن فوائد الآيتين: أن صاحب الطغيان يعميه هواه، وطغيانه عن معرفة الحق،
وقبوله؛ ولهذا قال تعالى: { ويمدهم في طغيانهم يعمهون }؛ ومن الطغيان أن
يُقَدِّم المرء قوله على قول الله ورسوله؛ والله تعالى يقول: {يا أيها
الذين آمنوا لا تقدِّموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع
عليم(الحجرات: 1).


يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:37 pm




[center]
القـرآن


)أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) (البقرة:16)
التفسير:
.{ 16 } قوله
تعالى: { أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى }؛ "أولاء" اسم إشارة؛
والمشار إليهم المنافقون؛ وجاءت الإشارة بصيغة البُعد لبُعد منزلة المنافق
سفولاً؛ و{ اشتروا } أي اختاروا؛ و{ الضلالة }: العماية؛ وهي ما ساروا عليه
من النفاق؛ و{ بالهدى }: الباء هنا للعوض؛ أخذوا الضلالة، وأعطوا الهدى .
مثلما تقول: اشتريت الثوب بدرهم؛ فالهدى المدفوع عوض عن الضلالة المأخوذة،
كما أن الدرهم المدفوع عوض عن الثوب المأخوذ..


قوله تعالى: { فما ربحت تجارتهم } أي ما زادت تجارتهم . وهي اشتراؤهم الضلالة بالهدى..
قوله
تعالى: { وما كانوا مهتدين } أي ما كانوا متصفين بالاهتداء حينما اشتروا
الضلالة بالهدى؛ بل هم خاسرون في تجارتهم ضالون في منهجهم..

الفوائد:
.1 من فوائد الآية: بيان سفه هؤلاء المنافقين، حيث اشتروا الضلالة بالهدى..
.2 ومنها: شغف المنافقين بالضلال؛ لأنه تبارك وتعالى عبر عن سلوكهم الضلال بأنهم اشتروه؛ والمشتري مشغوف بالسلعة محب لها..
.3
ومنها: أن الإنسان قد يظن أنه أحسنَ عملاً وهو قد أساء؛ لأن هؤلاء اشتروا
الضلالة بالهدى ظناً منهم أنهم على صواب، وأنهم رابحون، فقال الله تعالى: {
فما ربحت تجارتهم }..

.4 ومنها: خسران المنافقين فيما يطمعون فيه بالربح؛ لقوله تعالى: ( فما ربحت تجارتهم )..

.5 ومنها: أن المدار في الربح، والخسران
على اتباع الهدى؛ فمن اتبعه فهو الرابح؛ ومن خالفه فهو الخاسر؛ ويدل لذلك
قوله تعالى: {والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا
الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} [العصر: 1 . 3] ، وقوله تعالى: {يا
أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله
ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم
تعلمون} [الصف: 10، 11] : تقف على {خير لكم} ؛ لأن {إن كنتم تعلمون} إذا
وصلناها بما قبلها صار الخير معلقاً بكوننا نعلم . وهو خير علمنا أم لم
نعلم..


.6
. ومن فوائد الآية: أن هؤلاء لن يهتدوا؛ لقوله تعالى: { وما كانوا مهتدين
}؛ لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً؛ ولذلك لا يرجعون؛ وهكذا كل فاسق، أو
مبتدع يظن أنه على حق فإنه لن يرجع؛ فالجاهل البسيط خير من هذا؛ لأن هذا
جاهل مركب يظن أنه على صواب . وليس على صواب..


القـرآن

)مَثَلُهُمْ
كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ
ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ)
(البقرة:17) )صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (البقرة:18)

التفسير:
.{ 17 } قوله
تعالى: { مثلهم } أي وصْفهم، وحالهم { كمثل الذي استوقد ناراً } أي طلب من
غيره أن يوقد له ناراً، أو طلب من غيره ما يوقد به النار بنفسه؛ { فلما
أضاءت ما حوله } أي أنارت ما حول المستوقد، ولم تذهب بعيداً لضعفها؛ { ذهب
الله بنورهم } يعني: وأبقى حرارة النار؛ و "لما" حرف شرط، و{ أضاءت } فعل
الشرط؛ و{ ذهب الله } جواب الشرط؛ والمعنى: أنه بمجرد الإضاءة ذهب النور؛
لأن القاعدة أن جواب الشرط يلي المشروط مباشرة..


وفي
هذه الآية نجد اختلافاً في الضمائر: { استوقد }: مفرد؛ { حوله }: مفرد؛ {
بنورهم }: جمع؛ { تركهم }: جمع؛ { لا يبصرون }: جمع؛ قد يقول قائل: كيف
يجوز في أفصح الكلام أن تكون الضمائر مختلفة والمرجع فيها واحد؟ الجواب من
وجهين:.

الأول:
أن اسم الموصول يفيد العموم؛ وإذا كان يفيد العموم فهو صالح للمفرد،
والجمع؛ فتكون الضمائر في { استوقد }، و{ حوله } عادت إلى اسم الموصول
باعتبار اللفظ؛ وأما { نورهم }، و{ تركهم }، و{ لا يبصرون } فعادت إلى
الموصول باعتبار المعنى..


الوجه
الثاني: أن الذي استوقد النار كان مع رفقة، فاستوقد النار له، ولرفقته؛
ولهذا قال تعالى: { أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم... } إلخ..

وعلى
الوجه الثاني تكون الآية ممثلة لرؤساء المنافقين مع أتباعهم؛ لأن رأس
المنافقين هو الذي استوقد النار، وأراد أن ينفع بها أقرانه، ثم ذهبت
الإضاءة، وبقيت الحرارة، والظلمة، وتركهم جميعاً في ظلمات لا يبصرون..


قوله
تعالى: { وتركهم في ظلمات }: جمعها لتضمنها ظلمات عديدة؛ أولها: ظلمة
الليل؛ لأن استيقاد النار للإضاءة لا يكون إلا في الليل؛ لأنك إذا استوقدت
ناراً بالنهار فإنها لا تضيء؛ و الثانية: ظلمة الجو إذا كان غائماً؛ و
الثالثة: الظلمة التي تحدث بعد فقد النور؛ فإنها تكون أشد من الظلمة
الدائمة؛ و{ لا يبصرون } تأكيد من حيث المعنى لقوله تعالى: { في ظلمات }
دال على شدة الظلمة..


.{ 18 } قوله
تعالى في وصفهم: { صم } خبر لمبتدأ محذوف . أي هم صم؛ و{ صم } جمع أصم؛
و"الأصم" الذي لا يسمع، لكنه هنا ليس على سبيل الإطلاق؛ بل أريد به شيء
معين: أي هم صم عن الحق، فلا يسمعون؛ والمراد نفي السمع المعنوي . وهو
السمع النافع؛ لا الحسي . وهو الإدراك؛ لأن كلهم يسمعون القرآن، ويفهمون
معناه، لكن لما كانوا لا ينتفعون به صاروا كالصم الذين لا يسمعون؛ وذلك مثل
قول الله تعالى: {ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون}(الأنفال:
21).

قوله
تعالى: { بُكْمٌ } جمع أبكم؛ وهو الذي لا ينطق؛ والمراد أنهم لا ينطقون
بالحق؛ وإنما ينطقون بالباطل؛ و{ عُمْيٌ } جمع أعمى؛ والمراد أنهم لا
ينتفعون بما يشاهدونه من الآية التي تظهر على أيدي الرسل . عليهم الصلاة
والسلام..


فبهذا
سُدت طرق الحق أمامهم؛ لأن الحق إما مسموع؛ وإما مشهود؛ وإما معقول؛ فهم
لا يسمعون، ولا يشهدون؛ كذلك أيضاً لا يؤخذ منهم حق؛ لأنهم لا ينطقون
بالحق؛ لأنهم بُكم؛ فهم لا ينتفعون بالحق من غيرهم، ولا ينفعون غيرهم بحق..

قوله
تعالى: { فهم لا يرجعون }: الفاء هذه عاطفة، لكنها تفيد السببية . أي بسبب
هذه الأوصاف الثلاثة لا يرجعون عن غيِّهم؛ فلا ينتفعون بسماع الحق، ولا
بمشاهدته، ولا ينطقون به..


الفوائد:
.1
من فوائد الآيتين: بلاغة القرآن، حيث يضرب للمعقولات أمثالاً محسوسات؛ لأن
الشيء المحسوس أقرب إلى الفهم من الشيء المعقول؛ لكن من بلاغة القرآن أن
الله تعالى يضرب الأمثال المحسوسة للمعاني المعقولة حتى يدركها الإنسان
جيداً، كما قال تعالى: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا
العالمون} [العنكبوت: 43] ..


.2
ومنها: ثبوت القياس، وأنه دليل يؤخذ به؛ لأن الله أراد منا أن نقيس حالهم
على حال من يستوقد؛ وكل مثل في القرآن فهو دليل على ثبوت القياس..

.3
ومنها: أن هؤلاء المنافقين ليس في قلوبهم نور؛ لقوله تعالى: { كمثل الذي
استوقد ناراً }؛ فهؤلاء المنافقون يستطعمون الهدى، والعلم، والنور؛ فإذا
وصل إلى قلوبهم . بمجرد ما يصل إليها . يتضاءل، ويزول؛ لأن هؤلاء المنافقين
إخوان للمؤمنين من حيث النسب، وأعمام، وأخوال، وأقارب؛ فربما يجلس إلى
المؤمن حقاً، فيتكلم له بإيمان حقيقي، ويدعوه، فينقدح في قلبه هذا الإيمان،
ولكن سرعان ما يزول..


.4
ومن فوائد الآيتين: أن الإيمان نور له تأثير حتى في قلب المنافق؛ لقوله
تعالى: {فلما أضاءت ما حوله}: الإيمان أضاء بعض الشيء في قلوبهم؛ ولكن لما
لم يكن على أسس لم يستقر؛ ولهذا قال تعالى في سورة المنافقين . وهي أوسع ما
تحدَّث الله به عن المنافقين: {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم}
[المنافقون: 3] ..


.5 ومنها: أنه بعد أن ذهب هذا الضياء حلت الظلمة الشديدة؛ بل الظلمات..
.6 ومنها: أن الله تعالى جازاهم على حسب ما في قلوبهم: { ذهب الله بنورهم }، كأنه أخذه قهراً..
فإن قال قائل: أليس في هذا دليل على مذهب الجبرية؟
فالجواب:
لا؛ لأن هذا الذي حصل من رب العباد عزّ وجلّ بسببهم؛ وتذكَّر دائماً قول
الله تعالى: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم} [الصف: 5] . حتى يتبين لك أن كل
من وصفه الله بأنه أضله فإنما ذلك بسبب منه

.7 ومن فوائد الآيتين: تخلي الله عن المنافقين؛ لقوله تعالى: [ وتركهم]

ويتفرع على ذلك: أن من تخلى الله عنه فهو هالك . ليس عنده نور، ولا هدًى، ولا صلاح؛ لقوله تعالى: (وتركهم في ظلمات لا يبصرون )
.8
ومن فوائد الآيتين: أن هؤلاء المنافقين أصم الله تعالى آذانهم، فلا يسمعون
الحق؛ ولو سمعوا ما انتفعوا؛ ويجوز أن يُنفى الشيء لانتفاء الانتفاع به،
كما في قوله تعالى: {ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون}
(الأنفال: 21)


.9 ومنها: أن هؤلاء المنافقين لا ينطقون بالحق . كالأبكم..
.10 ومنها: أنهم لا يبصرون الحق . كالأعمى..
.11
ومنها: أنهم لا يرجعون عن غيِّهم؛ لأنهم يعتقدون أنهم محسنون، وأنهم صاروا
أصحاباً للمؤمنين، وأصحاباً للكافرين: هم أصحاب للمؤمنين في الظاهر،
وأصحاب للكافرين في الباطن؛ ومن استحسن شيئاً فإنه لا يكاد أن يرجع عنه..


يتبع






[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:37 pm



لقـرآن


)أَوْ
كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ
أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ
وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ) (البقرة:19)
)يَكَادُ
الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ
وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ
بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
(البقرة:20)
التفسير:
.{ 19 } قوله
تعالى: { أو كصيِّب من السماء }؛ { أو } هنا للتنويع؛ لأن المثل الثاني
نوع آخر؛ والكاف اسم بمعنى "مِثل"؛ فالمعنى: أو مِثل صيب؛ ويجوز أن نقول:
إن الكاف حرف تشبيه، والتقدير: أو مَثلهم كصيب؛ و "الصيِّب" المطر النازل
من السماء؛ والمراد بـ{ السماء } هنا العلو..

قوله
تعالى: { فيه ظلمات } أي معه ظلمات؛ لأن الظلمات تكون مصاحبة له؛ وهذه
الظلمات ثلاث: ظلمة الليل؛ وظلمة السحاب؛ وظلمة المطر؛ والدليل على أنها
ظلمة الليل قوله تعالى بعد ذلك: { يكاد البرق يخطف أبصارهم }، وقوله تعالى:
{ كلما أضاء لهم مشوا فيه }: وهذا لا يكون إلا في الليل؛ و الثاني: ظلمة
السحاب؛ لأن السحاب الكثير يتراكم بعضه على بعض، فيَحدُث من ذلك ظلمةٌ فوق
ظلمة؛ و الثالث: ظلمة المطر النازل ؛ لأن المطر النازل له كثافة تُحدِث
ظلمةً؛ هذه ثلاث ظلمات؛ وربما تكون أكثر، كما لو كان في الجو غبار..


قوله تعالى: { ورعد وبرق }؛ "الرعد" هو الصوت الذي نسمعه من السحاب؛ أما "البرق" فهو النور الذي يلمع في السحاب..
فهؤلاء
عندهم ظلمات في قلوبهم . فهي مملوءة ظلمة من الأصل؛ أصابها صيب . وهو
القرآن . فيه رعد؛ والرعد هو وعيد القرآن؛ إلا أنه بالنسبة لهؤلاء
المنافقين وخوفهم منه كأنه رعد شديد؛ وفيه برق . وهو وعد القرآن؛ إلا أنه
بالنسبة لما فيه من نور، وهدى يكون كالبرق؛ لأن البرق ينير الأرض..

قوله
تعالى: { يجعلون أصابعهم في آذانهم }؛ الضمير في { يجعلون } يعود على
أصحاب الصيب؛ ففيها حذف المضاف؛ والتقدير: أصحاب الصيب؛ وإنما قلنا ذلك؛
لأنه ليس المشبه به هنا هو الصيب؛ وإنما المشبه به الذين أصابهم الصيب؛ و
"أصابع" جمع أصبع، وفيه عشر لغات أشار إليها في قوله:.


(وهمزَ
أنملةٍ ثلِّث وثالثَه التسعُ في إصبعٍ واختم بأصبوع) هذا وقد قيل: إن في
الآية مجازاً من وجهين؛ الأول: أن الأصابع ليست كلها تجعل في الأذن؛ و
الثاني: أنه ليس كل الأصبع يدخل في الأذن؛ والتحقيق: أنه ليس في الآية
مجاز؛ أما الأول: فلأن "أصابع" جمع عائد على قوله تعالى: { يجعلون }، فيكون
من باب توزيع الجمع على الجمع . أي يجعل كل واحد منهم أصبعه في أذنه؛ وأما
الثاني: فلأن المخاطَب لا يمكن أن يفهم من جعْل الأصبع في الأذن أن جميع
الأصبع تدخل في الأذن؛ وإذا كان لا يمكن ذلك امتنع أن تحمل الحقيقة على
إدخال جميع الأصبع؛ بل الحقيقة أن ذلك إدخال بعض الأصبع؛ وحينئذ لا مجاز في
الآية؛ على أن القول الراجح أنه لا مجاز في القرآن أصلاً؛ لأن معاني الآية
تدرك بالسياق؛ وحقيقة الكلام: ما دلّ عليه السياق . وإن استعملت الكلمات
في غير أصلها؛ وبحث ذلك مذكور في كتب البلاغة، وأصول الفقه، وأكبر دليل على
امتناع المجاز في القرآن: أن من علامات المجاز صحة نفيه، وتبادر غيره لولا
القرينة؛ وليس في القرآن ما يصح نفيه؛ وإذا وجدت القرينة صار الكلام بها
حقيقة في المراد به..


قوله
تعالى: { من الصواعق }؛ { من } سببية . أي يجعلونها بسبب الصواعق؛ و{
الصواعق } جمع صاعقة؛ وهي ما تَصعَق . أي تُهلك . مَنْ أصابته؛ هذه الصواعق
معروفة بآثارها؛ فهي نار تنطلق من البرق؛ فإذا أصابت أحداً، أو شيئاً
أحرقته؛ وغالباً تسقط على النخيل، وتحرقها؛ وترى فيها النار، والدخان؛
وأحياناً تسقط على المنازل وتهدمها؛ لأنها كتلة نارية تنطلق بشدة لها هواء
تدفعه أمامها..

فيجعلون
أصابعهم في آذانهم من هذه الصواعق لئلا يموتوا؛ ولكنهم لا ينجون منها بهذا
الفعل؛ إلا أنهم كالنعامة إذا رأت الصياد أدخلت رأسها في الرمل لئلا تراه؛
وتظن أنها إذا لم تره تنجو منه! وكذلك الذين يجعلون أصابعهم في آذانهم من
الصواعق لا يسلمون بهذا؛ إذا أراد الله تعالى أن يصيبهم أصابهم؛ ولهذا قال
تعالى: { والله محيط بالكافرين }، فلن ينفعهم الحذر..


.{ 20 } ولما
بَيَّن الله شدة الصوت، وأنهم لفرارهم منه، وعدم تحملهم إياه يجعلون
أصابعهم في آذانهم بَيَّن شدة الضوء عليهم، فقال تعالى: { يكاد البرق يخطف
أبصارهم } أي يقرب أن يخطف أبصارهم . أي يأخذها بسرعة، فتعمى؛ وذلك لقوته،
وضعف أبصارهم..

قوله
تعالى: { كلما أضاء لهم مشوا فيه }؛ فكأنهم ينتهزون فرصة الإضاءة، ولا
يتأخرون عن الإضاءة طرفة عين؛ كلما أضاء لهم . ولو شيئاً يسيراً . مشوا
فيه..


