~الشيوخ الساكتون عن الظلم~ د.صلاح الخالدي

الأحداث الخطيرة الساخنة التي
حدثت في تونس ومصر _والتي تحدث
الآن في بلدان عربية أخرى_ حملت كثيراً من الدلالات والدروس، و "فرزت"
كثيراً من الناس، كما "فرزت" الشيوخ والعلماء، وتم "تصنيفهم" على أساس
موقفهم من هذه الأحداث. ويمكن تقسيم هؤلاء الشيوخ الى قسمين:



القسم
الأول: شيوخ هم العلماء المبادرون الى الخير، الواقفون المواقف
الطيبة، المتفقة مع حقائق القرآن والسنة، السباقون الى نصر الحق،
المنحازون الى الشعوب المضطهدة المظلومة. المنكرون على الطواغيت الظالمين
من الحكام طغيانهم وظلمهم، هؤلاء الشيوخ العلماء كثيرون، وفي مقدمتهم
الامام المجاهد الدكتور يوسف القرضاوي، حفظه الله ورعاه، الذي فهم تلك
الأحداث على حقيقتها ، ونظر اليها بمنظار القرآن والسنة وهدي سلف الامة،
فكان الشيخ القرضاوي في هذا الجانب "سلفياً مجاهداً"، لأن "السلفية

الحقة" هي التي يقف صاحبها السلفي أمام الباطل، وينكر المنكر الأكبر،
ويرفض الظلم والطغيان، وينحاز الى المظلومين. فتحية الى المجاهد الكبير
المبادر السباق يوسف القرضاوي، وتحية الى القطاع الكبير من العلماء
الواعين والفقهاء البصيرين، الذين عرفوا الحق في تلك الأحداث، وانحازوا
الى المظلومين، ووقفوا أمام الظالمين، فهؤلاء العلماء هم الذين يمثلون
حقيقة الاسلام، ويطبقون أوامره الرافضة للظلم والطغيان.





القسم
الثاني: شيوخ هم مجرد شيوخ، لا يفهمون حقيقة الاسلام، الثائرة على
الظلم والطغيان، التي تدعو الى الوقوف أمام الظالمين وتحديهم والانكار
عليهم. التي تمثلها نصوص عديدة، في الكتاب والسنة، وفي مقدمتها الحديث
الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: "سيد الشهداء حمزة
بن عبد المطلب، ورجل قام الى امام ظالم، فأمره ونهاه ، فقتله" !!



هؤلاء الشيوخ سكتوا عن الظالمين،
ولم يلتفتوا الى جماهير المظلومين المستضعفين، واستمروا على سكوتهم سنوات
وسنوات، فلما قام المظلومون المستضعفون يطالبونهم بحقوقهم المشروعة،
وثاروا على الظالمين، وواجهوهم بصدورهم العارية، ورفعوا صوتهم عالياً، ولم
يعتدوا، ولم يفسدوا، ولم يقتلوا أو يسفكوا دماً، وقف هؤلاء "الشيوخ" أمام
هؤلاء المطالبين بحقوقهم، وأفاضوا عليهم "سيلاً" من النصوص والفتاوى
والأحكام، وأوقعوهم في الاثم والحرام، واتهموهم بالعمالة للأجانب
والاعداء..





فهذا شيخ
الازهر ينهى ملايين الجماهير الثائرين من الثورة على الحاكم، الذي
أمرهم الاسلام بطاعته، وحرم عليهم الخروج عليه، وكأن "حسني مبارك" مثل عمر
بن الخطاب او عمر بن العزيز !!





وهذا مفتي السعودية يحرم
التظاهر والخروج على الحاكم، ويتهم ملايين الثائرين بالارتباط
بجهات أجنبية، هدفها نشر الفوضى والفساد في البلاد العربية !



وهذا
"قطب سلفي" في الاردن يحرم التظاهر ضد الظالمين، ويعتبر هذا الفعل
متابعة للشيوعيين !!



بقي
هؤلاء "الشيوخ" سنوات عديدة ساكتين عن الظلم والظالمين "صم
بكم عمي" أمام ما يجري في البلاد فلما قام المظلومون يطالبون بحقوقهم
وقفوا أمامهم، ينكرون عليهم، ويؤثمونهم !!



فأين كانوا ؟ ولماذا لم ينطقوا بكلمة
ضد الظلم؟