قوله تعالى: { وإذا أظلم عليهم } أي أصابهم بظلمة؛ وذلك أن الضوء إذا انطفأ بسرعة اشتدت الظلمة بعده؛ { قاموا } أي وقفوا..
قوله
تعالى: { ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم } دون أن تحدث الصواعق، ودون
أن يحدث البرق؛ لأن الله على كل شيء قدير؛ فهو قادر على أن يُذهب السمع
والبصر بدون أسباب: فيذهب السمع بدون صواعق، والبصر بدون برق؛ { إن الله
على كل شيء قدير }..


هذا
المثل ينطبق على منافقين لم يؤمنوا أصلاً؛ بل كانوا كافرين من قبل،
كاليهود؛ لأن المنافقين منهم عرب من الخزرج، والأوس؛ ومنهم يهود من بني
إسرائيل؛ فاليهود لم يذوقوا طعم الإيمان أبداً؛ لأنهم كفار من الأصل؛ لكن
أظهروا الإسلام
خوفاً من النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أعزه الله في بدر؛ فهؤلاء ليسوا
على هدًى . كالأولين؛ الأولون استوقدوا النار، وصار عندهم شيء من النور
بهذه النار، ثم . والعياذ بالله . انتكسوا؛ لكن هؤلاء من الأصل في ظلمات؛
فيكون هذا المثل غير المثل الأول؛ بل هو لقوم آخرين؛ والمنافقون أصناف بلا
شك..


و
"الصواعق" عبارة عما في القرآن من الإنذار، والخوف؛ ولهذا يقول الله
سبحانه وتعالى عنهم في آية أخرى: {يحسبون كل صيحة عليهم} [المنافقون: 4] ؛ و
"البرق" نور الإسلام،
لكنه ليس نوراً يستمر؛ نور البرق ينقطع في لحظة؛ وميض؛ فهؤلاء لم يدخل
الإيمان في قلوبهم أصلاً، ولا فكروا في ذلك؛ وإنما يرون هذا النور العظيم
الذي شع، فينتفعون به لمجرد خطوة يخطونها فقط؛ وبعد ذلك يقفون؛ كذلك أيضاً
يكاد البرق يخطف أبصارهم؛ لأنهم لا يتمكنون من رؤية النور الذي جاء به
النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل لكبريائهم، وحسدهم للعرب يكاد هذا البرق
يعمي أبصارهم؛ لأنه قوي عليهم لا يستطيعون مدافعته، ومقابلته..

فالظاهر أن القول الراجح أن هذين مثلان يتنَزلان على صنفين من المنافقين..
فإن قال قائل: الصنف الأول كيف نقول: إنه دخل الإيمان في قلوبهم؟

فالجواب:

نقول: نعم؛ قال الله تعالى: {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم
فهم لا يفقهون} [المنافقون: 3] ؛ وهذا يدل على أنهم آمنوا أولاً، ثم كفروا
ثانياً؛ لأن الإيمان لم يستقر في قلوبهم، ولم تستنر به؛ وإنما هو وميض ضوء
ما لبث أن طفئ؛ وإلا فإن الإيمان إذا دخل القلب دخولاً حقيقياً فإنه لن
يخرج منه بإذن الله؛ ولهذا سأل هرقل أبا سفيان عن أصحاب الرسول صلى الله
عليه وسلم الذين يدخلون في الإسلام:
"فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ
يَدْخُلَ فيه؛ فقال: لا؛ فقال: وَكَذَلِكَ الْإِيْمَانُ حِينَ تُخَالِطُ
بَشَاشَتُهُ القُلوبَ"(65) ؛ لكن الإيمان الهش - الذي لم يتمكن من القلب -
هو الذي يُخشى على صاحبه..


الفوائد:
.1 من فوائد الآيتين: تهديد الكفار بأن الله محيط بهم؛ لقوله تعالى: { والله محيط بالكافرين }..
.2 ومنها: أن البرق الشديد يخطف البصر؛ ولهذا يُنهى الإنسان أن ينظر إلى البرق حال كون السماء تبرق؛ لئلا يُخطف بصره..
.3 ومنها: أن من طبيعة الإنسان اجتناب ما يهلكه؛ لقوله تعالى:(وإذا أظلم عليهم قاموا)
.4 ومنها: إثبات مشيئة الله؛ لقوله تعالى: ( ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم )
.5
ومنها: أنه ينبغي للإنسان أن يلجأ إلى الله عزّ وجلّ أن يمتعه بسمعه،
وبصره؛ لقوله تعالى: { ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم }؛ وفي الدعاء
المأثور: "متعنا بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا"(66) ..

.6 ومنها: أن من أسماء الله أنه قدير على كل شيء..
.7
ومنها: عموم قدرة الله تعالى على كل شيء؛ فهو جلّ وعلا قادر على إيجاد
المعدوم، وإعدام الموجود، وعلى تغيير الصالح إلى فاسد، والفاسد إلى صالح،
وغير ذلك..





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:37 pm




[center]
القرآن

)يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:21)

التفسير:
.{ 21 } يا
أيها الناس }: النداء هنا وجِّه لعموم الناس مع أن السورة مدنية؛ والغالب
في السور المدنية أن النداء فيها يكون موجهاً للمؤمنين . والله أعلم بما
أراد في كتابه؛ ولو قال قائل: لعل هذه آية مكية جعلت في السورة المدنية؟

فالجواب:
أن الأصل عدم ذلك - أي عدم إدخال الآية المكية في السور المدنية، أو
العكس؛ ولا يجوز العدول عن هذا الأصل إلا بدليل صحيح صريح؛ وعلى هذا فما
نراه في عناوين بعض السور أنها مدنية إلا آية كذا، أو مكية إلا آية كذا غير
مسلَّم حتى يثبت ذلك بدليل صحيح صريح؛ وإلا فالأصل أن السورة المدنية جميع
آياتها مدنية، وأن السور المكية جميع آياتها مكية إلا بدليل ثابت..


قوله
تعالى: { اعبدوا ربكم } أي تذللوا له بالطاعة؛ وذلك بفعل الأوامر، واجتناب
النواهي ذلاً تاماً ناشئاً عن المحبة، والتعظيم؛ و "الرب" هو الخالق
المالك المدبر لشؤون خلقه؛ { الذي خلقكم } أي أوجدكم من العدم؛ { والذين من
قبلكم } معطوف على الكاف في قوله تعالى: { خلقكم } . يعني وخلق الذين من
قبلكم؛ والمراد بـ "من قبلنا" : سائر الأمم الماضية..


وقوله
تعالى: { الذي خلقكم } صفة كاشفة تبين بعض معنى الربوبية؛ وليست صفة
احترازية؛ لأنه ليس لنا ربان أحدهما خالق، والثاني غير خالق؛ بل ربنا هو
الخالق..

قوله
تعالى: { لعلكم تتقون }؛ "لعل" هنا للتعليل . أي لتصلوا إلى التقوى؛
ومعلوم أن التقوى مرتبة عالية، حتى قال الله عزّ وجلّ في الجنة: {أعدت
للمتقين} [آل عمران: 133] ، وقال تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم
محسنون} [النحل: 128] ، وقال تعالى: {واعلموا أن الله مع المتقين}
[البقرة: 194] ..


الفوائد:
.1
من فوائد الآية: العناية بالعبادة؛ يستفاد هذا من وجهين؛ الوجه الأول:
تصدير الأمر بها بالنداء؛ و الوجه الثاني: تعميم النداء لجميع الناس مما
يدل على أن العبادة أهم شيء؛ بل إنّ الناس ما خُلقوا إلا للعبادة، كما قال
تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} (الذاريات: 56)

.2 ومنها: أن الإقرار بتوحيد الربوبية مستلزم للإقرار بتوحيد الألوهية؛ لقوله تعالى: { اعبدوا ربكم }..
.3
ومنها: وجوب عبادة الله عزّ وجلّ وحده . وهي التي خُلق لها الجن، والإنس؛
و"العبادة" تطلق على معنيين؛ أحدهما: التعبد . وهو فعل العابد؛ و الثاني:
المتعبَّد به . وهي كل قول، أو فعل ظاهر، أو باطن يقرب إلى الله عزّ وجلّ..


.4
ومنها: أن وجوب العبادة علينا مما يقتضيه العقل بالإضافة إلى الشرع؛
لقوله تعالى: { اعبدوا ربكم }؛ فإن الرب عزّ وجلّ يستحق أن يُعبد وحده، ولا
يعبد غيره؛ والعجب أن هؤلاء المشركين الذين لم يمتثلوا هذا الأمر إذا
أصابتهم ضراء، وتقطعت بهم الأسباب يتوجهون إلى الله، كما قال تعالى: {وإذا
غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين} [لقمان: 32] ؛ لأن فطرهم
تحملهم على ذلك ولابد..


.5
. ومن فوائد الآية: إثبات أن الله عزّ وجلّ هو الخالق وحده، وأنه خالق
الأولين، والآخرين؛ لقوله تعالى: ( الذي خلقكم والذين من قبلكم )

.6
ومنها: أن من طريق القرآن أنه إذا ذَكر الحكم غالباً ذَكر العلة؛ الحكم: {
اعبدوا ربكم }؛ والعلة: كونه رباً خالقاً لنا، ولمن قبلنا..

.7 ومنها: أن التقوى مرتبة عالية لا ينالها كل أحد إلا من أخلص العبادة لله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: (لعلكم تتقون )..
.8
وربما يستفاد التحذير من البدع؛ وذلك؛ لأن عبادة الله لا تتحقق إلا بسلوك
الطريق الذي شرعه للعباد؛ لأنه لا يمكن أن نعرف كيف نعبد الله إلا عن طريق
الوحي والشرع: كيف نتوضأ، كيف نصلي... يعني ما الذي أدرانا أن الإنسان إذا
قام للصلاة يقرأ، ثم يركع، ثم يسجد... إلخ، إلا بعد الوحي..


.9
ومنها: الحث على طلب العلم؛ إذ لا تمكن العبادة إلا بالعلم؛ ولهذا ترجم
البخاري . رحمه الله . على هذه المسألة بقوله: "باب: العلم قبل القول،
والعمل ..


القـرآن


)الَّذِي
جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ
السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا
تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:22)
التفسير:
.{ 22 } قوله
تعالى: { الذي جعل لكم الأرض فراشاً... } هذا من باب تعديد أنواع من
مخلوقاته عزّ وجلّ؛ جعل الله لنا الأرض فراشاً مُوَطَّأة يستقر الإنسان
عليها استقراراً كاملاً مهيأة له يستريح فيها . ليست نشَزاً؛ وليست مؤلمة
عند النوم عليها، أو عند السكون عليها، أو ما أشبه ذلك؛ والله تعالى قد وصف
الأرض بأوصاف متعددة: وصفها بأنها فراش، وبأنها ذلول، وبأنها مهاد..


قوله
تعالى: { والسماء بناءً } . كما قال تعالى: {وبنينا فوقكم سبعاً شداداً}
[النبأ: 12] : السماء جعلها الله بمنزلة البناء، وبمنزلة السقف، كما قال
تعالى: {وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً}(الأنبياء: 32)


قوله
تعالى: { وأنزل من السماء ماءً }: ليست هي السماء الأولى؛ بل المراد بـ{
السماء } هنا العلو؛ لأن الماء . الذي هو المطر . ينزل من السحاب، والسحاب
بين السماء، والأرض، كما قال الله تعالى: {ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم
يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فترى الودق يخرج من خلاله} [النور: 43] ، وقال
تعالى: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار....} [البقرة:
164] إلى قوله تعالى: {والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم
يعقلون} [البقرة: 164] ؛ وبهذا نعرف أن السماء يطلق على معنيين؛ المعنى
الأول: البناء الذي فوقنا؛ والمعنى الثاني: العلو..

قوله تعالى: { فأخرج به } أي بسببه؛ { من الثمرات } جمع ثمرة؛ وجمعت باعتبار أنواعها..

قوله تعالى: { رزقاً لكم } أي عطاء لكم؛ وهو مفعول لأجله..
قوله
تعالى: { فلا تجعلوا } أي لا تُصَيِّروا { لله أنداداً } أي نظراء،
ومشابهين في العبادة { وأنتم تعلمون } أنه لا نِد له في الخلق، والرزق،
وإنزال المطر، وما أشبه ذلك من معاني الربوبية، ومقتضياتها؛ لأن المشركين
يقرُّون بأن الخالق هو الله، والرازق هو الله، والمدبر للأمر هو الله
إقراراً تاماً، ويعلمون أنه لا إله مع الله في هذا؛ لكن في العبادة ينكرون
التوحيد: يشركون؛ يجعلون مع الله إلهاً آخر؛ وينكرون على من وحّد الله حتى
قالوا في الرسول صلى الله عليه وسلم {أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء
عجاب} [ص: 5] ؛ وإقرارهم بالخلق، والرزق أن الله منفرد به يستلزم أن
يجعلوا العبادة لله وحده؛ فإن لم يفعلوا فهم متناقضون؛ ولهذا قال العلماء .
رحمهم الله .: توحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية؛ وتوحيد الربوبية
مستلزم لتوحيد الألوهية؛ يعني من أقر بتوحيد الربوبية لزمه أن يقر بتوحيد
الألوهية؛ ومن أقر بتوحيد الألوهية فإنه لم يقرَّ بها حتى كان قد أقر
بتوحيد الربوبية..


الفوائد:
.1
من فوائد الآية: بيان رحمة الله تعالى، وحكمته في جعل الأرض فراشاً؛ إذ
لو جعلها خشنة صلبة لا يمكن أن يستقر الإنسان عليها ما هدأ لأحد بال؛ لكن
من رحمته، ولطفه، وإحسانه جعلها فراشاً..

.2
ومنها: جعْل السماء بناءً؛ وفائدتنا من جعل السماء بناءً أن نعلم بذلك
قدرة الله عزّ وجلّ؛ لأن هذه السماء المحيطة بالأرض من كل الجوانب نعلم
أنها كبيرة جداً، وواسعة، كما قال تعالى: {والسماء بنيناها بأيد وإنا
لموسعون} (الذاريات: 47).


.3
ومنها: بيان قدرة الله عزّ وجلّ بإنزال المطر من السماء؛ لقوله تعالى: {
وأنزل من السماء ماء }؛ لو اجتمعت الخلائق على أن يخلقوا نقطة من الماء ما
استطاعوا؛ والله تعالى ينزل هذا المطر العظيم بلحظة؛ وقصة الرجل الذي دخل
والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قال: ادع الله يغيثنا، فرفع
(صلى الله عليه وسلم يديه، وقال: "اللهم أغثنا"(67) ، وما نزل من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته..

.4
ومنها: حكمة الله سبحانه وتعالى، ورحمته بإنزال المطر من السماء؛ وجه
ذلك: لو كان الماء الذي تحيى به الأرض يجري على الأرض لأضر الناس؛ ولو كان
يجري على الأرض لحُرِم منه أراضٍ كثيرة . الأراضي المرتفعة لا يأتيها شيء؛
ولكن من نعمة الله أن ينزل من السماء؛ ثم هناك شيء آخر أيضاً: أنه ينزل
رذاذاً . يعني قطرةً قطرةً؛ ولو نزل كأفواه القرب لأضر بالناس..


.5 ومنها: إثبات الأسباب؛ لقوله تعالى: ( فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم )..
.6 ومنها: أن الأسباب لا تكون مؤثرة إلا بإرادة الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: ( فأخرج به )..
.7
ومنها: أنه ينبغي لمن أراد أن يضيف الشيء إلى سببه أن يضيفه إلى الله
مقروناً بالسبب، مثل لو أن أحداً من الناس غرق، وجاء رجل فأخرجه . أنقذه من
الغرق؛ فليقل: أنقذني الله بفلان؛ وله أن يقول: أنقذني فلان؛ لأنه فعلاً
أنقذه؛ وله أن يقول: أنقذني الله ثم فلان؛ وليس له أن يقول: أنقذني الله
وفلان؛ لأن هذا تشريك مع الله؛ ويدل لهذا . أي الاختيار أن يضيف الشيء إلى
الله مقروناً بالسبب . أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دعا الغلام
اليهودي للإسلام وكان هذا الغلام في سياق الموت، فعرض عليه النبي صلى الله
عليه وسلم أن يسلم، فأسلم؛ لكنه أسلم بعد أن استشار أباه: التفت إليه ينظر
إليه يستشيره؛ قال: "أطع أبا القاسم" . أمر ولده أن يسلم، وهو لم يسلم في
تلك الحال، أما بعد فلا ندري، والله أعلم؛ فخرج النبي صلى الله عليه وسلم
وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه بي من النار"(68) ، وهكذا ينبغي لنا إذا
حصل شيء بسبب أن نضيفه إلى الله تعالى مقروناً ببيان السبب؛ وذلك؛ لأن
السبب موصل فقط..


.8
. ومن فوائد الآية: بيان قدرة الله، وفضله بإخراج هذه الثمرات من الماء؛
أما القدرة فظاهر: تجد الأرض شهباء جدباء ليس فيها ورقة خضراء فينزل المطر،
وفي مدة وجيزة يخرج هذا النبات من كل زوج بهيج بإذن الله عزّ وجلّ، كما
قال تعالى: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءاً فتصبح الأرض مخضرَّة}
[الحج: 63] ؛ وأما الفضل فبما يمن الله به من الثمرات؛ ولذلك قال تعالى: {
رزقاً لكم }..

.9
ومنها: أن الله عزّ وجلّ منعم على الإنسان كافراً كان، أو مؤمناً؛ لقوله
تعالى: { لكم }، وهو يخاطب في الأول الناس عموماً؛ لكن فضل الله على المؤمن
دائم متصل بفضل الآخرة؛ وفضل الله على الكافر منقطع بانقطاعه من الدنيا..


.10
ومنها: تحريم اتخاذ الأنداد لله؛ لقوله تعالى: { فلا تجعلوا لله أنداداً
}؛ وهل الأنداد شرك أكبر، أو شرك أصغر؛ وهل هي شرك جلي، أو شرك خفي؛ هذا له
تفصيل في علم التوحيد؛ خلاصته: إن اتخذ الأنداد في العبادة، أو جعلها
شريكة لله في الخلق، والملك، والتدبير فهو شرك أكبر؛ وإن كان دون ذلك فهو
شرك أصغر، كقول الرجل لصاحبه: "ما شاء الله وشئت"..


.11
. ومن فوائد الآية: أنه ينبغي لمن خاطب أحداً أن يبين له ما تقوم به عليه
الحجة؛ لقوله تعالى: { فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون }، ولقوله
تعالى في صدر الآية الأولى: {اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم}
[البقرة: 21] ؛ فإن قوله تعالى: {الذي خلقكم والذين من قبلكم} [البقرة: 21]
فيه إقامة الحجة على وجوب عبادته وحده؛ لأنه الخالق وحده..


يتبع






[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:38 pm


القـرآن

)وَإِنْ
كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا
بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ
كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:23)

التفسير:
.{ 23 }قوله
تعالى: { وإن كنتم... }: الخطاب لمن جعل لله أنداداً؛ لأنه تعالى قال: (
فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون * وإن كنتم في ريب )


وفي
ذكر هذه الآية المتعلقة برسالة محمد صلى الله عليه وسلم إشارة إلى كلمتي
التوحيد؛ وهما شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؛ لكن شهادة
أن لا إله إلا الله: توحيد القصد؛ والثاني: توحيد المتابعة؛ فكلاهما توحيد؛
لكن الأول توحيد القصد بأن يكون العمل خالصاً لله؛ والثاني توحيد المتابعة
بأن لا يتابع في عبادته سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا تأملت
القرآن وجدت هكذا: يأتي بما يدل على التوحيد، ثم بما يدل على الرسالة؛ ومن
أمثلة ذلك قوله تعالى: {أفلم يدَّبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم
الأولين} [المؤمنون: 68] ، ثم قال تعالى: {أم لم يعرفوا رسولهم فهم له
منكرون} [المؤمنون: 69] ؛ وهذا مطَّرد في القرآن الكريم..


قوله
تعالى: { في ريب }: "الريب" يفسره كثير من الناس بالشك؛ ولا شك أنه قريب
من معنى الشك، لكنه يختلف عنه بأن "الريب" يُشعر بقلق مع الشك، وأن الإنسان
في قلق عظيم مما وقع فيه الشك؛ وذلك؛ لأن ما جاء به الرسول حق؛ والشاك فيه
لا بد أن يعتريه قلق من أجل أنه شك في أمر لا بد من التصديق به؛ بخلاف
الشك في الأمور الهينة، فلا يقال: "ريب"؛ وإنما يقال في الأمور العظيمة
التي إذا شك فيها الإنسان وجد في داخل نفسه قلقاً، واضطراباً..


قوله
تعالى: { مما نزَّلنا }: المراد به القرآن؛ لأن الله أنزله على محمد صلى
الله عليه وسلم { على عبدنا }: هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والله
. تبارك وتعالى . وصف رسوله صلى الله عليه وسلم بالعبودية في المقامات
العالية: في الدفاع عنه؛ وفي بيان تكريمه بالمعراج، والإسراء؛ وفي بيان
تكريمه بإنزال القرآن، كما قال تعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده}
[الفرقان: 1] ، وقال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً} [الإسراء: 1] ،
وقال تعالى: {فأوحى إلى عبده ما أوحى} [النجم: 10] ، وقال تعالى: { وإن
كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا }: هذا في مقام التحدي، والمدافعة؛ وأفضل
أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم هي العبودية، والرسالة؛ ولهذا قال صلى
الله عليه وسلم "إنما أنا عبد؛ فقولوا: عبد الله، ورسوله"(69) ؛ و
"العبودية" : هي التذلل للمحبوب، والمعظم؛ ولهذا قال الشاعر في محبوبته:.

(لا
تدعني إلا بيا عبدها فإنه أشرف أسمائي) يعني: لا تقل: فلان، وفلان؛ بل قل:
يا عبد فلانة؛ لأن هذا عنده أشرف أوصافه، حيث انتمى إليها . نعوذ بالله من
الخذلان..


قوله
تعالى: { فأتوا بسورة }: أمر يقصد به التحدي . يعني: إذا كنتم في شك من
هذا القرآن فإننا نتحداكم أن تأتوا بسورة واحدة؛ { من مثله }: يحتمل أن
يكون الضمير عائداً إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ والمعنى: من مثل محمد
صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يكون عائداً إلى القرآن المنزل؛ والمعنى: من
مثل ما نزلنا على عبدنا . أي من جنسه؛ وكلاهما صحيح..

قوله
تعالى: { وادعوا شهداءكم } أي الذين تشهدون لهم بالألوهية، وتعبدونهم كما
تعبدون الله، ادعوهم ليساعدوكم في الإتيان بمثله؛ وهذا غاية ما يكون من
التحدي: أن يتحدى العابدَ والمعبودَ أن يأتوا بسورة مثله.

قوله
تعالى: { من دون الله } أي مما سوى الله؛ { إن كنتم صادقين } أي في أن هذا
القرآن مفترًى على الله؛ والجواب على هذا: أنه لا يمكن أن يأتوا بسورة
مثله مهما أتوا من المعاونين، والمساعدين..



الفوائد:
.1
من فوائد الآية: دفاع الله سبحانه وتعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم؛
لقوله تعالى: { فأتوا بسورة من مثله }؛ لأن الأمر هنا للتحدي؛ فالله عزّ
وجلّ يتحدى هؤلاء بأن يأتوا بمعارضٍِ لما جاء به الرسول صلى الله عليه
وسلم..


.2
ومنها: فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لوصفه بالعبودية؛ والعبودية لله
عزّ وجلّ هي غاية الحرية؛ لأن من لم يعبد الله فلا بد أن يعبد غيره؛ فإذا
لم يعبد الله عزّ وجلّ . الذي هو مستحق للعبادة . عَبَدَ الشيطان، كما قال
ابن القيم . رحمه الله . في النونية:.

(هربوا
من الرق الذي خلقوا له وبلوا برق النفس والشيطان) 3. ومنها: أن القرآن
كلام الله؛ لقوله تعالى: { مما نزلنا }؛ ووجه كونه كلام الله أن القرآن
كلام؛ والكلام صفة للمتكلم، وليس شيئاً بائناً منه؛ وبهذا نعرف بطلان قول
من زعم أن القرآن مخلوق..

.4
ومنها: إثبات علوّ الله عزّ وجلّ؛ لأنه إذا تقرر أن القرآن كلامه، وأنه
منزل من عنده لزم من ذلك علوّ المتكلم به؛ وعلو الله عزّ وجلّ ثابت
بالكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل، والفطرة؛ وتفاصيل هذه الأدلة في كتب
العقائد؛ ولولا خوض أهل البدعة في ذلك ما احتيج إلى كبير عناء في إثباته؛
لأنه أمر فطري؛ ولكن علماء أهل السنة يضطرون إلى مثل هذا لدحض حجج أهل
البدع..

.5 ومن فوائد الآية: أن القرآن معجز حتى بسورة . ولو كانت قصيرة؛ لقوله تعالى: { فأتوا بسورة من مثله)..
.6 ومنها: تحدي هؤلاء العابدين للآلهة مع معبوديهم؛ وهذا أشد ذلاًّ مما لو تُحدوا وحدهم..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:38 pm




[center]
[center]

[center]
[center][size=25]القـرآن
)فَإِنْ
لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) (البقرة:24)
التفسير:
.{ 24 } قوله تعالى: { فإن لم تفعلوا } يعني فإن لم تأتوا بسورة من مثله..
ولما
قال تعالى: { فإن لم تفعلوا } . وهي شرطية . قطع أطماعهم بقوله: { ولن
تفعلوا } يعني: ولا يمكنكم أن تفعلوا؛ و{ لن } هنا للتأبيد؛ لأن المقام
مقام تحدٍّ..


قوله
تعالى: { فاتقوا النار }: الفاء هنا واقعة في جواب الشرط . وهو { إن لم
تفعلوا } يعني: إن لم تفعلوا، وتعارضوا القرآن بمثله فالنار مثواكم؛ فاتقوا
النار . ولن يجدوا ما يتقون به النار إلا أن يؤمنوا بما أنزل على محمد صلى
الله عليه وسلم

قوله
تعالى: { التي وقودها الناس والحجارة }؛ { التي } اسم موصول صفة لـ{ النار
}؛ و{ وقود } مبتدأ؛ و{ الناس } خبر المبتدأ؛ والجملة: صلة الموصول؛ و
"الوقود" ما يوقد به الشيء، كالحطب . مثلاً . في نار الدنيا؛ في الآخرة
وقود النار هم الناس، والحجارة؛ فالنار تحرقهم، وتلتهب بهم؛ و{ الحجارة }:
قال بعض العلماء: إن المراد بها الحجارة المعبودة . يعني الأصنام؛ لأنهم
يعبدون الأصنام؛ فأصنامهم هذه تكون معهم في النار، كما قال تعالى: {إنكم
وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} [الأنبياء: 98]؛ وقيل:
هذا، وهذا . الحجارة المعبودة، والحجارة الموقودة التي خلقها عزّ وجلّ
لتوقد بها النار..

قوله
تعالى: { أعدت }: الضمير المستتر يعود على النار؛ والمعِدُّ لها هو الله
عزّ وجلّ؛ ومعنى "الإعداد" التهيئة للشيء؛ { للكافرين } أي لكل كافر سواء
كفر بالرسالة، أو كفر بالألوهية، أو بغير ذلك..


الفوائد:
.1 من فوائد الآية: أن من عارض القرآن فإن مأواه النار؛ لقوله تعالى: ( فاتقوا النار)
.2 ومنها: أن الناس وقود للنار كما توقد النار بالحطب؛ فهي في نفس الوقت تحرقهم، وهي أيضاً توقد بهم؛ فيجتمع العذاب عليهم من وجهين..
.3 ومنها: إهانة هؤلاء الكفار بإذلال آلهتهم، وطرحها في النار . على أحد الاحتمالين في قوله تعالى:
{
الحجارة }؛ لأن من المعلوم أن الإنسان يغار على من كان يعبده، ولا يريد أن
يصيبه أذًى؛ فإذا أحرق هؤلاء المعبودون أمام العابدين فإن ذلك من تمام
إذلالهم، وخزيهم..


.4
ومنها: أن النار موجودة الآن؛ لقوله تعالى: { أعدت }؛ ومعلوم أن الفعل هنا
فعل ماض؛ والماضي يدل على وجود الشيء؛ وهذا أمر دلت عليه السنة أيضاً؛ فإن
النبي صلى الله عليه وسلم عُرضت عليه الجنة، والنار، ورأى أهلها يعذبون
فيها: رأى عمرو بن لحيّ الخزاعي يجر قصبه . أي أمعاءه . في النار؛ ورأى
المرأة التي حبست الهرة حتى ماتت جوعاً: فلم تكن أطعمتها، ولا أرسلتها تأكل
من خشاش الأرض؛ ورأى فيها صاحب المحجن . الذي كان يسرق الحُجَّاج بمحجنه .
يعذب: وهو رجل معه محجن . أي عصا محنية الرأس . كان يسرق الحُجاج بهذا
المحجن؛ إذا مر به الحجاج جذب متاعهم؛ فإن تفطن صاحب الرحل لذلك ادعى أن
الذي جذبه المحجن؛ وإن لم يتفطن أخذه؛ فكان يعذب . والعياذ بالله . بمحجنه
في نار جهنم(70) ..



مسألة:
هل
النار باقية؛ أو تفنى؟ ذكر بعض العلماء إجماع السلف على أنها تبقى، ولا
تفنى؛ وذكر بعضهم خلافاً عن بعض السلف أنها تفنى؛ والصواب أنها تبقى أبد
الآبدين؛ والدليل على هذا من كتاب الله عزّ وجلّ في ثلاث آيات من القرآن:
في سورة النساء، وسورة الأحزاب، وسورة الجن؛ فأما الآية التي في النساء فهي
قوله تعالى: {إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم
طريقاً * إلا طريق جهنم خالدين فيها أبداً} [النساء: 168، 169] ؛ والتي في
سورة الأحزاب قوله تعالى: {إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً * خالدين
فيها أبداً} [الأحزاب: 64، 65] ؛ والتي في سورة الجن قوله تعالى: { ومن يعص
الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً } [الجن: 23] ؛ وليس بعد
كلام الله كلام؛ حتى إني أذكر تعليقاً لشيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله
على كتاب "شفاء العليل" لابن القيم؛ ذكر أن هذا من باب: "لكل جواد كبوة؛
ولكل صارم نبوة" . وهو صحيح؛ كيف إن المؤلف رحمه الله يستدل بهذه الأدلة
على القول بفناء النار مع أن الأمر فيها واضح؟! غريب على ابن القيم رحمه
الله أنه يسوق الأدلة بهذه القوة للقول بأن النار تفنى! وعلى كل حال، كما
قال شيخنا في هذه المسألة: "لكل جواد كبوة؛ ولكل صارم نبوة"؛ والصواب الذي
لا شك فيه . وهو عندي مقطوع به . أن النار باقية أبد الآبدين؛ لأنه إذا كان
يخلد فيها تخليداً أبدياً لزم أن تكون هي مؤبدة؛ لأن ساكن الدار إذا كان
سكونه أبدياً لابد أن تكون الدار أيضاً أبدية..


وأما
قوله تعالى في أصحاب النار: {خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما
شاء ربك} [هود: 107] فهي كقوله تعالى في أصحاب الجنة: {خالدين فيها ما دامت
السموات والأرض إلا ما شاء ربك} [هود: 108] لكن لما كان أهل الجنة نعيمهم،
وثوابهم فضلاً ومنَّة، بيَّن أن هذا الفضل غير منقطع، فقال تعالى: {عطاءً
غير مجذوذ} [هود: 108] ؛ ولما كان عذاب أهل النار من باب العدل، والسلطان
المطلق للرب عزّ وجلّ قال تعالى في آخر الآية: {إن ربك فعال لما يريد}
[هود: 107] ؛ وليس المعنى: {إن ربك فعال لما يريد} [هود: 107] أنه سوف
يخرجه من النار، أو سوف يُفني النار..

.5
ومن فوائد الآية: أن النار دار للكافرين؛ لقوله تعالى: { أعدت للكافرين }؛
وأما من دخلها من عصاة المؤمنين فإنهم لا يخلدون فيها؛ فهم فيها كالزوار؛
لا بد أن يَخرجوا منها؛ فلا تسمى النار داراً لهم؛ بل هي دار للكافر فقط؛
أما المؤمن العاصي . إذا لم يعف الله عنه . فإنه يعذب فيها ما شاء الله، ثم
يخرج منها إما بشفاعة؛ أو بمنة من الله وفضل؛ أو بانتهاء العقوبة..


مسألة:
إذا قال قائل: ما وجه الإعجاز في القرآن؟ وكيف أعجز البشر؟..
الجواب: أنه معجز بجميع وجوه الإعجاز؛ لأنه كلام الله، وفيه من وجوه الإعجاز ما لا يدرك؛ فمن ذلك:.
أولاً:
قوة الأسلوب، وجماله؛ والبلاغة، والفصاحة؛ وعدم الملل في قراءته؛ فالإنسان
يقرأ القرآن صباحاً، ومساءً . وربما يختمه في اليومين، والثلاثة . ولا
يمله إطلاقاً؛ لكن لو كرر متناً من المتون كما يكرر القرآن ملّ..

ثانياً: أنه معجز بحيث إن الإنسان كلما قرأه بتدبر ظهر له بالقراءة الثانية ما لم يظهر له بالقراءة الأولى..
ثالثاً:
صدق أخباره بحيث يشهد لها الواقع؛ وكمال أحكامه التي تتضمن مصالح الدنيا،
والآخرة؛ لقوله تعالى: {وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً } (الأنعام: 115)

رابعاً: تأثيره على القلوب، والمناهج؛ وآثاره، حيث ملك به السلف الصالح مشارق الأرض، ومغاربها..
وأما كيفية الإعجاز فهي تحدي الجن، والإنس على أن يأتوا بمثله، ولم يستطيعوا..

مسألة:.ثـانية:.
حكى
الله عزّ وجلّ عن الأنبياء، والرسل، ومن عاندهم أقوالاً؛ وهذه الحكاية
تحكي قول من حُكيت عنه؛ فهل يكون قول هؤلاء معجزاً . يعني مثلاً: فرعون قال
لموسى: {لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين} [الشعراء: 29] : هذا
يحكيه الله عزّ وجلّ عن فرعون؛ فيكون القول قول فرعون؛ فكيف كان قول فرعون
معجزاً والإعجاز إنما هو قول الله عزّ وجلّ؟

فالجواب: أن الله تعالى لم يحك كلامهم بلفظه؛ بل معناه؛ فصار المقروء في القرآن كلام الله عزّ وجلّ . وهو معجز..

[/size][/center][/center]
[/center] [/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:39 pm




[center]


[center]القـرآن



)وَبَشِّرِ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ
ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا
بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا
خَالِدُونَ) (البقرة:25)
التفسير:
.{ 25 } مناسبة
الآية لما قبلها أن الله لما ذكر وعيد الكافرين المكذبين للرسول صلى الله
عليه وسلم ذكر وعد المؤمنين به، فقال تعالى: { وبشر... } الآية؛ و
"البشارة" هي الإخبار بما يسر؛ وسميت بذلك لتغير بَشَرة المخاطَب بالسرور؛
لأن الإنسان إذا أُخبر بما يُسِرُّه استنار وجهه، وطابت نفسه، وانشرح صدره؛
وقد تستعمل "البشارة" في الإخبار بما يسوء، كقوله تعالى: { فبشرهم بعذاب
أليم } [آل عمران: 21] : إمَّا تهكماً بهم؛ وإما لأنهم يحصل لهم من الإخبار
بهذا ما تتغير به بشرتهم، وتَسودَّ به وجوههم، وتُظلِم، كقوله تعالى في
عذابهم يوم القيامة: {ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم * ذق إنك أنت العزيز
الكريم} [الدخان: 48، 49] ..

والخطاب
في قوله تعالى: { بشِّر } إما للرسول صلى الله عليه وسلم؛ أو لكل من
يتوجه إليه الخطاب . يعني بشِّر أيها النبي؛ أو بشِّر أيها المخاطَب من
اتصفوا بهذه الصفات بأن لهم جنات..

قوله
تعالى: { الذين آمنوا } أي بما يجب الإيمان به مما أخبر الله به، ورسوله؛
وقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم أصول الإيمان بأنها الإيمان بالله،
وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره؛ لكن ليس الإيمان
بهذه الأشياء مجرد التصديق بها؛ بل لا بد من قبول، وإذعان؛ وإلا لما صح
الإيمان..


قوله
تعالى: { وعملوا الصالحات } أي عملوا الأعمال الصالحات . وهي الصادرة عن
محبة، وتعظيم لله عزّ وجلّ المتضمنة للإخلاص لله، والمتابعة لرسول الله؛
فما لا إخلاص فيه فهو فاسد؛ لقول الله تعالى في الحديث القدسي: "أنا أغنى
الشركاء عن الشرك؛ من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه"(71) ؛ وما
لم يكن على الاتِّباع فهو مردود لا يقبل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (:
"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد(72)" ..

قوله
تعالى: { أن لهم جنات }: هذا المبشر به: أن لهم عند الله عزّ وجلّ {
جنات... }: جمع "جنَّة"؛ وهي في اللغة: البستان كثير الأشجار بحيث تغطي
الأشجار أرضه، فتجتن بها؛ والمراد بها شرعاً: الدار التي أعدها الله
للمتقين، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر..


قوله
تعالى: { تجري من تحتها الأنهار } أي تسيح من تحتها الأنهار؛ و{ الأنهار }
فاعل { تجري }؛ و{ من تحتها } قال العلماء: من تحت أشجارها، وقصورها؛ وليس
من تحت سطحها؛ لأن جريانها من تحت سطحها لا فائدة منه؛ وما أحسن جري هذه
الأنهار إذا كانت من تحت الأشجار، والقصور! يجد الإنسان فيها لذة في المنظر
قبل أن يتناولها..

وقد بيّن الله تعالى أنها أربعة أنواع، كما قال تعالى: {مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفَّى} (محمد: 15) .

قوله
تعالى: { كلما رزقوا } أي أعطوا؛ { منها} أي من الجنات؛ {من ثمرة} أي من
أيّ ثمرة؛ { قالوا هذا الذي رزقنا من قبل } لأنه يشبه ما سبقه في حجمه،
ولونه، وملمسه، وغير ذلك من صفاته؛ فيظنون أنه هو الأول؛ ولكنه يختلف عنه
في الطعم والمذاق اختلافاً عظيماً؛ ولهذا قال تعالى: { وأتوا به متشابهاً
}؛ وما أجمل وألذّ للإنسان إذا رأى هذه الفاكهة يراها وكأنها شيء واحد؛
فإذا ذاقها وإذا الطعم يختلف اختلافاً عظيماً! تجده يجد في نفسه حركةً لهذا
الفاكهة، ولذةً، وتعجباً؛ كيف يكون هذا الاختلاف المتباين العظيم والشكل
واحد! ولهذا لو قُدم لك فاكهة ألوانها سواء، وأحجامها سواء، وملمسها سواء،
ثم إذا ذقتها وإذا هذه حلو خالص، وهذه مُز . أي حلو مقرون بالحموضة . وهذه
حامضة؛ تجد لذة أكثر مما لو كانت على حد سواء، أو كانت مختلفة..

قوله تعالى: { وأتوا به متشابهاً }؛ { أتوا } من "أتى" التي بمعنى جاء؛ فالمعنى: جيء إليهم به متشابهاً يشبه بعضه بعضاً . كما سبق..

قوله
تعالى: { ولهم فيها أزواج }؛ لما ذكر الله الفاكهة ذكر الأزواج؛ لأن في كل
منهما تفكهاً، لكن كل واحد من نوع غير الآخر: هذا تفكه في المذاق،
والمطعم؛ وهذا تفكه آخر من نوع ثان؛ لأن بذلك يتم النعيم؛ و{ أزواج } جمع
زوج؛ وهو شامل للأزواج من الحور، ومن نساء الدنيا؛ ويطلق "الزوج" على
الذكر، والأنثى؛ ولهذا يقال للرجل: "زوج"، وللمرأة: "زوج"؛ لكن في اصطلاح
الفرضيين صاروا يلحقون التاء للأنثى فرقاً بينها وبين الرجل عند قسمة
الميراث..

قوله
تعالى: { مطهرة } يشمل طهارة الظاهر، والباطن؛ فهي مطهرة من الأذى القذر:
لا بول، ولا غائط، ولا حيض، ولا نفاس، ولا استحاضة، ولا عرق، ولا بخر،
مطهرة من كل شيء ظاهر حسي؛ مطهرة أيضاً من الأقذار الباطنة، كالغل، والحقد،
والكراهية، والبغضاء، وغير ذلك..

قوله تعالى: { هم فيها خالدون } أي ماكثون لا يخرجون منها..

الفوائد:
.1
من فوائد الآية: مشروعية تبشير الإنسان بما يسر؛ لقوله تعالى: {وبشر
الذين آمنوا وعملوا الصالحات}؛ ولقول الله تبارك وتعالى: {وبشرناه بإسحاق
نبيًّا من الصالحين} [الصافات: 112] ، وقوله تعالى: {وبشروه بغلام عليم}
[الذاريات: 28] ، وقوله تعالى: {فبشرناه بغلام حليم} [الصافات: 101] ؛
فالبشارة بما يسر الإنسان من سنن المرسلين . عليهم الصلاة والسلام؛ وهل من
ذلك أن تبشره بمواسم العبادة، كما لو أدرك رمضان، فقلت: هنّاك الله بهذا
الشهر؟ الجواب: نعم؛ وكذلك أيضاً لو أتم الصوم، فقلت: هنّأك الله بهذا
العيد، وتقبل منك عبادتك وما أشبه ذلك؛ فإنه لا بأس به، وقد كان من عادة
السلف..

.2 ومن فوائد الآية: أن الجنات لا تكون إلا لمن جمع هذين: الإيمان، والعمل الصالح..
فإن قال قائل: في القرآن الكريم ما يدل على أن الأوصاف أربعة: الإيمان؛ والعمل الصالح؛ والتواصي بالحق؛ والتواصي بالصبر؟

فالجواب: أن التواصي بالحق، والتواصي بالصبر من العمل الصالح، لكن أحياناً يُذكر بعض أفراد العام لعلة من العلل، وسبب من الأسباب..
.3
ومنها: أن جزاء المؤمنين العاملين للصالحات أكبر بكثير مما عملوا، وأعظم؛
لأنهم مهما آمنوا، وعملوا فالعمر محدود، وينتهي؛ لكن الجزاء لا ينتهي
أبداً؛ هم مخلدون فيه أبد الآباد؛ كذلك أيضاً الأعمال التي يقدمونها قد
يشوبها كسل؛ قد يشوبها تعب؛ قد يشوبها أشياء تنقصها، لكن إذا منّ الله
عليه، فدخل الجنة فالنعيم كامل..

.4
ومنها: أن الجنات أنواع؛ لقوله تعالى: { جنات }؛ وقد دل على ذلك القرآن،
والسنة؛ فقال الله تعالى: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} [الرحمن: 46] ، ثم قال
تعالى: {ومن دونهما جنتان} [الرحمن: 62] ؛ وقال النبي صلى الله عليه وسلم
"جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما؛ وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما(73)" ..


.5
ومنها: تمام قدرة الله عزّ وجلّ بخلق هذه الأنهار بغير سبب معلوم، بخلاف
أنهار الدنيا؛ لأن أنهار الماء في الدنيا معروفة أسبابها؛ وليس في الدنيا
أنهار من لبن، ولا من عسل، ولا من خمر؛ وقد جاء في الأثر(74) أنها أنهار
تجري من غير أخدود . يعني لم يحفر لها حفر، ولا يقام لها أعضاد تمنعها؛ بل
النهر يجري، ويتصرف فيه الإنسان بما شاء . يوجهه حيث شاء؛ قال ابن القيم
رحمه الله في النونية:.

(أنهارها
في غير أخدود جرت سبحان ممسكها عن الفيضان) 6 . ومن فوائد الآية: أن من
تمام نعيم أهل الجنة أنهم يؤتون بالرزق متشابهاً؛ وكلما رزقوا منها من ثمرة
رزقاً قالوا: هذا الذي رُزقنا من قبل؛ وهذا من تمام النعيم، والتلذذ بما
يأكلون..


.7
ومنها: إثبات الأزواج في الآخرة، وأنه من كمال النعيم؛ وعلى هذا يكون
جماع، ولكن بدون الأذى الذي يحصل بجماع نساء الدنيا؛ ولهذا ليس في الجنة
مَنِيّ، ولا مَنِيَّة؛ والمنيّ الذي خلق في الدنيا إنما خُلق لبقاء النسل؛
لأن هذا المنيّ مشتمل على المادة التي يتكون منها الجنين، فيخرج بإذن الله
تعالى ولداً؛ لكن في الآخرة لا يحتاجون إلى ذلك؛ لأنه لا حاجة لبقاء النسل؛
إذ إن الموجودين سوف يبقون أبد الآبدين لا يفنى منهم أحد؛ ثم هم ليسوا
بحاجة إلى أحد يعينهم، ويخدمهم؛ الوِلدان تطوف عليهم بأكواب، وأباريق، وكأس
من معين؛ ثم هم لا يحتاجون إلى أحد يصعد الشجرة ليجني ثمارها؛ بل الأمر
فيها كما قال الله تعالى: {وجنى الجنتين دان} [الرحمن: 54] ، وقال تعالى:
{قطوفها دانية} [الحاقة: 23] ؛ حتى ذكر العلماء أن الرجل ينظر إلى الثمرة
في الشجرة، فيحسّ أنه يشتهيها، فيدنو منه الغصن حتى يأخذها؛ ولا تستغرب
هذا؛ فنحن في الدنيا نشاهد أن الشيء يدنو من الشيء بغير سلطة محسوسة؛ وما
في الآخرة أبلغ، وأبلغ..

.8
ومن فوائد الآية: أن أهل الجنة خالدون فيها أبد الآباد؛ لا يمكن أن تفنى،
ولا يمكن أن يفنى من فيها؛ وقد أجمع على ذلك أهل السنة والجماعة..

[/center]



[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:39 pm




[center]


[center]القـرآن



)إِنَّ
اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا
فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ
رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ
اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً
وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ) (البقرة:26)

التفسير:
.{ 26 } قوله
تعالى: { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما } أي لا يمنعه الحياء من أن
يضرب مثلاً ولو كان مثلاً حقيراً ما دام يثبت به الحق؛ فالعبرة بالغاية؛ و{
ما } يقولون: إنها نكرة واصفة . أي: مثلاً أيَّ مثل..


قوله
تعالى: { بعوضة }: عطف بيان لـ{ ما } أي: مثلاً بعوضة؛ والبعوضة معروفة؛
ويضرب بها المثل في الحقارة؛ وقد ذكروا أن سبب نزول هذه الآية أن المشركين
اعترضوا: كيف يضرب الله المثل بالذباب في قوله تبارك وتعالى: {يا أيها
الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً
ولو اجتمعوا له} [الحج: 73] : قالوا: الذباب يذكره الله في مقام المحاجة!
فبيَّن الله عزّ وجلّ أنه لا يستحيي من الحق حتى وإن ضرب المثل بالبعوضة،
فما فوقها..

قوله
تعالى: { فما فوقها }: هل المراد بما فوق . أي فما فوقها في الحقارة،
فيكون المعنى أدنى من البعوضة؛ أو فما فوقها في الارتفاع، فيكون المراد ما
هو أعلى من البعوضة؟ فأيهما أعلى خلقة: الذباب، أو البعوضة؟ الجواب: الذباب
أكبر، وأقوى . لا شك؛ لكن مع ذلك يمكن أن يكون معنى الآية: { فما فوقها }
أي فما دونها؛ لأن الفوقية تكون للأدنى، وللأعلى، كما أن الوراء تكون
للأمام، وللخلف، كما في قوله تعالى: {وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصباً}
[الكهف: 79] أي كان أمامهم..


قوله تعالى: { فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه } أي المثل الذي ضربه الله { الحق من ربهم }، ويؤمنون به، ويرون أن فيه آيات بينات..
قوله
تعالى: { وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً } لأنه لم
يتبين لهم الحق لإعراضهم عنه، وقد قال الله تعالى: {إذا تتلى عليه آياتنا
قال أساطير الأولين * كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} (المطففين:
13، 14 )..

وقوله
تعالى: { ماذا }: "ما" هنا اسم استفهام مبتدأ؛ و "ذا" اسم موصول بمعنى
"الذي" خبر المبتدأ . أي: ما الذي أراد الله بهذا مثلاً، كما قال ابن
مالك:.


(ومثل
ما ذا بعد ما استفهام أو مَن إذا لم تلغ في الكلام) قوله تعالى: { يضل به
كثيراً }: الجملة استئنافية لبيان الحكمة من ضرب المثل بالشيء الحقير؛
ولهذا ينبغي الوقوف على قوله تعالى: { ماذا أراد الله بهذا مثلاً }؛ و{ يضل
به } أي بالمثل؛ { كثيراً } أي من الناس؛ { ويهدي به كثيراً وما يضل به
إلا الفاسقين } أي الخارجين عن طاعة الله؛ والمراد هنا الخروج المطلق الذي
هو الكفر؛ لأن الفسق قد يراد به الكفر؛ وقد يراد به ما دونه؛ ففي قوله
تبارك وتعالى: { وأما الذين فسقوا فمأواهم النار } [السجدة: 20] : المراد
به في هذه الآية الكفر؛ وكذلك هنا..


الفوائد:
.1 من فوائد الآية: إثبات الحياء لله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما ).
ووجه
الدلالة: أن نفي الاستحياء عن الله في هذه الحال دليل على ثبوته فيما
يقابلها؛ وقد جاء ذلك صريحاً في السنة، كما في قول النبي صلى الله عليه
وسلم: "إن ربكم حييّ كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما
صِفراً"(75) ؛ والحياء الثابت لله ليس كحياء المخلوق؛ لأن حياء المخلوق
انكسار لما يَدْهَمُ الإنسان ويعجز عن مقاومته؛ فتجده ينكسر، ولا يتكلم، أو
لا يفعل الشيء الذي يُستحيا منه؛ وهو صفة ضعف ونقص إذا حصل في غير محله..


.2 ومن فوائد الآية:

أن الله تعالى يضرب الأمثال؛ لأن الأمثال أمور محسوسة يستدل بها على
الأمور المعقولة؛ انظر إلى قوله تعالى: {مثل الذين اتخذوا من دون الله
أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً} [العنكبوت: 41] ؛ وهذا البيت لا يقيها
من حَرّ، ولا برد، ولا مطر، ولا رياح {وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت}
[العنكبوت: 41] ؛ وقال تعالى: {والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء
إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه} [الرعد: 14] : إنسان
بسط كفيه إلى غدير مثلاً، أو نهر يريد أن يصل الماء إلى فمه! هذا لا يمكن؛
هؤلاء الذين يمدون أيديهم إلى الأصنام كالذي يمد يديه إلى النهر ليبلغ فاه؛
فالأمثال لا شك أنها تقرب المعاني إلى الإنسان إما لفهم المعنى؛ وإما
لحكمتها، وبيان وجه هذا المثل..


.3 ومن فوائد الآية:

أن البعوضة من أحقر المخلوقات؛ لقوله تعالى: { بعوضة فما فوقها }؛ ومع
كونها من أحقر المخلوقات فإنها تقض مضاجع الجبابرة؛ وربما تهلك: لو سُلطت
على الإنسان لأهلكته وهي هذه الحشرة الصغيرة المهينة..

.4 ومنها: رحمة الله تعالى بعباده حيث يقرر لهم المعاني المعقولة بضرب الأمثال المحسوسة لتتقرر المعاني في عقولهم..
.5 ومنها: أن القياس حجة؛ لأن كل مثل ضربه الله في القرآن، فهو دليل على ثبوت القياس..
.6
ومنها: فضيلة الإيمان، وأن المؤمن لا يمكن أن يعارض ما أنزل الله عزّ
وجلّ بعقله؛ لقوله تعالى: {فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم}،
ولا يعترضون، ولا يقولون: لِم؟، ولا: كيف؟؛ يقولون: سمعنا، وأطعنا، وصدقنا؛
لأنهم يؤمنون بأن الله عزّ وجلّ له الحكمة البالغة فيما شرع، وفيما قدر..


.7
ومنها: إثبات الربوبية الخاصة؛ لقوله تعالى: { من ربهم }؛ واعلم أن
ربوبية الله تعالى تنقسم إلى قسمين: عامة؛ وخاصة؛ فالعامة هي الشاملة لجميع
الخلق، وتقتضي التصرف المطلق في العباد؛ والخاصة هي التي تختص بمن أضيفت
له، وتقتضي عناية خاصة؛ وقد اجتمعتا في قوله تعالى: {قالوا آمنا برب
العالمين * رب موسى وهارون} [الأعراف: 121، 122] : فالأولى ربوبية عامة؛
والثانية خاصة بموسى، وهارون؛ كما أن مقابل ذلك "العبودية" تنقسم إلى
عبودية عامة، كما في قوله تبارك وتعالى: {إن كل من في السموات والأرض إلا
آتي الرحمن عبداً} [مريم: 93] ؛ وخاصة كما في قوله تعالى: {تبارك الذي نزل
الفرقان على عبده} [الفرقان: 1] ؛ والفرق بينهما أن العامة هي الخضوع للأمر
الكوني؛ والخاصة هي الخضوع للأمر الشرعي؛ وعلى هذا فالكافر عبد لله
بالعبودية العامة؛ والمؤمن عبد لله بالعبودية العامة، والخاصة..


.8ومن فوائد الآية:
أن
ديدن الكافرين الاعتراض على حكم الله، وعلى حكمة الله؛ لقوله تعالى: {
وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلًا }؛ وكل من اعترض ولو
على جزء من الشريعة ففيه شبه بالكفار؛ فمثلاً لو قال قائل: لماذا ينتقض
الوضوء بأكل لحم الإبل، ولا ينتقض بأكل لحم الخنزير إذا جاز أكله للضرورة
مع أن الخنزير خبيث نجس؟

فالجواب:
أن هذا اعتراض على حكم الله عزّ وجلّ؛ وهو دليل على نقص الإيمان؛ لأن لازم
الإيمان التام التسليم التام لحكم الله عزّ وجلّ . إلا أن يقول ذلك على
سبيل الاسترشاد، والاطلاع على الحكمة؛ فهذا لا بأس به..

.9
ومن فوائد الآية: أن لفظ الكثير لا يدل على الأكثر؛ لقوله تعالى: { يضل
به كثيراً ويهدي به كثيراً }؛ فلو أخذنا بظاهر الآية لكان الضالون،
والمهتدون سواءً؛ وليس كذلك؛ لأن بني آدم تسعمائة وتسعة وتسعون من الألف
ضالون؛ وواحد من الألف مهتدٍ؛ فكلمة: { كثيراً } لا تعني الأكثر؛ وعلى هذا
لو قال إنسان: عندي لك دراهم كثيرة، وأعطاه ثلاثة لم يلزمه غيرها؛ لأن
"كثير" يطلق على القليل، وعلى الأكثر..

.10
ومن فوائد الآية: أن إضلال من ضل ليس لمجرد المشيئة؛ بل لوجود العلة التي
كانت سبباً في إضلال الله العبد؛ لقوله تعالى: { وما يضل به إلا الفاسقين
}؛ وهذا كقوله تعالى: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم
الفاسقين} (الصف: 5) ..

.11
ومنها: الرد على القدرية الذين قالوا: إن العبد مستقل بعمله . لا علاقة
لإرادة الله تعالى به؛ لقوله تعالى: ( وما يضل به إلا الفاسقين )..

[/center]
[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:39 pm







[center]
[center]القـرآن
)الَّذِينَ
يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا
أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ
هُمُ الْخَاسِرُونَ) (البقرة:27)
التفسير:
.{ 27 } قوله
تعالى: { الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه } أي العهد الذي بينهم وبين
الله عزّ وجلّ؛ وهو الإيمان به، وبرسله؛ فإن هذا مأخوذ على كل إنسان؛ إذا
جاء رسول بالآيات فإن الواجب على كل إنسان أن يؤمن به؛ فهؤلاء نقضوا عهد
الله، ولم يؤمنوا به، وبرسله؛ والنقض حَلّ الشيء بعد إبرامه؛ وقد بين الله
عزّ وجلّ هذا العهد في قوله تعالى: {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل
وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم
الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضاً حسناً لأكفرن عنكم
سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل
سواء السبيل} [المائدة: 12] ..


قوله
تعالى: { ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل } أي يقطعون كل ما أمر الله به
أن يوصل، كالأرحام، ونصرة الرسل، ونصرة الحق، والدفاع عن الحق..

قوله تعالى: { ويفسدون في الأرض } أي يسعون لما به فساد الأرض فساداً معنوياً كالمعاصي؛ وفساداً حسياً كتخريب الديار، وقتل الأنفس..
قوله
تعالى: { أولئك هم الخاسرون }: جملة اسمية مؤكَّدة بضمير الفصل: { هم }؛
لأن ضمير الفصل له ثلاث فوائد؛ الفائدة الأولى: التوكيد؛ والفائدة الثانية :
الحصر؛ والفائدة الثالثة: إزالة اللبس بين الصفة، والخبر؛ مثال ذلك: تقول:
"زيد الفاضل": كلمة "الفاضل" يحتمل أن تكون خبراً؛ ويحتمل أن تكون وصفاً،
فتقول: "زيد الفاضل محبوب"؛ إذا قلت: "زيد الفاضل محبوب" تعين أن تكون صفة؛
وإذا قلت: "زيد الفاضل" يحتمل أن تكون صفة، والخبر لم يأت بعد؛ ويحتمل أن
تكون خبراً؛ فإذا قلت: "زيد هو الفاضل" تعين أن تكون خبراً لوجود ضمير
الفصل؛ ولهذا سُمي ضمير فصل . لفصله بين الوصف والخبر؛ الفائدة الثانية:
التوكيد ؛ إذا قلت: "زيد هو الفاضل" كان أبلغ من قولك: "زيد الفاضل"؛ و
الفائدة الثالثة: الحصر ؛ فإنك إذا قلت: "زيد هو الفاضل" فقد حصرت هذا
الوصف فيه دون غيره؛ وضمير الفصل ليس له محل من الإعراب، كما في قوله
تعالى: {لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين} [الشعراء: 40] ؛ ولو كان
له محل من الإعراب لكانت: "هم الغالبون"؛ وربما يضاف إليه اللام، كما في
قوله تعالى: {إن هذا لهو القصص الحق} [آل عمران: 62] ؛ فيكون في إضافة
اللام إليه زيادة توكيد..


وقوله
تعالى: { الخاسرون }؛ "الخاسر" هو الذي فاته الربح؛ وذلك؛ لأن هؤلاء فاتهم
الربح الذي ربحه من لم ينقض عهد الله من بعد ميثاقه، ولم يقطع ما أمر الله
به أن يوصل..


الفوائد:
.1
من فوائد الآية: أن نقض عهد الله من الفسق؛ لقوله تعالى: { الذين ينقضون
عهد الله من بعد ميثاقه } فكلما رأيت شخصاً قد فرط في واجب، أو فعل محرماً
فإن هذا نقض للعهد من بعد الميثاق..

.2 ومنها: التحذير من نقض عهد الله من بعد ميثاقه؛ لأن ذلك يكون سبباً للفسق..
.3
ومنها: التحذير من قطع ما أمر الله به أن يوصل من الأرحام . أي الأقارب .
وغيرهم؛ لأن الله ذكر ذلك في مقام الذم؛ وقطع الأرحام من كبائر الذنوب؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة قاطع"(76)، يعني قاطع رحم..

.4
ومنها: أن المعاصي والفسوق سبب للفساد في الأرض، كما قال تعالى: {ظهر
الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم
يرجعون} [الروم: 41] ؛ ولهذا إذا قحط المطر، وأجدبت الأرض، ورجع الناس إلى
ربهم، وأقاموا صلاة الاستسقاء، وتضرعوا إليه سبحانه وتعالى، وتابوا إليه،
أغاثهم الله عزّ وجلّ؛ وقد قال نوح عليه السلام لقومه: {فقلت استغفروا ربكم
إنه كان غفاراً * يرسل السماء عليكم مدراراً * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل
لكم جنات ويجعل لهم أنهاراً} [نوح: 10 . 12] ..

فإن قال قائل: أليس يوجد في الأرض من هم صلحاء قائمون بأمر الله مؤدون لحقوق عباد الله ومع ذلك نجد الفساد في الأرض؟

فالجواب:
أن هذا الإيراد أوردته أم المؤمنين زينب رضي الله عنها على النبي صلى الله
عليه وسلم حيث قال: "ويل للعرب من شر قد اقترب" ؛ قالت: أنهلك وفينا
الصالحون؟! قال صلى الله عليه وسلم: "نعم، إذا كثر الخبث"(77) ؛ وقوله صلى
الله عليه وسلم "إذا كثر الخبث" يشمل معنيين:.

أحدهما: أن يكثر الخبث في العاملين بحيث يكون عامة الناس على هذا الوصف..
و
الثاني: أن يكثر فعل الخبث بأنواعه من فئة قليلة، لكن لا تقوم الفئة
الصالحة بإنكاره؛ فمثلاً إذا كثر الكفار في أرض كان ذلك سبباً للشر،
والبلاء؛ لأن الكفار نجس؛ فكثرتهم كثرة خبث؛ وإذا كثرت أفعال المعاصي كان
ذلك سبباً أيضاً للشر، والبلاء؛ لأن المعاصي خبث..

.5ومن
فوائد الآية: أن هؤلاء الذين اعترضوا على الله فيما ضرب من الأمثال،
ونقضوا عهده، وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل، وأفسدوا في الأرض هم الخاسرون
. وإن ظنوا أنهم يحسنون صنعاً..

[/center]

[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:40 pm





[center]


[center]القـرآن



)كَيْفَ
تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ
يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (البقرة:28)

التفسير:
.{ 28 }قوله
تعالى: { كيف تكفرون بالله... }: الاستفهام هنا للإنكار، والتعجيب؛ والكفر
بالله هو الإنكار، والتكذيب مأخوذ من: كَفَر الشيء: إذا ستره؛ ومنه
الكُفُرّى: لغلاف طلع النخل؛ والمعنى: كيف تجحدونه، وتكذبون به، وتستكبرون
عن عبادته، وتنكرون البعث مع أنكم تعلمون نشأتكم؟!..

قوله
تعالى: { وكنتم أمواتاً }: وذلك: قبل نفخ الروح في الإنسان هو ميت؛ جماد؛ {
فأحياكم } أي بنفخ الروح؛ { ثم يميتكم } ثانية؛ وذلك بعد أن يخرج إلى
الدنيا؛ { ثم يحييكم } الحياة الآخرة التي لا موت بعدها؛ { ثم إليه ترجعون
}: بعد الإحياء الثاني ترجعون إلى الله، فينبئكم بأعمالكم، ويجازيكم
عليها..


الفوائد:
.1 من فوائد الآية: شدة الإنكار حتى يصل إلى حد التعجب ممن يكفر وهو يعلم حاله، ومآله..
.2
ومنها: أن الموت يطلق على ما لا روح فيه . وإن لم تسبقه حياة .؛ يعني: لا
يشترط للوصف بالموت تقدم الحياة؛ لقوله تعالى: { كنتم أمواتاً فأحياكم }؛
أما ظن بعض الناس أنه لا يقال: "ميت" إلا لمن سبقت حياته؛ فهذا ليس بصحيح؛
بل إن الله تعالى أطلق وصف الموت على الجمادات؛ قال تعالى في الأصنام:
{أموات غير أحياء} [النحل: 21] ..

.3
ومنها: أن الجنين لو خرج قبل أن تنفخ فيه الروح فإنه لا يثبت له حكم
الحي؛ ولهذا لا يُغَسَّل، ولا يكفن، ولا يصلي عليه، ولا يرث، ولا يورث؛
لأنه ميت جماد لا يستحق شيئاً مما يستحقه الأحياء؛ وإنما يدفن في أيّ مكان
في المقبرة، أو غيرها..

.4
ومنها: تمام قدرة الله عزّ وجلّ؛ فإن هذا الجسد الميت ينفخ الله فيه
الروح، فيحيى، ويكون إنساناً يتحرك، ويتكلم، ويقوم، ويقعد، ويفعل ما أراد
الله عزّ وجلّ..

.5
ومنها: إثبات البعث؛ لقوله تعالى: { ثم يحييكم ثم إليه ترجعون }؛ والبعث
أنكره من أنكره من الناس، واستبعده، وقال: {من يحيي العظام وهي رميم} [يس:
78] ؛ فأقام الله . تبارك وتعالى . على إمكان ذلك ثمانية أدلة في آخر سورة
"يس":.

الدليل
الأول: قوله تعالى: {قل يحييها الذي أنشأها أول مرة} [يس: 79] : هذا دليل
على أنه يمكن أن يحيي العظام وهي رميم؛ وقوله تعالى: {أنشأها أول مرة} دليل
قاطع، وبرهان جليّ على إمكان إعادته كما قال الله تعالى: {وهو الذي يبدأ
الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه} [الروم: 27] ..

الدليل
الثاني: قوله تعالى: {وهو بكل خلق عليم} [يس: 79] يعني: كيف يعجز عن
إعادتها وهو سبحانه وتعالى بكل خلق عليم: يعلم كيف يخلق الأشياء، وكيف
يكونها؛ فلا يعجز عن إعادة الخلق..

الدليل
الثالث: قوله تعالى: {الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه
توقدون } [يس: 80] : الشجر الأخضر فيه البرودة، وفيه الرطوبة؛ والنار فيها
الحرارة، واليبوسة؛ هذه النار الحارة اليابسة تخرج من شجر بارد رطب؛ وكان
الناس فيما سبق يضربون أغصاناً من أشجار معينة بالزند؛ فإذا ضربوها انقدحت
النار، ويكون عندهم شيء قابل للاشتعال بسرعة؛ ولهذا قال تعالى: {فإذا أنتم
منه توقدون} [يس: 80] تحقيقاً لذلك..

ووجه الدلالة: أن القادر على إخراج النار الحارة اليابسة من الشجر الأخضر مع ما بينهما من تضاد قادر على إحياء العظام وهي رميم..
الدليل الرابع: قوله تعالى: {أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى} (يس: 81)
ووجه الدلالة: أن خلْق السموات والأرض أكبر من خلق الناس؛ والقادر على الأكبر قادر على ما دونه..
الدليل
الخامس: قوله تعالى: {وهو الخلَّاق العليم} [يس: 81] ؛ فـ {الخلاق } صفته،
ووصفه الدائم؛ وإذا كان خلَّاقاً، ووصفه الدائم هو الخلق فلن يعجز عن
إحياء العظام وهي رميم..

الدليل
السادس: قوله تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} [يس:
82] : إذا أراد شيئاً مهما كان؛ و {شيئاً} : نكرة في سياق الشرط، فتكون
للعموم؛ {أمره} أي شأنه في ذلك أن يقول له كن فيكون؛ أو {أمره} الذي هو
واحد "أوامر"؛ ويكون المعنى: إنما أمره أن يقول: "كن"، فيعيده مرة أخرى..

ووجه الدلالة: أن الله سبحانه وتعالى لا يستعصي عليه شيء أراده..
الدليل
السابع: قوله تعالى: {فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء} : كل شيء فهو مملوك
لله عزّ وجلّ: الموجود يعدمه؛ والمعدوم يوجده؛ لأنه رب كل شيء..

ووجه الدلالة: أن الله سبحانه وتعالى نزه نفسه؛ وهذا يشمل تنزيهه عن العجز عن إحياء العظام وهي رميم
الدليل الثامن: قوله تعالى: ( وإليه ترجعون )..
ووجه
الدلالة: أنه ليس من الحكمة أن يخلق الله هذه الخليقة، ويأمرها، وينهاها،
ويرسل إليها الرسل، ويحصل ما يحصل من القتال بين المؤمن، والكافر، ثم يكون
الأمر هكذا يذهب سدًى؛ بل لابد من الرجوع؛ وهذا دليل عقلي..

فهذه
ثمانية أدلة على قدرة الله على إحياء العظام وهي رميم جمعها الله عزّ وجلّ
في موضع واحد؛ وهناك أدلة أخرى في مواضع كثيرة في القرآن؛ وكذلك في
السنة..

.6ومن فوائد الآية: أن الخلق مآلهم، ورجوعهم إلى الله عزّ وجلّ..




القـرآن
)هُوَ
الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى
السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ) (البقرة:29)
التفسير:
لما ذكر جلّ وعلا أنه قادر على الإحياء والإماتة، بيَّن منَّته على العباد بأنه خلق لهم ما في الأرض جميعاً
.{ 29 } قوله
تعالى: { هو الذي خلق لكم } أي أوجد عن علم وتقدير على ما اقتضته حكمته
جلّ وعلا، وعلمه؛ و{ لكم }: اللام هنا لها معنيان؛ المعنى الأول: الإباحة،
كما تقول: "أبحت لك"؛ والمعنى الثاني: التعليل: أي خلق لأجلكم..

قوله
تعالى: { ما في الأرض جميعاً }؛ { ما } اسم موصول تعُمّ: كل ما في الأرض
فهو مخلوق لنا من الأشجار، والزروع، والأنهار، والجبال... كل شيء..

قوله
تعالى: { ثم } أي بعد أن خلق لنا ما في الأرض جميعاً { استوى إلى السماء }
أي علا إلى السماء؛ هذا ما فسرها به ابن جرير . رحمه الله؛ وقيل: أي قصد
إليها؛ وهذا ما اختاره ابن كثير . رحمه الله؛ فللعلماء في تفسير { استوى
إلى } قولان: الأول: أن الاستواء هنا بمعنى القصد؛ وإذا كان القصد تاماً
قيل: استوى؛ لأن الاستواء كله يدل على الكمال، كما قال تعالى: {ولما بلغ
أشده واستوى} [القصص: 14] أي كمل؛ فمن نظر إلى أن هذا الفعل عُدّي بـ { إلى
} قال: إن { استوى } هنا ضُمِّن معنى قصد؛ ومن نظر إلى أن الاستواء لا
يكون إلا في علوّ جعل { إلى } بمعنى "على"؛ لكن هذا ضعيف؛ لأن الله تعالى
لم يستوِ على السماء أبداً؛ وإنما استوى على العرش؛ فالصواب ما ذهب إليه
ابن كثير رحمه الله وهو أن الاستواء هنا بمعنى القصد التام، والإرادة
الجازمة؛ و{ السماء } أي العلوّ؛ وكانت السماء دخاناً . أي مثل الدخان؛

{ فسواهن سبع سموات } أي جعلها سوية طباقاً غير متناثرة قوية متينة..
قوله تعالى: { وهو بكل شيء عليم }؛ ومن علمه عزّ وجلّ أنه علم كيف يخلق هذه السماء..


الفوائد:
.1
من فوائد الآية: منّة الله تعالى على عباده بأن خلق لهم ما في الأرض
جميعاً؛ فكل شيء في الأرض فإنه لنا . والحمد لله . والعجب أن من الناس من
سخر نفسه لما سخره الله له؛ فخدم الدنيا، ولم تخدمه؛ وصار أكبر همه الدنيا:
جمع المال، وتحصيل الجاه، وما أشبه ذلك..

.2
ومنها: أن الأصل في كل ما في الأرض الحلّ . من أشجار، ومياه، وثمار،
وحيوان، وغير ذلك؛ وهذه قاعدة عظيمة؛ وبناءً على هذا لو أن إنساناً أكل
شيئاً من الأشجار، فقال له بعض الناس: "هذا حرام"؛ فالمحرِّم يطالَب
بالدليل؛ ولو أن إنساناً وجد طائراً يطير، فرماه، وأصابه، ومات، وأكله،
فقال له الآخر: "هذا حرام"؛ فالمحرِّم يطالب بالدليل؛ ولهذا لا يَحْرم شيء
في الأرض إلا ما قام عليه الدليل..

.3
ومن فوائد الآية: تأكيد هذا العموم بقوله تعالى: { جميعاً } مع أن { ما }
موصولة تفيد العموم؛ لكنه سبحانه وتعالى أكده حتى لا يتوهم واهم بأن شيئاً
من أفراد هذا العموم قد خرج من الأصل..

.4
ومنها: إثبات الأفعال لله عزّ وجلّ . أي أنه يفعل ما يشاء؛ لقوله تعالى: {
ثم استوى إلى السماء }: و{ استوى } فعل؛ فهو جلّ وعلا يفعل ما يشاء، ويقوم
به من الأفعال ما لا يحصيه إلا الله، كما أنه يقوم به من الأقوال ما لا
يحصيه إلا الله..

.5 ومنها: أن السموات سبع؛ لقوله تعالى: ( سبع سموات )
.6 ومنها: كمال خلق السموات؛ لقوله تعالى: ( فسواهن )..
.7ومنها: إثبات عموم علم الله؛ لقوله تعالى: ( وهو بكل شيء عليم )
.8ومنها:
أن نشكر الله على هذه النعمة . وهي أنه تعالى خلق لنا ما في الأرض جميعاً؛
لأن الله لم يبينها لنا لمجرد الخبر؛ ولكن لنعرف نعمته بذلك، فنشكره
عليها..

.9
ومنها: أن نخشى، ونخاف؛ لأن الله تعالى بكل شيء عليم؛ فإذا كان الله
عليماً بكل شيء . حتى ما نخفي في صدورنا . أوجب لنا ذلك أن نحترس مما يغضب
الله عزّ وجلّ سواء في أفعالنا، أو في أقوالنا، أو في ضمائر قلوبنا..

[/center] يتبع
[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:40 pm




[center]


[center]القـرآن
)وَإِذْ
قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً
قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ
وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا
لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:30)


التفسير:
.{ 30 } قوله
تعالى: { وإذ قال ربك }: قال المعربون: { إذ } مفعول لفعل محذوف؛
والتقدير: اذكر إذ قال؛ والخطاب في قوله تعالى: { ربك } للنبي صلى الله
عليه وسلم؛ ولما كان الخطاب له صارت الربوبية هنا من أقسام الربوبية
الخاصة..

قوله
تعالى: { للملائكة }: اللام للتعدية . أي تعدية القول للمقول له؛ و
"الملائكة" جمع "مَلْئَك"، وأصله "مألك"؛ لأنه مشتق من الأَلُوكة . وهي
الرسالة؛ لكن صار فيها إعلال بالنقل . أي نقل حرف مكان حرف آخر؛ مثل أشياء
أصلها: "شيئاء"؛ و "الملائكة" عالم غيبي خلقهم الله تعالى من نور، وجعل لهم
وظائف، وأعمالاً مختلفة؛ فمنهم الموكل بالوحي كجبريل؛ وبالقطر، والنبات
كميكائيل؛ وبالنفخ في الصور كإسرافيل؛ وبأرواح بني أدم كملَك الموت... إلى
غير ذلك من الوظائف، والأعمال..

قوله تعالى: { إني جاعل في الأرض خليفة }؛ خليفة يخلف الله؛ أو يخلف من سبقه؛ أو يخلف بعضهم بعضاً يتناسلون . على أقوال:.
أما
الأول: فيحتمل أن الله أراد من هذه الخليقة . آدم، وبنيه . أن يجعل منهم
الخلفاء يخلفون الله تعالى في عباده بإبلاغ شريعته، والدعوة إليها، والحكم
بين عباده؛ لا عن جهل بالله سبحانه وتعالى . وحاشاه من ذلك، ولا عن عجز؛
ولكنه يمنّ على من يشاء من عباده، كما قال تعالى: {يا داوود إنا جعلناك
خليفة في الأرض فاحكم بين الناس} [ص: 26] : هو خليفة يخلف الله عزّ وجلّ في
الحكم بين عباده..

والثاني:
أنهم يخلفون من سبقهم؛ لأن الأرض كانت معمورة قبل آدم؛ وعلى هذا الاحتمال
تكون { خليفة } هنا بمعنى الفاعل؛ وعلى الأول بمعنى المفعول..

والثالث:
أنه يخلف بعضهم بعضاً؛ بمعنى: أنهم يتناسلون: هذا يموت، وهذا يحيى؛ وعلى
هذا التفسير تكون { خليفة } صالحة لاسم الفاعل، واسم المفعول..

كل
هذا محتمل؛ وكل هذا واقع؛ لكن قول الملائكة: { أتجعل فيها من يفسد فيها
ويسفك الدماء } يرجح أنهم خليفة لمن سبقهم، وأنه كان على الأرض مخلوقات قبل
ذلك تسفك الدماء، وتفسد فيها، فسألت الملائكة ربها عزّ وجلّ: { أتجعل فيها
من يفسد فيها ويسفك الدماء } كما فعل من قبلهم . واستفهام الملائكة
للاستطلاع، والاستعلام، وليس للاعتراض؛ قال تعالى: { إني أعلم ما لا تعلمون
} يعني: وستتغير الحال؛ ولا تكون كالتي سبقت..

قوله
تعالى: { ونحن نسبح } أي نُنَزِّه؛ والذي يُنَزَّه الله عنه شيئان؛ أولاً:
النقص؛ والثاني: النقص في كماله؛ وزد ثالثاً إن شئت: مماثلة المخلوقين؛ كل
هذا يُنَزَّه الله عنه؛ النقص: مطلقاً؛ يعني أن كل صفة نقص لا يمكن أن
يوصف الله بها أبداً . لا وصفاً دائماً، ولا خبراً؛ والنقص في كماله: فلا
يمكن أن يكون في كماله نقص؛ قدرته: لا يمكن أن يعتريها عجز؛ قوته: لا يمكن
أن يعتريها ضعف؛ علمه: لا يمكن أن يعتريه نسيان... وهلم جراً؛ ولهذا قال
عزّ وجلّ: {ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من
لغوب} [ق: 38] أي تعب، وإعياء؛ فهو عزّ وجلّ كامل الصفات لا يمكن أن يعتري
كماله نقص؛ ومماثلة المخلوقين: هذه إن شئنا أفردناها بالذكر؛ لأن الله
تعالى أفردها بالذكر، فقال: {ليس كمثله شيء} [الشورى: 11] . وقال تعالى:
{وله المثل الأعلى} ، وقال تعالى: { فلا تضربوا لله الأمثال } [النحل: 74] ؛
وإن شئنا جعلناها داخلة في القسم الأول . النقص . لأن تمثيل الخالق
بالمخلوق يعني النقص؛ بل المفاضلة بين الكامل والناقص تجعل الكامل ناقصاً،
كما قال القائل:.

(ألم
تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا) لو قلت: فلان عنده
سيف أمضى من العصا تبين أن السيف هذا رديء، وليس بشيء؛ فربما نفرد هذا
القسم الثالث، وربما ندخله في القسم الأول؛ على كل حال التسبيح ينبغي لنا .
عندما نقول: "سبحان الله"، أو: "أسبح الله"، أو ما أشبه ذلك . أن نستحضر
هذه المعاني..

قوله
تعالى: و{ بحمدك }: قال العلماء: الباء هنا للمصاحبة . أي تسبيحاً مصحوباً
بالحمد مقروناً به؛ فتكون الجملة متضمنة لتنزيه الله عن النقص، وإثبات
الكمال لله بالحمد؛ لأن الحمد: وصف المحمود بالكمال محبة، وتعظيماً؛ فإن
وصفتَ مرة أخرى بكمال فسَمِّه ثناءً؛ والدليل على هذا ما جاء في الحديث
الصحيح أن الله تعالى قال: "قَسَمْتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين؛ فإذ
قال: {الحمد لله رب العالمين} قال تعالى: حمدني عبدي؛ وإذا قال: {الرحمن
الرحيم} قال تعالى: أثنى عليّ عبدي"(78) ؛ لأن نفي النقص يكون قبل إثبات
الكمال من أجل أن يَرِد الكمال على محل خالٍ من النقص..

قوله
تعالى: { ونقدس }: "التقديس" معناه التطهير؛ وهو أمر زائد على "التنْزيه"؛
لأن "التنزيه" تبرئة، وتخلية؛ و"التطهير" أمر زائد؛ ولهذا نقول في دعاء
الاستفتاح: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب؛ اللهم نقني من خطاياي كما ينقَّى الثوب الأبيض من الدنس؛ اللهم
اغسلني من خطاياي بالماء، والثلج، والبَرد"(79) : فالأول: طلبُ المباعدة؛
والثاني: طلب التنقية . يعني: التخلية بعد المباعدة؛ والثالث: طلب الغسل
بعد التنقية حتى يزول الأثر بالكلية؛ فيجمع الإنسان بين تنْزيه الله عزّ
وجلّ عن كل عيب ونقص، وتطهيره . أنه لا أثر إطلاقاً لما يمكن أن يعلق
بالذهن من نقص..

قوله تعالى: { لك } اللام هنا للاختصاص؛ فتفيد الإخلاص؛ وهي أيضاً للاستحقاق؛ لأن الله . جلّ وعلا . أهل لأن يقدس..
أجابهم
الله تعالى: { قال إني أعلم ما لا تعلمون } أي من أمر هذه الخليفة التي
سيكون منها النبيون، والصدِّيقون، والشهداء، والصالحون..


الفوائد:
.1
من فوائد الآية: إثبات القول لله عزّ وجلّ، وأنه بحرف، وصوت؛ وهذا مذهب
السلف الصالح من الصحابة، والتابعين، وأئمة الهدى من بعدهم؛ يؤخذ كونه بحرف
من قوله تعالى: { إني جاعل في الأرض خليفة }؛ لأن هذه حروف؛ ويؤخذ كونه
بصوت من أنه خاطب الملائكة بما يسمعونه؛ وإثبات القول لله على هذا الوجه من
كماله سبحانه وتعالى؛ بل هو من أعظم صفات الكمال: أن يكون عزّ وجلّ
متكلماً بما شاء كوناً، وشرعاً؛ متى شاء؛ وكيف شاء؛ فكل ما يحدث في الكون
فهو كائن بكلمة { كن }؛ لقوله تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له
كن فيكون} [يس: 82] ؛ وكل الكون مراد له قدراً؛ وأما قوله الشرعي: فهو
وحيه الذي أوحاه إلى رسله، وأنبيائه..

.2
ومن فوائد الآية: أن الملائكة ذوو عقول؛ ووجهه أن الله تعالى وجه إليهم
الخطاب، وأجابوا؛ ولا يمكن أن يوجه الخطاب إلا إلى من يعقله؛ ولا يمكن أن
يجيبه إلا من يعقل الكلامَ، والجوابَ عليه؛ وإنما نبَّهْنا على ذلك؛ لأن
بعض أهل الزيغ قالوا: إن الملائكة ليسوا عقلاء..

.3
ومنها: إثبات الأفعال لله عزّ وجلّ أي أنه تعالى يفعل ما شاء متى شاء كيف
شاء؛ ومن أهل البدع من ينكر ذلك زعماً منه أن الأفعال حوادث؛ والحوادث لا
تقوم إلا بحادث فلا يجيء، ولا يستوي على العرش، ولا ينْزل، ولا يتكلم، ولا
يضحك، ولا يفرح، ولا يعجب؛ وهذه دعوى فاسدة من وجوه:.


الأول: أنها في مقابلة نص؛ وما كان في مقابلة نص فهو مردود على صاحبه..
الثاني: أنها دعوى غير مسلَّمة؛ فإن الحوادث قد تقوم بالأول الذي ليس قبله شيء..
الثالث:
أن كونه تعالى فعالاً لما يريد من كماله، وتمام صفاته؛ لأن من لا يفعل إما
أن يكون غير عالم، ولا مريد؛ وإما أن يكون عاجزاً؛ وكلاهما وصفان ممتنعان
عن الله سبحانه وتعالى..

فتَعَجَّبْ
كيف أُتي هؤلاء من حيث ظنوا أنه تنزيه لله عن النقص؛ وهو في الحقيقة غاية
النقص!!! فاحمد ربك على العافية، واسأله أن يعافي هؤلاء مما ابتلاهم به من
سفه في العقول، وتحريف للمنقول..

.4
ومن فوائد الآية: أن بني آدم يخلف بعضهم بعضاً . على أحد الأقوال في معنى
{ خليفة }؛ وهذا هو الواقع؛ فتجد من له مائة مع من له سنة واحدة، وما
بينهما؛ وهذا من حكمة الله عزّ وجلّ؛ لأن الناس لو من وُلِد بقي لضاقت
الأرض بما رحبت، ولما استقامت الأحوال، ولا حصلت الرحمة للصغار، ولا
الولاية عليهم إلى غير ذلك من المصالح العظيمة..

.5 ومنها: قيام الملائكة بعبادة الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: ( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك )
.6 ومنها: كراهة الملائكة للإفساد في الأرض؛ لقولهم: ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء )

.7
ومنها: أن وصف الإنسان نفسه بما فيه من الخير لا بأس به إذا كان المقصود
مجرد الخبر دون الفخر؛ لقولهم: { ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك }؛ ويؤيد ذلك
قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر"(80) ؛ وأما إذا
كان المقصود الفخر، وتزكية النفس بهذا فلا يجوز؛ لقوله تعالى: { فلا تزكوا
أنفسكم هو أعلم بمن اتقى } [النجم: 32] ..

.8 ومنها: شدة تعظيم الملائكة لله عزّ وجلّ، حيث قالوا: (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك)

[/center]






[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:41 pm





[center]


[center]القـرآن


)وَعَلَّمَ
آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ
فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)
(البقرة:31)

)قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (البقرة:32)
التفسير:
.{ 31 } قوله
تعالى: { وعلم آدم }: الفاعل هو الله عزّ وجلّ؛ و{ آدم } هو أبو البشر؛ و{
الأسماء } جمع "اسم"؛ و "أل" فيها للعموم بدليل قوله تعالى: { كلها }؛ وهل
هذه الأسماء أسماء لمسميات حاضرة؛ أو لكل الأسماء؟ للعلماء في ذلك قولان؛
والأظهر أنها أسماء لمسميات حاضرة بدليل قوله تعالى: { ثم عرضهم على
الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء }؛ وهذه الأسماء . والله أعلم . ما
يحتاج إليها آدم، وبنوه في ذلك الوقت..

قوله
تعالى: { ثم عرضهم } أي عرض المسميات؛ بدليل قوله تعالى: { أنبئوني بأسماء
هؤلاء }، ولأن الميم علامة جمع العاقل؛ فلم تعلم الملائكة أسماء تلك
المسميات؛ بل كان جوابهم: { سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا }، ثم قال
تعالى: { يا آدم أنبئهم بأسمائهم }: وأراد عزّ وجلّ بذلك أن يعرف الملائكة
أنهم ليسوا محيطين بكل شيء علماً، وأنهم يفوتهم أشياء يفضلهم آدم فيها..

قوله تعالى: { أنبئوني }: هل هو فعل أمر يراد به قيام المأمور بما وُجّه إليه، أو هو تحَدٍّ؟
الجواب:
الظاهر الثاني: أنه تحدٍّ؛ بدليل قوله تعالى: { إن كنتم صادقين } أن لديكم
علماً بالأشياء فأنبئوني بأسماء هؤلاء؛ لأن الملائكة قالت فيما سبق:
{أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} [البقرة:
30] ، فقال تعالى: { إني أعلم ما لا تعلمون }، ثم امتحنهم الله بهذا..

.{ 32 } قوله تعالى: { سبحانك } أي تنزيهاً لك عما لا يليق بجلالك؛ فأنت يا ربنا لم تفعل هذا إلا لحكمة بالغة..
قوله
تعالى: { لا علم لنا إلا ما علمتنا }: اعتراف من الملائكة أنهم ليسوا
يعلمون إلا ما علمهم الله، هذا مع أنهم ملائكة مقرَّبون إلى الله عزّ
وجلّ..

قوله
تعالى: { إنك أنت العليم الحكيم }: هذه الجملة مؤكدة بـ "إن" ، وضمير
الفصل: { أنت }؛ والمعنى: إنك ذو العلم الواسع الشامل المحيط بالماضي
والحاضر، والمستقبل؛ و{ الحكيم } يعني ذا الحكمة، والحكم؛ لأن الحكيم مشتقة
من الحكم، والحكمة؛ فهذان اسمان من أسماء الله عزّ وجلّ: { العليم }،
و(الحكيم)


الفوائد:
.1
من فوائد الآيتين: بيان أن الله تعالى قد يمنّ على بعض عباده بعلم لا
يعلمه الآخرون؛ وجهه: أن الله علم آدم أسماء مسميات كانت حاضرة، والملائكة
تجهل ذلك..

.2
ومنها: أن اللغات توقيفية . وليست تجريبية؛ "توقيفية" بمعنى أن الله هو
الذي علم الناس إياها؛ ولولا تعليم الله الناسَ إياها ما فهموها؛ وقيل:
إنها "تجريبية" بمعنى أن الناس كوَّنوا هذه الحروف والأصوات من التجارب،
فصار الإنسان أولاً أبكم لا يدري ماذا يتكلم، لكن يسمع صوت الرعد، يسمع
حفيف الأشجار، يسمع صوت الماء وهو يسيح على الأرض، وما أشبه ذلك؛ فاتخذ مما
يسمع أصواتاً تدل على مراده؛ ولكن هذا غير صحيح؛ والصواب أن اللغات مبدؤها
توقيفي؛ وكثير منها كسبي تجريبي يعرفه الناس من مجريات الأحداث؛ ولذلك تجد
أن أشياء تحدث ليس لها أسماء من قبل، ثم يحدث الناس لها أسماء؛ إما من
التجارب، أو غير ذلك من الأشياء..

.3 ومن فوائد الآيتين: جواز امتحان الإنسان بما يدعي أنه مُجيد فيه..
.4 ومنها: جواز التحدي بالعبارات التي يكون فيها شيء من الشدة؛ لقوله تعالى: { أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين..
.5
ومنها: أن الملائكة تتكلم؛ لقوله تعالى: ( أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم
صادقين * قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم )..

.6 ومنها: اعتراف الملائكة . عليهم الصلاة والسلام . بأنهم لا علم لهم إلا ما علمهم الله عزّ وجلّ..
ويتفرع على ذلك أنه ينبغي للإنسان أن يعرف قدر نفسه، فلا يدَّعي علم ما لم يعلم..
.7
ومنها: شدة تعظيم الملائكة لله عزّ وجلّ، حيث اعترفوا بكماله، وتنزيهه عن
الجهل بقولهم: {سبحانك}؛ واعترفوا لأنفسهم بأنهم لا علم عندهم؛ واعترفوا
لله بالفضل في قولهم: { إلا ما علمتنا }..

.8
ومنها: إثبات اسمين من أسماء الله؛ وهما { العليم }، و{ الحكيم }؛ فـ {
العليم }: ذو العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً لما كان، وما يكون
من أفعاله، وأفعال خلقه..

و{
الحكيم }: ذو الحكمة البالغة التي تعجز عن إدراكها عقول العقلاء وإن كانت
قد تدرك شيئاً منها؛ و "الحكمة" هي وضع الشيء في موضعه اللائق به؛ وتكون في
شرع الله، وفي قدر الله؛ أما الحكمة في شرعه فإن جميع الشرائع مطابقة
للحكمة في زمانها، ومكانها، وأحوال أممها؛ فما أمر الله بشيء، فقال العقل
الصريح: "ليته لم يأمر به"؛ وما نهى عن شيء، فقال: "ليته لم ينهَ عنه"؛
وأما الحكمة في قدره فما من شيء يقدره الله إلا وهو مشتمل على الحكمة إما
عامة؛ وإما خاصة..

واعلم
أن الحكمة تكون في نفس الشيء: فوقوعه على الوجه الذي حكم الله تعالى به في
غاية الحكمة؛ وتكون في الغاية المقصودة منه: فأحكام الله الكونية،
والشرعية كلها لغايات محمودة قد تكون معلومة لنا، وقد تكون مجهولة؛
والأمثلة على هذا كثيرة واضحة..

ولـ
{ الحكيم } معنًى آخر؛ وهو ذو الحكم، والسلطان التام؛ فلا معقب لحكمه؛
وحكمه تعالى نوعان: شرعي، وقدري؛ فأما الشرعي فوحيه الذي جاءت به رسله؛
ومنه قوله تعالى: { أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم
يوقنون } [المائدة: 50] ، وقوله تعالى في سورة الممتحنة: { ذلكم حكم الله
يحكم بينكم والله عليم حكيم } [الممتحنة: 10] ؛ وأما حكمه القدري فهو ما
قضى به قدراً على عباده من شدة، ورخاء، وحزن، وسرور، وغير ذلك؛ ومنه قوله
تعالى عن أحد إخوة يوسف: { فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي
وهو خير الحاكمين } (يوسف: 80)

والفرق
بين الحكم الشرعي، والكوني: أن الشرعي لا يلزم وقوعه ممن حُكِم عليه به؛
ولهذا يكون العصاة من بني آدم، وغيرهم المخالفون لحكم الله الشرعي؛ وأما
الحكم القدري فلا معارض له، ولا يخرج أحد عنه؛ بل هو نافذ في عباده على كل
حال..





القـرآن
)قَالَ
يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ
بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ
تَكْتُمُونَ) (البقرة:33)
التفسير:
.{ 33 } قوله
تعالى: { قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم }؛ القائل هو الله عزّ وجلّ؛ و{ آدم }
هو أبو البشر؛ والظاهر أن هذا اسم له، وليس وصفاً؛ وهو مشتق لغة من
الأُدْمة؛ وهي لون بين البياض الخالص والسواد

قوله
تعالى: { فلما أنبأهم بأسمائهم } أي أنبأ الملائكة؛ { قال } أي قال الله؛ {
ألم أقل لكم }: الاستفهام هنا للتقرير؛ والمعنى: قلت لكم، كقوله تعالى:
{ألم نشرح لك صدرك} [الشرح: 1] : والمعنى: قد شرحنا لك صدرك؛ { إني أعلم
غيب السموات والأرض } أي ما غاب فيهما . وهو نوعان: نسبي؛ وعام؛ فأما
النسبي فهو ما غاب عن بعض الخلق دون بعض؛ وأما العام فهو ما غاب عن الخلق
عموماً..

قوله تعالى: { وأعلم ما تبدون } أي ما تظهرون؛ { وما كنتم تكتمون } أي تخفون..

الفوائد:
.1
من فوائد الآية: إثبات القول لله عزّ وجلّ لقوله تعالى: { يا آدم }؛ وأنه
بحرف، وصوت مسموع؛ لأن آدم سمعه، وفهمه، فأنبأ الملائكة به؛ وهذا الذي
عليه أهل السنة والجماعة، والسلف الصالح . أن الله يتكلم بكلام مسموع مترتب
بعضه سابق لبعض..

.2
ومنها: أن آدم . عليه الصلاة والسلام . امتثل، وأطاع، ولم يتوقف؛ لقوله
تعالى: { فلما أنبأهم }؛ ولهذا طوى ذكر قوله: "فأنبأهم" إشارة إلى أنه
بادر، وأنبأ الملائكة..

.3
ومنها: جواز تقرير المخاطب بما لا يمكنه دفعه؛ والتقرير لا يكون إلا هكذا .
أي بأمر لا يمكن دفعه؛ وذلك لقوله تعالى: { ألم أقل لكم إني أعلم غيب
السموات والأرض }..

.4 ومنها: بيان عموم علم الله عزّ وجلّ، وأنه يتعلق بالمشاهد، والغائب؛ لقوله تعالى:
( أعلم غيب السموات والأرض )..
.5
ومنها: أن السموات ذات عدد؛ لقوله تعالى: { السموات }؛ و "الأرض" جاءت
مفردة، والمراد بها الجنس؛ لأن الله تعالى قال: {الله الذي خلق سبع سموات
ومن الأرض مثلهن} [الطلاق: 12] أي في العدد..

.6 ومنها: أن الملائكة لها إرادات تُبدى، وتكتم؛ لقوله تعالى: { وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون }..
.7 ومنها: أن الله تعالى عالم بما في القلوب سواء أُبدي أم أُخفي؛ لقوله تعالى: ( ما تبدون وما كنتم تكتمون)
فإن قال قائل: ما الدليل على أن الملائكة لها قلوب؟..
فالجواب: قوله تعالى: {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} [سبأ: 23
[/center]




يتبع[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:41 pm







[center]القـرآن


)وَإِذْ
قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ
أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (البقرة:34)

التفسير:
.{ 34 } قوله
تعالى: { وإذ قلنا } يعني اذكر إذ قلنا؛ ومثل هذا التعبير يتكرر كثيراً في
القرآن، والعلماء يقدرون لفظ: "اذكر"، وهم بحاجة إلى هذا التقدير؛ لأن
"إذ" ظرفية؛ والظرف لا بد له من شيء يتعلق به إما مذكوراً؛ وإما محذوفاً؛
وفي نظم الجُمل:.

لا
بد للجار من التعلق بفعل أو معناه نحو مرتقي ومثله الظرف؛ وجاء الضمير في {
قلنا } بضمير الجمع من باب التعظيم . لا التعدد . كما هو معلوم..

قوله تعالى: { للملائكة }: سبق الكلام على ذكر الملائكة، ومن أين اشتق هذا اللفظ..

قوله
تعالى: { اسجدوا لآدم }: "السجود" هو السجود على الأرض بأن يضع الساجد
جبهته على الأرض خضوعاً، وخشوعاً؛ وليس المراد به هنا الركوع؛ لأن الله
تعالى فرَّق بين الركوع والسجود، كما في قوله تعالى: {تراهم ركعاً سجداً}
[الفتح: 29] ، وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا} [الحج:
77] ..

قوله
تعالى: { فسجدوا } أي من غير تأخير؛ فالفاء هنا للترتيب، والتعقيب؛ { إلا
إبليس } هو الشيطان؛ وسمي إبليساً لأنه أَبلَسَ من رحمة الله . أي أَيِسَ
منها يأساً لا رجاء بعده . { أبى } أي امتنع؛ { واستكبر } أي صار ذا كبر؛ {
وكان من الكافرين }: زعم بعض العلماء أن المراد: كان من الكافرين في علم
الله بناءً على أن

{
كان } فعل ماضٍ؛ والمضي يدل على شيء سابق؛ لكن هناك تخريجاً أحسن من هذا:
أن نقول: إن "كان" تأتي أحياناً مسلوبة الزمان، ويراد بها تحقق اتصاف
الموصوف بهذه الصفة؛ ومن ذلك قوله تعالى: {وكان الله غفوراً رحيماً}
[النساء: 96] ، وقوله تعالى: {وكان الله عزيزاً حكيماً} [النساء: 158] ،
وقوله تعالى: {وكان الله سميعاً بصيراً} [النساء: 134] ، وما أشبهها؛ هذه
ليس المعنى أنه كان فيما مضى؛ بل لا يزال؛ فتكون { كان } هنا مسلوبة
الزمان، ويراد بها تحقيق اتصاف الموصوف بما دلت عليه الجملة؛ وهذا هو
الأقرب، وليس فيه تأويل؛ ويُجرى الكلام على ظاهره..


الفوائد:
.1 من فوائد الآية: بيان فضل آدم على الملائكة؛ وجهه أن الله أمر الملائكة أن يسجدوا له تعظيماً له..
.2
ومنها: أن السجود لغير الله إذا كان بأمر الله فهو عبادة؛ لأن لله تعالى
أن يحكم بما شاء؛ ولذلك لما امتنع إبليس عن هذا كان من الكافرين؛ وقد استدل
بعض العلماء بهذه الآية على كفر تارك الصلاة؛ قال: لأنه إذا كان إبليس كفر
بترك سجدة واحدة أُمر بها، فكيف عن ترك الصلاة كاملة؟! وهذا الاستدلال إن
استقام فهو هو؛ وإن لم يستقم فقد دلت نصوص أخرى من الكتاب، والسنة، وأقوال
الصحابة على كفر تارك الصلاة كفراً أكبر مخرجاً عن الملة..

ويدل
على أن المحرَّم إذا أمر الله تعالى به كان عبادة قصة إبراهيم عليه
السلام، حين أمره الله أن يذبح ابنه إسماعيل فامتثل أمر الله؛ ولكن الله
رحمه، ورحم ابنه برفع ذلك عنهما، حيث قال تعالى: {فلما أسلما وتلَّه للجبين
* وناديناه أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين}
[الصافات: 103 . 105] ؛ ومن المعلوم أن قتل الابن من كبائر الذنوب، لكن لما
أمر الله عزّ وجلّ به كان امتثاله عبادة..

.3
ومن فوائد الآية: أن إبليس . والعياذ بالله . جمع صفات الذم كلها: الإباء
عن الأمر؛ والاستكبار عن الحق، وعلى الخلق؛ والكفر؛ إبليس استكبر عن الحق؛
لأنه لم يمتثل أمر الله؛ واستكبر على الخلق؛ لأنه قال: {أنا خير منه}
[الأعراف: 12] ؛ فاستكبر في نفسه، وحقر غيره؛ و"الكبر" بطر الحق، وغمط
الناس..

تنبــــــــيه:
إن
قال قائل: في الآية إشكال . وهو أن الله تعالى لما ذكر أمر الملائكة
بالسجود، وذكر أنهم سجدوا إلا إبليس؛ كان ظاهرها أن إبليس منهم؛ والأمر ليس
كذلك؟..

والجواب:
أن إبليس كان مشاركاً لهم في أعمالهم ظاهراً، فكان توجيه الأمر شاملاً له
بحسب الظاهر؛ وقد يقال: إن الاستثناء منقطع؛ والاستثناء المنقطع لا يكون
فيه المستثنى من جنس المستثنى منه..



القـرآن


)وَقُلْنَا
يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً
حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ
الظَّالِمِينَ)
(البقرة:35)
التفسير:
.{ 35 } قوله
تعالى: { قلنا } فاعل القول هو الله عزّ وجلّ؛ { اسكن أنت وزوجك }: "زوج"
معطوف على الفاعل في { اسكن }؛ لأن { أنت } توكيد للفاعل؛ وليست هي الفاعل؛
لأن { اسكن } فعل أمر؛ وفعل الأمر لا يمكن أن يظهر فيه الفاعل؛ لأنه مستتر
وجوباً؛ وعلى هذا فـ { أنت } الضمير المنفصل توكيد للضمير المستتر؛ و{
زوجك } هي حواء، كما ثبت ذلك في صحيح البخاري، وغيره..

قوله
تعالى:{ الجنة } هي البستان الكثير الأشجار، وسمي بذلك لأنه مستتر
بأشجاره؛ وهل المراد بـ { الجنة جنة الخلد؛ أم هي جنة سوى جنة الخلد؟..

الجواب: ظاهر الكتاب، والسنة أنها جنة الخلد، وليست سواها؛ لأن "أل" هنا للعهد الذهني..
فإن قيل: كيف يكون القول الصحيح أنها جنة الخلد مع أن من دخلها لا يخرج منها . وهذه أُخرج منها آدم؟
فالجواب: أن من دخل جنة الخلد لا يخرج منها: بعد البعث؛ وفي هذا يقول ابن القيم في الميمية المشهورة.
(فحيَّ على جنات عدن فإنها منازلك الأولى وفيها المخيم) قال: "منازلك الأولى"؛ لأن أبانا آدم نزلها..
قوله
تعالى: { وكُلا }: أمر بمعنى الإباحة، والإكرام؛ { منها } أي من هذه
الجنة؛ { رغداً } أي أكلاً هنياً ليس فيه تنغيص؛ { حيث شئتما } أي في أيّ
مكان من هذه الجنة، ونقول أيضاً: وفي أيّ زمان؛ لأن قوله تعالى: { كُلا }
فعل مطلق لم يقيد بزمن..

قوله
تعالى: { ولا تقربا هذه الشجرة } أشار الله تعالى إلى الشجرة بعينها، و
"أل" فيها للعهد الحضوري؛ لأن كل ما جاء بـ "أل" بعد اسم الإشارة فهو للعهد
الحضوري؛ إذ إن اسم الإشارة يعني الإشارة إلى شيء قريب؛ وهذه الشجرة غير
معلومة النوع، فتبقى على إبهامها..

قوله
تعالى: { فتكونا }: وقعت جواباً للطلب . وهو قوله تعالى: { لا تقربا }؛
فالفاء هنا للسببية؛ والفعل بعدها منصوب بـ "أن" مضمرة بعد فاء السببية؛
وقيل: إن الفعل منصوب بنفس الفاء؛ القول الأول للبصريين، والثاني للكوفيين؛
والثاني هو المختار عندنا بناءً على القاعدة أنه متى اختلف علماء النحو في
إعراب كلمة أو جملة فإننا: نأخذ بالأسهل ما دام المعنى يحتمله..

قوله تعالى: { من الظالمين } أي من المعتدين لمخالفة الأمر..


الفوائد:
.1من فوائد الآية: إثبات القول لله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: ( وقلنا يا آدم )..
.2
ومنها: أن قول الله يكون بصوت مسموع، وحروف مرتبة؛ لقوله تعالى: { يا آدم
اسكن... } إلخ؛ ولولا أن آدم يسمعه لم يكن في ذلك فائدة؛ وأيضاً هو مرتب؛
لقوله تعالى: { يا آدم اسكن أنت وزوجك }: وهذه حروف مرتبة، كما هو ظاهر؛
وإنما قلنا ذلك لأن بعض أهل البدع يقول: إن كلام الله تعالى هو المعنى
القائم بنفسه، وليس بصوت، ولا حروف مرتبة؛ ولهم في ذلك آراء مبتدعة أوصلها
بعضهم إلى ثمانية أقوال

.3 ومن فوائد الآية: منّة الله عزّ وجلّ على آدم، وحواء حيث أسكنهما الجنة..
.4
ومنها: أن النكاح سنة قديمة منذ خلق الله آدم، وبقيت في بنيه من الرسل،
والأنبياء، ومن دونهم، كما قوله تعالى: {ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا
لهم أزواجاً وذرية} (الرعد: 38)

فإن قال قائل: زوجته بنت من؟..
فالجواب: أنها خلقت من ضلعه..
فإن قال: إذاً تكون بنتاً له، فكيف يتزوج ابنته؟..
فالجواب:
أن لله تعالى أن يحكم بما شاء؛ فكما أباح أن يتزوج الأخ أخته من بني آدم
الأولين؛ فكذلك أباح أن يتزوج آدم من خلقها الله من ضلعه..

.5
ومن فوائد الآية: أن الأمر يأتي للإباحة؛ لقوله تعالى: { وكُلا منها }؛
فإن هذه للإباحة بدليل قوله تعالى: { حيث شئتما }: خيَّرهما أن يأكلا من
أيّ مكان؛ ولا شك أن الأمر يأتي للإباحة؛ ولكن الأصل فيه أنه للطلب حتى
يقوم دليل أنه للإباحة..

.6
ومنها: أن ظاهر النص أن ثمار الجنة ليس له وقت محدود؛ بل هو موجود في كل
وقت؛ لقوله تعالى: { حيث شئتما }؛ فالتعميم في المكان يقتضي التعميم في
الزمان؛ وقد قال الله تعالى في فاكهة الجنة: {وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا
ممنوعة} (الواقعة: 32، 33)

.7
ومنها: أن الله تعالى قد يمتحن العبد، فينهاه عن شيء قد تتعلق به نفسه؛
لقوله تعالى: { ولا تقربا هذه الشجرة }؛ ووجه ذلك أنه لولا أن النفس تتعلق
بها ما احتيج إلى النهي عن قربانها..

.8
ومنها: أنه قد يُنهى عن قربان الشيء والمراد النهي عن فعله؛ للمبالغة في
التحذير منه؛ فإن قوله تعالى: { ولا تقربا هذه الشجرة }: المراد: لا تأكلا
منها، لكن لما كان القرب منها قد يؤدي إلى الأكل نُهي عن قربها..

.9 ومنها: إثبات الأسباب؛ لقوله تعالى: { ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين..
.10 ومنها: أن معصية الله تعالى ظلم للنفس، وعدوان عليها؛ لقوله تعالى: ( ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين..)




القـرآن


)فَأَزَلَّهُمَا
الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا
اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ
وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ
) (البقرة:36)
التفسير:
.{ 36 } قوله
تعالى: { فازلهما الشيطان }؛ وفي قراءة: { فأزالهما }؛ والفرق بينهما أن {
أزلهما } بمعنى أوقعهما في الزلل؛ و{ أزالهما } بمعنى نحَّاهما؛ فعلى
القراءة الأولى يكون الشيطان أوقعهما في الزلل، فزالا عنها، وأُخرجا منها؛
وعلى الثانية يكون الشيطان سبباً في تنحيتهما؛ و{ الشيطان } الظاهر أنه
الشيطان الذي أبى أن يسجد لآدم: وسوس لهما ليقوما بمعصية الله كما فعل هو
حين أبى أن يسجد لآدم..

قوله تعالى: { عنها } أي عن الجنة؛ ولهذا قال تعالى: { فأخرجهما مما كانا فيه } من النعيم؛ لأنهما كانا في أحسن ما يكون من الأماكن..
قوله
تعالى: { وقلنا } أي قال الله لهما؛ { اهبطوا }: الضمير للجمع، والمراد
آدم، وحواء، وإبليس؛ ولهذا قال تعالى: { بعضكم لبعض عدو }: الشيطان عدو
لآدم، وحواء..

قوله
تعالى: { ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين } يعني أنكم سوف تستقرون في
الأرض، وسوف تتمتعون بها بما أعطاكم الله من النعم، ولكن لا على وجه
الدوام؛ بل إلى حين . وهو قيام الساعة..



الفوائد:
.1من فوائد الآية: الحذر من وقوع الزلل الذي يمليه الشيطان؛ لقوله تعالى: ( فأزلهما الشيطان عنها ).
.2
ومنها: أن الشيطان يغرّ بني آدم كما غرّ أباهم حين وسوس لآدم، وحواء،
وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين، وقال: يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك
لا يبلى؛ فالشيطان قد يأتي الإنسان، فيوسوس له، فيصغر المعصية في عينه؛ ثم
إن كانت كبيرة لم يتمكن من تصغيرها؛ منّاه أن يتوب منها، فيسهل عليه
الإقدام؛ ولذلك احذر عدوك أن يغرك..

.3ومنها:
إضافة الفعل إلى المتسبب له؛ لقوله تعالى: { فأزلهما الشيطان عنها
فأخرجهما مما كانا فيه }؛ وقد ذكر الفقهاء . رحمهم الله . أن المتسبب
كالمباشر في الضمان، لكن إذا اجتمع متسبب ومباشر تمكن إحالة الضمان عليه
فالضمان على المباشر؛ وإن لم تمكن فالضمان على المتسبب؛ مثال الأول؛ أن
يحفر بئراً، فيأتي شخص، فيدفع فيها إنساناً، فيهلك: فالضمان على الدافع؛
ومثال الثاني: أن يلقي شخصاً بين يدي أسد، فيأكله: فالضمان على الملقي . لا
على الأسد..

.4
ومن فوائد الآية: أن الشيطان عدو للإنسان؛ لقوله تعالى: { بعضكم لبعض عدو
}؛ وقد صرح الله تعالى بذلك في قوله تعالى: { إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه
عدواً } (فاطر: 6)

.5
ومنها: أن قول الله تعالى يكون شرعياً، ويكون قدرياً؛ فقوله تعالى: { يا
آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها }: هذا شرعي؛ وقوله تعالى: { وقلنا
اهبطوا بعضكم لبعض عدو }: الظاهر أنه كوني؛ لأنه سبحانه وتعالى يعلم أنه لو
عاد الأمر إليهما لما هبطا؛ ويحتمل أن يكون قولاً شرعياً؛ لكن الأقرب عندي
أنه قول كوني . والله أعلم..

.6 ومنها: أن الجنة في مكان عالٍ؛ لقوله تعالى: { اهبطوا }؛ والهبوط يكون من أعلى إلى أسفل..
.7
ومنها: أنه لا يمكن العيش إلا في الأرض لبني آدم؛ لقوله تعالى: { ولكم في
الأرض مستقر ومتاع إلى حين }؛ ويؤيد هذا قوله تعالى: {فيها تحيون وفيها
تموتون ومنها تخرجون} [الأعراف: 25] ؛ وبناءً على ذلك نعلم أن محاولة
الكفار أن يعيشوا في غير الأرض إما في بعض الكواكب، أو في بعض المراكب
محاولة يائسة؛ لأنه لابد أن يكون مستقرهم الأرض..

.8 ومنها: أنه لا دوام لبني آدم في الدنيا؛ لقوله تعالى: { ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين }..


يتبع ..
[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:42 pm




[center]
[center]القرآن


)فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة:37)
التفسير:
.{ 37 } قوله
تعالى: { فتلقى آدم من ربه } يعني أخذ، وقَبِل، ورضي من الله كلمات حينما
ألقى الله إليه هذه الكلمات؛ وهذه الكلمات هي قوله تعالى: {ربنا ظلمنا
أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} [الأعراف: 23] ؛
فالكلمات اعتراف آدم وحواء بأنهما أذنبا، وظلما أنفسهما، وتضرعهما إلى الله
سبحانه وتعالى بأنه إن لم يغفر لهما ويرحمهما لكانا من الخاسرين؛ و{ من
ربه } فيه إضافة الربوبية إلى آدم؛ وهي الربوبية الخاصة..

قوله
تعالى: { فتاب عليه }: الفاعل هو الله . يعني فتاب ربه عليه؛ و"التوبة" هي
رفع المؤاخذة، والعفو عن المذنب إذا رجع إلى ربه عزّ وجلّ..

قوله
تعالى: { إنه هو التواب الرحيم }: هذه الجملة تعليل لقوله تعالى: { فتاب
عليه }؛ لأن التوبة مقتضى هذين الاسمين العظيمين: { التواب الرحيم }؛ و{ هو
} ضمير فصل يفيد هنا الحصر، والتوكيد؛ و{ التواب } صيغة مبالغة من "تاب"؛
وذلك لكثرة التائبين، وكثرة توبة الله؛ ولذلك سمى الله نفسه "التواب" ؛ و{
الرحيم } أي ذو الرحمة الواسعة الواصلة إلى من شاء من عباده..



الفوائد:
.1
من فوائد الآية: منة الله سبحانه وتعالى على أبينا آدم حين وفقه لهذه
الكلمات التي كانت بها التوبة؛ لقوله تعالى: { فتلقى آدم من ربه كلمات }..

.2 ومنها: أن منة الله على أبينا هي منة علينا في الحقيقة؛ لأن كل إنسان يشعر بأن الله إذا منَّ على أحد أجداده كان مانّاً عليه..
.3
ومنها: أن قول الإنسان: "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا
لنكونن من الخاسرين" سبب لقبول توبة الله على عبده؛ لأنها اعتراف بالذنب؛
وفي قول الإنسان: "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من
الخاسرين" أربعة أنواع من التوسل؛ الأول: التوسل بالربوبية؛ الثاني: التوسل
بحال العبد: {ظلمنا أنفسنا} ؛ الثالث: تفويض الأمر إلى الله؛ لقوله: {وإن
لم تغفر لنا...} إلخ؛ الرابع: ذكر حال العبد إذا لم تحصل له مغفرة الله
ورحمته؛ لقوله تعالى: {لنكونن من الخاسرين} ، وهي تشبه التوسل بحال العبد؛
بل هي توسل بحال العبد؛ وعليه فيكون توسل العبد بحاله توسلاً بحاله قبل
الدعاء، وبحاله بعد الدعاء إذا لم يحصل مقصوده..

.4
ومن فوائد الآية: أن الله تعالى يتكلم بصوت مسموع؛ وجه ذلك أن آدم تلقى
منه كلمات؛ وتلقي الكلمات لا يكون إلا بسماع الصوت؛ وهذا الذي عليه أهل
السنة والجماعة أن الله يتكلم بكلام بصوت مسموع، وحروف مرتبة..

.5
ومنها: منة الله عزّ وجلّ على آدم بقبول التوبة؛ فيكون في ذلك منَّتان؛
الأولى: التوفيق للتوبة، حيث تلقَّى الكلمات من الله؛ و الثانية: قبول
التوبة، حيث قال تعالى: { فتاب عليه }..

واعلم
أن لله تعالى على عبده منتين؛ التوبة الأولى قبل توبة العبد؛ وهي التوفيق
للتوبة؛ والتوبة الثانية بعد توبة العبد؛ وهي قبول التوبة؛ وكلاهما في
القرآن؛ قال الله . تبارك وتعالى: {وعلى الثلاثة الذين خُلِّفوا حتى إذا
ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله
إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا} [التوبة: 118] : فقوله تعالى: {ثم تاب
عليهم} أي وفقهم للتوبة، وقوله تعالى: {ليتوبوا} أي يقوموا بالتوبة إلى
الله؛ وأما توبة القبول ففي قوله تعالى: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده
ويعفو عن السيئات} (الشورى: 25)

.6
ومن فوائد الآية: أن الإنسان إذا صدق في تفويض الأمر إلى الله، ورجوعه
إلى طاعة الله فإن الله تعالى يتوب عليه؛ وهذا له شواهد كثيرة أن الله أكرم
من عبده؛ من تقرب إليه ذراعاً تقرب الله إليه باعاً، ومن أتاه يمشي أتاه
الله هرولة؛ فكرم الله عزّ وجلّ أعلى، وأبلغ من كرم الإنسان..

.7 ومنها: إثبات هذين الاسمين الكريمين: { التواب }، و{ الرحيم }؛ وما تضمناه من صفة، وفعل..
.8
ومنها: اختصاص الله بالتوبة، والرحمة؛ بدليل ضمير الفصل؛ ولكن المراد
اختصاصه بالتوبة التي لا يقدر عليها غيره؛ لأن الإنسان قد يتوب على ابنه،
وأخيه، وصاحبه، وما أشبه ذلك؛ لكن التوبة التي لا يقدر عليها إلا الله .
وهي المذكورة في قوله تعالى: {ومن يغفر الذنوب إلا الله} [آل عمران: 135] .
هذه خاصة بالله..

كذلك
الرحمة المراد بها الرحمة التي لا تكون إلا لله؛ أما رحمة الخلق بعضهم
لبعض فهذا ثابت . لا يختص بالله عزّ وجلّ؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه
وسلم: "الراحمون يرحمهم الرحمن"(81) ..





القـرآن
(قُلْنَا
اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ
تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)
(البقرة:38)
التفسير:
.{ 38 } قوله
تعالى: { قلنا اهبطوا منها جميعاً }: الواو ضمير جمع، وعبر به عن اثنين
لأن آدم، وحواء هما أبَوَا بني آدم؛ فوجه الخطاب إليهما بصيغة الجمع
باعتبارهما مع الذرية؛ هذا هو الظاهر؛ وأما حمله على أن أقل الجمع اثنين،
وأن ضمير الجمع هنا بمعنى ضمير التثنية فبعيد؛ لأن كون أقل الجمع اثنين شاذ
في اللغة العربية؛ وأما قوله تعالى: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما}
[التحريم: 4] فإن الأفصح في المتعدد إذا أضيف إلى متعدد أن يكون بلفظ الجمع
. وإن كان المراد به اثنين؛ و{ جميعاً } منصوبة على الحال من الواو في
قوله تعالى: ( اهبطوا )

قوله تعالى: { فإما } أصلها: "فإنْ ما" : أدغمت النون في "ما" ؛ و "إن" شرطية، و "ما" زائدة للتوكيد؛ و
{ يأتينكم } فعل مضارع مؤكد بنون التوكيد؛ ولذلك لم يكن مجزوماً؛ بل كان مبنياً على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد لفظاً، وتقديراً..
قوله تعالى: { مني هدًى } أي علماً: وذلك بالوحي الذي يوحيه الله تعالى إلى أنبيائه، ورسله..
قوله
تعالى: { فمن تبع }: الفاء هنا رابطة لجواب الشرط؛ لأن الجملة بعد الفاء
هي جواب الشرط؛ والجملة هنا اسمية؛ و "مَنْ" شرطية؛ و "تبع" فعل الشرط؛
والفاء في قوله تعالى: { فلا خوف } رابطة للجواب أيضاً، و "لا" نافية، و
"خوف" مبتدأ؛ وجملة: { فمن تبع هداي فلا خوف} جواب "إنْ" في قوله تعالى:
{فإما يأتينكم }؛ وجملة: { فلا خوف } جواب { فمن تبع }..

وقوله
تعالى: { فمن تبع هداي } أي أخذ به تصديقاً بأخباره، وامتثالاً لأحكامه؛
وأضافه الله لنفسه لأنه الذي شرعه لعباده، ولأنه موصل إليه..

قوله
تعالى: { فلا خوف عليهم } أي فيما يستقبل؛ لأنهم آمنون؛ { ولا هم يحزنون }
أي على ما مضى؛ لأنهم قد اغتنموه، وقاموا فيه بالعمل الصالح؛ بل هم
مطمئنون غاية الطمأنينة..


الفوائد:
.1 من فوائد الآية أن الجنة التي أُسكنها آدم أولاً كانت عالية؛ لقوله تعالى: { اهبطوا }؛ والهبوط لا يكون إلا من أعلى..
.2 ومنها: إثبات كلام الله؛ لقوله تعالى: ( قلنا )..
.3 منها: أنه بصوت مسموع، وحروف مرتبة؛ لقوله تعالى: { اهبطوا منها جميعاً }؛ فلولا أنهم سمعوا ذلك ما صح توجيه الأمر إليهم..
.4
ومنها: أن التوكيد في الأسلوب العربي فصيح، ومن البلاغة؛ لقوله تعالى: {
جميعاً }؛ وهو توكيد معنوي: لأنه حال من حيث الإعراب؛ لأن الشيء إذا كان
هاماً فينبغي أن يؤكد؛ فتقول للرجل إذا أردت أن تحثه على الشيء: "يا فلان
عجل عجل عجل" ثلاث مرات؛ والمقصود التوكيد، والحث..

.5 ومنها: أن الهدى من عند الله؛ لقوله تعالى: ( فإما يأتينكم مني هدًى )
فإن
قال قائل: "إنْ" في قوله تعالى: { فإما } لا تدل على الوقوع؛ لأنها ليست
كـ "إذا" ؟ قلنا: نعم، هي لا تدل على الوقوع، لكنها لا تنافيه؛ والواقع يدل
على الوقوع . أنه ما من أمة إلا خلا فيها نذير؛ وممكن أن نقول: في هذه
الصيغة . { فإما يأتينكم } . ما يدل على الوقوع؛ وهو توكيد الفعل..

ويتفرع على هذه الفائدة: أنك لا تسأل الهدى إلا من الله عزّ وجلّ؛ لأنه هو الذي يأتي به..
.6 ومن فوائد الآية: أن من اتبع هدى الله فإنه آمن من بين يديه، ومن خلفه؛ لقوله تعالى:
( فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)
.7 ومنها: أنه لا يتعبد لله إلا بما شرع؛ لقوله تعالى: (فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون )
.8
ومنها: أن من تعبد لله بغير ما شرع فهو على غير هدى؛ فيكون ضالاً كما
شهدت بذلك السنة؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة يقول:
"وشر الأمور محدثاتها؛ وكل محدثة بدعة؛ وكل بدعة ضلالة(82).

[/center]



[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ماريا
*****
*****
ماريا


انثى

الجدي

المشاركات : 3434

العمـر : 28

تعاليق : المشرفة العامة

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-50

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Palest10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Collec10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Riding10

التسجيل : 15/03/2012

النقاط : 4766

التقييم : 325

mms الحب متل الوعـــــــــد لـآ يـــــرد ولآ يــــزول ~




الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11


تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13


تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالأحد يوليو 22, 2012 3:50 pm

[size=24]الله يجعلو في ميزان حسناتك

يسلمو فراشه

يجزيك الخيرر[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالإثنين يوليو 23, 2012 7:40 pm

يسلموو ع مرورك ماريا

مودتي..~
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
غموض$انثى
*****
*****
غموض$انثى


انثى

القوس

المشاركات : 19094

العمـر : 35

تعاليق : مشرف عام

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-19

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Saudi210

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Profes10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Writin10

التسجيل : 20/02/2011

النقاط : 22920

التقييم : 661

رسالة sms من ذآآق الم الفقد يبقى خائفا للأبـــد
mms
الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Shokr10

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Ououoo10

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالثلاثاء يوليو 24, 2012 4:11 pm

بوركت جهودك فراشة ..

لاحرمك الله الاجر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/profile.php?id=100003965153117&ref=t
نورس
*********
*********
نورس


ذكر

العقرب

المشاركات : 30951

العمـر : 93

تعاليق : مؤسس منتدى النورس

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-16

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Doctor10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Unknow11

التسجيل : 09/10/2008

النقاط : 39243

التقييم : 1559

رسالة sms

أنا رجل لم أتعود إلآ لعب

دور البطولة وغير البطولة

لآ أرضى . أنسحب لأترك

ذلك الدور لمن يستحق

وكفى ...

mms تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 6c7ed02fc5


تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالثلاثاء يوليو 24, 2012 6:07 pm

ما شاء الله


يعطيكِ العافية الفرآآشة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفراشة اللامعة
*****
*****
الفراشة اللامعة


انثى

الميزان

المشاركات : 4921

العمـر : 28

تعاليق : مشرفة القسم الأدبي

المزاج : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Pi-ca-21

الدولة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0mhmou10

المهنة : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Studen10

الهواية : تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Painti10

التسجيل : 22/01/2012

النقاط : 6659

التقييم : 187

رسالة sms



لو ڳان ﺎﻟﺈنسان . . [ يستغفر ]
ﺎڳثر مما ﯾشتڳي '
لوجد راحتہ قبل ﺎن يشڳي ..♥️

آستغفر ٱللہ العظيم ۆ آتوب اليہ


الأوسمة
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Hodor-11

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 13447302331

تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Nawraa13



تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله   تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله Emptyالثلاثاء يوليو 24, 2012 8:53 pm

يسلمووو ع المرور الحلووو

ويعطيكم الف عافيه

مودتي..~
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة البقرة / الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات النورس  :: ˚ஐ˚◦{ ♥ القســـم الإسلامــي ♥}◦˚ஐ˚ ::  المنتدى الإسلامي -
انتقل الى: